موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٠ أغسطس / آب ٢٠٢٣

لحظة الشفاء

بقلم :
الأخت فاتن حبايبة
"ما أعظم إيمانكِ أيتها المرأة " (متى ١٥: ٢١-٢٨)

"ما أعظم إيمانكِ أيتها المرأة " (متى ١٥: ٢١-٢٨)

 

المرأة الكنعانيّة تصيح "رحماك يا رب، يا ابن داوود"

 

المرأة الكنعانيّة تصِف حالة ابنتها: "إنّ ابنتي يتخبطها الشيطان تخبُّطًا شديدًا"

 

أمّا يسوع فلم يُجِب بكلمة. لماذا يا رب لَم تُجِبها بكلمة؟! أنتَ تعلَم أنَّ كلمتَكَ تشفي، فقد استَجبتَ لصُراخ أعمى أريحا ووقفتَ وأمرتَ بأن يُقدَّم إليك رغم انتهار الجموع لهُ وكانت كلمتُكَ لهُ بأن يُبصِر (لوقا ١٨: ٣٦-٤٣). وعندما وصَفَ كسيح بِركَة بيت حِسدا حالتَهُ لكَ "يا سيّد ليس لي إنسان يُلقيني في البِركَة متى تحرَّكَ الماء، بل بينما أنا آتٍ ينزِل قُدّامي آخَر "قُلتَ لهُ: قُم احمِل سريرَكَ وامشِ" (يوحنا ٥: ٢-٩). وتلكَ المرأةُ الكنعانيّة (الوثنيّة) تتبعُكَ والتلاميذ بصياحِها إلى دَرجَة أن يتوسَّل التلاميذ إليك بأن تصرِفها، فأجبتَهُم بأنّكَ لم تُرسَل إلّا إلى الخراف الضالّة من آل اسرائيل. إلى أن اقتَرَبت منكَ وسجدَت، وكأنّكَ تنتظِرُ أن تتخطّى تلكَ المرأة بُعدَها عنكَ بنظرَتِها لذاتِها بأنّها كنعانيّة وليست يهوديّة.

 

وها هي يا سيّد جاثية أمامك قائلة: "أغثني يا رب"، وأيضًا أجبتَها بأنّهُ لا يُحسَن أن يُؤخَذ خُبز البنين فيُلقى إلى صغار الكلاب. ها إنّها أمامكَ تُواجِه حقيقة أنّها وثنيّة، وتِلكَ الحقيقة وهذا الوصف الذي وصفتَهُ لها، بإيمانِها جَعلَتهُ تلكَ المرأة أساسًا لنيلِ نعمة شفاء ابنتِها بقولها "فصغار الكلاب نفسُها تأكل من الفُتات الذي يتساقط عن موائد أصحابها". إيمانُها بأنّها تستحِق نيل نعمتَك التي تفيض على البشريّة أجمع وأمام التلاميذ أعلَنتَ عن ذلكَ قائلاً: "ما أعظم إيمانك أيتُها المرأة، فليكُن لكِ ما تُريدين"، فشُفيت ابنتُها في تلكَ الساعة.

 

فمَن يصرُخ بعدَ الآن ولا مِن مُجيب، ومَن يستنجِد بعد الآن ولا مِن مُعين، ومَن يقِف بعد الآن قيدَ الضُعف وعدم الاستحقاق أمام قوّة الإيمان. فبقوّة الإيمان تُعلَن كلمةُ الرب، وبقوّة الإيمان يُخبِرك الرب بأنّ ما تُريدُهُ أنت بإيمانك سأُحَقِّقهُ لكَ بمشيئَتي القُدّوسَة آمين.