موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
هل تَبحث عن الأعاجيب والمعجزات لتؤمن؟ هل تبحث عن علامات ملموسة لتصِل إلى العلامات غير الملموسة؟ هل تَبحث عن قوّة خارجيّة لتَدعم بها قوّتك الداخلية؟
إخوتي أخواتي نحن نَعكِس المُعادلة؛ فتاريخ الكنيسة يُؤكِّد لنا بأنّ الأعاجيب والمعجزات هي من نتائج الإيمان، وبأنّ عَمل يسوع المسيح يَلمس ويُغيِّر ويُحرِّر القلوب قبل كل شيء لتصير أكثر شبهاً بحقيقتها المخلوقة على صورة الله ومثاله، وبأنّ قوّة المسيحيين الداخلية تَظهر بثباتِهم وفرحهِم وتُدهش الكثيرين وتُؤثِّر عليهم.
دعونا نُبسِّط الأمور لنُفكِّر معًا، كيف لنا نحن البشر أن نَجد ثمر التفاح مثلاً لنأكلَهُ إن لم نزرع أو يقم أحدَهم بزراعة بذور شجر التفاح؟ كيف لنا أن نَجد خُبزاً لنأكلَهُ إن لم نَحصُد حقول القمح ونطحَنه ونَخبزهُ ليُصبح خبزاً؟ ونحن لا نتوقف على هذا فقط بل نُدخِل التفاح والطحين بمُنتجات كثيرة وإبداعات متنوعة فيأخذ أشكالاً عديدة ولكن الأصل واحد وهو الزراعة لولاها لما أنتجنا شيئًا. وهكذا حياتنا الروحية وما نَنتظر حدوثَهُ أو لمسَهُ أو تَحقيقهُ لا يُمكن أن يَظهر بدون علاقة حيّة مع الله إذ يقول لنا يسوع المسيح: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، فمن ثَبت فيّ وثبتُّ فيه فذاك الذي يُثمر ثمرا كثيرا لأنكم بِمعزلٍ، عنّي لا تستطيعون أن تعملوا شيئا" (يوحنا 15: 5).
فمن المُهم أن نَصِل لهذه القناعة الإيمانية والإدراك العميق كي لا نَتشتَّت بأسئلة وانتظارات نتناقلها ونزرعها بعقول أبنائِنا وأجيالنا فتَستمر تلك الحلقة المُفرغَة دون إجابات. لنعود معا إلى البداية وهي الزراعة اسمَح للرب أن يَزرع فيك كلمتَهُ الإلهيّة، تَوقَّف عن فرض مَنطقِك البشري أو تَردُّدك أو شكِّك... فجميعها تَجعل أرضكَ غير أهلاً للزراعة ونمو الثمار، أحبِب الله واحفظ كلمتَهُ الإلهيّة فهي كنز حياتك. لا تَضطَّرِب أبداً لأنك ستُثمِر نعم ستُثمِر طالما أنّك تَمسكّتَ بالله وبكلمتِهِ المقدّسة.
سترى ذلك بنفسك، بقناعاتك وكلامك وأفعالك، بثباتك وشغفك للمزيد والمزيد من الاهتمام بكل ما يجعلها تنمو وتُثمر، بصلاتك والتزامك بالفعاليات الرعوية، بمُسامحتك، واشتراكك بالقداس الإلهي، وتقدُّمك من سرّي المناولة والاعتراف، بمؤاساتك للآخرين، للحزين والمتألم، ومُساندتك للمحتاج، بسلامك الداخلي، ومحبة الناس لك، بنجاحاتِك، كُلّها ستَظهر، فاهتم بذلك واتّخذها رسالتَك، وعندما تَحصُل على الثمر (لنعود إلى مثال التفاح والقمح) سيكون بيدِك ما سَتتمكّن بهِ أن تُبدع وتُؤثِّر وتُعطي وتنال، والأعظم اختباراتِك المُدهشة لصداقة الله وعمل روحِه القدّوس فيك، فابدأ الآن وعلِّم ذلك لأبنائك ومُجتمعك. فهذا ما عاشَهُ و نقلَهُ لنا القديسون، فالقديس أغسطينوس بحث طويلا عن الله إلى أن أدرك قائلا: "بحثتُ عنك خارج نفسي، بينما أنت تَسكُن أعماقي"، "عندما أَحببتُك أَمسكتَ بي بقوّة لا توصف، ولم أعُد أرغب في الإنفصال عنكَ أبداً". آمين.