موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٣ مارس / آذار ٢٠٢٣

ماذا أفعل الآن؟ لأني أنا الوكيل الخائن

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
ماذا أفعل الآن؟ لأني أنا الوكيل الخائن

ماذا أفعل الآن؟ لأني أنا الوكيل الخائن

 

إنجيل القديس لوقا في الفصل (١٦: ١-١٣) يحدّثنا عن الوكيل الخائن، فمن هو الوكيل الخائن؟

 

الوكيل الخائن رجل محتال لا يعرف النّزاهة، بذَّرَ أموال سيّده الّذي أراد أن يصرفه من الخدمة. ولم يسعى إلى تبرير نفسه وأخطائه ولم يستسلم أبداً لتصرفاته، بل وجد حلًّا لمشكلته مقرًّا بمحدوديّته قائلاً: "أنا لا أقوى على الفلاحة، وأخجل بالاستعطاء". بعد أن رجع إلى ذاتِهِ، سأل نفسه: "ماذا أعملُ اذا نُزِعتُ عن الوكالة؟" فتصرّف بمكر وغباوه ودهاء، ملحقاً الضّرر مرّة ثانية وجديدة من نوعها بسيّده. فدعا مُديني سيّده وقلّص الدّيون المتوجّبة عليهم ليصيروا أصدقاءه فيحبوه ويكافئوه ويقدموا له كل الإحترام والوقار والتقدير. كل هذا يعني أنه صنع الأصدقاء له  بواسطة المال الحرام بالفساد والغش، كما تجري العادة اليوم وللأسف في كل مكان.

 

يسوع قدّم لنا هذا المثل لا ليدعونا إلى عدم النّزاهة والغش وسوء التصرف، بل إلى الأمانة والحكمة والفطنةِ والمعاملة الحسنة والطيبة مع الآخرين وخاصةً البسطاء والمتعبين. فيقول الرّبّ الرب يسوع : "فأثنى السّيّد على الوكيل الخائن".

 

بهذه القوة من الحكمة والذّكاء تسمح لنا بتخطّي الأوضاع الصّعبة والحرجة. ويتابع الرّبّ ويقول لتلاميذه في نهاية المثل: "اتّخذوا لكم أصدقاء بالمال الحرام، حتّى إذا فُقِدَ قَبِولُكم في المساكن الأبديّة". إنّ الغنى والمال، ومع الأسف الشديد، يحملان الإنسان على بناء الجدران ، وخلق الانقسامات والتّمييز والغش والخبثنه والأنانية. بيد أنّ يسوع يدعو تلاميذه إلى قلب هذه المعادلة. فيطلب منهم أن يكونوا أصدقاء المال.

 

ماذا يعني أصدقاء المال الذي يدعو إليه يسوع؟

 

هي دعوة إلى تحويل المال والغنى المادّيّ إلى علاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان، لأنّ الأشخاص، أقرباء كانوا أم أصدقاء، هم أثمن من الغنى والأملاك، أغنى من الشهرة والجاه. أعظم من الكِبرياء والجعرفة وحب الذات والأنانية، إنّ الأشخاص المثمرين في الحياة، ليسوا أصحاب الأموال الكثيرة، بل من يعرفون كيف يعيشون يبنون علاقات الصّداقة والأخوّة مع إخوتهم من خلال مساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضى والمشردين واللاجئين بأموالهم ومحبتهم وعنايتهم.

 

نعم، هؤلاء من سيقبلوننا في الفردوس والنعيم السماويّ، إذا عرفنا كيف نحوّل الغنى إلى أدوات للأخوة الإنسانية بالتّعاضد والمساعدة، هم أيضًا وبالتأكيد الأشخاصُ الّذين نتقاسم معهم الخير، ونخدمهم بما أنعم الرّبّ علينا من نعم وعطايا ووضعه بين أيدينا.

 

ماذا أفعل الآن؟

 

إن هذه المثل من الإنجيل المُقدّس يطلب منّا أن نطرح على أنفسنا السّؤال التّالي: "ماذا أفعل الآن؟" مبيّناً لنا أنّه: "إزاء إخفاقاتنا وفشلنا، يقول لنا الرّبّ إنّه باستطاعتنا دائماً أن نصحّح الأمور والأخطاء، وأن نعوّض على الشّرور الّتي ارتكبناها بأعمال الخير والرحمّة. أن نُفرّح من أبكيناه ونعطي من حرمناه من محبتنا ومن اي شيء كان معنوياً ومادياً. وإذا فعلنا ذلك بالمحبّة، من خلال مساعدة الآخرين، يُثني علينا الله لأنّنا تصرّفنا بفطنةٍ وذكاء وبحكمة، لأنَّ من يعتبر نفسه إبناً لله، يضع نفسه في  ملكوت السّماوات".