موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢١ يوليو / تموز ٢٠٢١

ما أعظم الأمّ والأب!

بقلم :
د. أشرف ناجح عبد الملاك - كولومبيا
ما أعظم الأمّ والأب!

ما أعظم الأمّ والأب!

 

"أنْ تكون"، لا "أنْ تملك"...

صديقي، عليك أنْ تسعى لأنْ "تكون"، لا لأنْ "تملك"؛

فهذه هي القضية: "أنْ تكون"، لا "أنْ تملك".

فكلّ البشر المالكين والمملوكين بامتلاكهم نهايتهم في هذه الدّنيا مع أملاكهم؛

أمّا الأشخاص الكائنة في هذه الحياة فاكتمالها الحقيقيّ هو بعد هذه الحياة،

فآفاق هذه الأرواح المنطلقة أنّه ليس لها آفاق،

وحدودها هي آفاق أرواحها المحلّقة في رحاب الكون.

ومِن بين كلّ ما يمكن أنْ يكونه الإنسانُ على هذه الأرض:

ما أعظم أنْ يكون أمًّا أو أبًا!

 

الأمُّ في محبّتها ورجائها وإيمانها...

في اعتقادنا أنّه كما أنّ كلّ أمّ هي امرأة (أنثى) فهكذا كلّ امرأة (أنثى) هي أمّ،

حتّى وإن كانت عاقرًا، وحتّى وإن لم تتزوّج ولم تنجب، وحتّى وإن كانت بتولًا وعذراء.

فالمرأة هي خليفة "حَوَّاء"، "أُمّ كُلِّ حَيّ" (تك 3/ 20)؛

فهي حياة تنبض حياة،

ومنفتحة ومستعدّة دائمًا أن تقبل الحياة وتلدها، إنْ وجدت المناخ المناسب لذلك.  

الأمّ هي الكائن الحي على الكرة الأرضيّة الذي يعطي ذاته،

وليس إلّا ذاته؛

ويحبّ من ذاته،

ولكن ليس من أجل ذاته.

إنّ الأمّ– كلّ امرأة– محبّتها سماويّة فائقة الطبيعة،

ورجاؤها صادق نقي،

وإيمانها متجرّد عاري.

 

الأبُ في صمته وشجاعته...

إنَّ الأب– حتّى في صمته– يلقّن دروسًا عديدة وثمينة في الحياة،

ويعلّم أوّل ما يعلّم أنَّ الحياة خبرة قبل أنْ تكون فكرًا،

وأنَّها عمل قبل أَنْ تكون قولًا.

الأب كذكر هو نتاج المرأة كأنثى، فهو يخرج من رَحِمها،

ولكنَّ المرأة (الأنثى) بدون الأب لا يمكنها أنْ توجد،

وبدون الرجل (الذكر) لا يُتاح لها أنْ تفيض بالحياة.

كينونة الأب ووجوده يعتمدان على مجيء الأبناء والبنات ووجودهم،

ولكن بدون الأب لا وجود للأبناء والبنات.

إنَّ عالم اليوم في احتياج شديد للغاية لأباء صالحين وحقيقيّين،

إنّهم– بالرغم من أخطائهم ونقائصهم وتقصيراتهم– صورةٌ مُصغَّرَةٌ لأبوّة الله السماويّة،

وهم رجاء الخليقة ومستقبلها.

فهل مِن شجاع ومغامر قد استجاب أو ينوي الاستجابة لنداء الله– مصدر كلّ أبوّة صالحة وحقيقيّة؟