موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ربما من أكثر الكلمات التي أصبحنا نتداولها هذه الأيام هي "كورونا". وعلى الرغم من الأثر السيء الذي تتركه في عقولنا إلا أنّ الكلمة بحدّ ذاتها تحمل معنى جميلاً "الإكليل".
إذا رجعنا إلى التاريخ نرى أنّ الكورونا (الإكليل) كان لها أهمية بالنسبة للشعوب القديمة، مثلا اليونان كانوا يستعملونها علامة للإنتصار فيضعون إكليلاً من الغار على رؤوس جنودهم. أمّا الأزواج فإكليلٌ من الورد وغير ذلك من استعمالات. إلى حين وصلت إلينا نحن المسيحين وأخذت معنى سامي ومقدس يفوق الطبيعة وهو "إكليل الشوك" الذي تُوّج به فادينا ومخلّصنا يسوع المسيح. إكليل الشوك الذي انغرس في رأس المخلّص والذي سالت دماه حتى روت الأرض من أجلنا نحن البشر المخلوقين على صورة الله ومثاله.
واليوم في 2020 ينتشر في العالم هذا الوباء القاتل الفتّاك المعروف بالكورونا. والذي إلى اليوم لم يستطع العلماء أن يجدوا له علاجًا مئة بالمئة.
كورونا (إكليل الشوك) الذي انغمس في رأس يسوع المسيح ليموت من أجلنا كما تموت حبة الحنطة في الأرض لتُخرِج حبًا كثيرًا. هذا الموت موت الصليب بل موت الخلاص جعلنا نولد من جديد وأعطانا الحياة. يقول لنا: أيها الإنسان لا تخف أن تقوم وتنطلق لتثمر ثلاثين وستين ومئة. كورونا اليوم هي ليست للخلاص بل هي للموت لتقضي على البشرية، فهل نستطيع ان نتخلّص من هذا الوباء وان نقضي عليه؟
نعم نستطيع القضاء عليه من خلال الإلتزام بالقوانين التي تفرضها الدولة والبقاء بالبيت وأخذ الحيطة والحذر. من المؤكّد بأنها فترة صعبة، لكن لننظر إليها بزاوية أخرى لنراها فرصة علينا أن نستفيد منها ولعلّ أهم ما نستطيع القيام به هو الإتحاد الكامل بمن تكلّل بإكليل الشوك من أجلي والإتحاد الكامل مع بعضنا البعض كعائلة واحدة. لنحوّل بيوتنا إلى كنائس صغيرة يحضر المسيح بيننا ويغيّرنا بصليبه المقدس وكلمته الحيّة. لنتّحد كل يوم في الساعة الثالثة -التي تذكّرنا بموت المسيح- بالسجود الفعلي والحقيقي لهذا العمل الخلاصي، ولنصلّي مسبحة الرحمة الإلهية مستذكرين الآمه المقدسة وجرحاته الخمس والدم الزكي الذي سُكب لأجل خلاصنا سائلين الرب الرحمة والحماية والسلام لقلوبنا وعائلاتنا والعالم أجمع.
لنتكلّل اليوم بكورونا المحبة والسلام واللطف والعطف والفرح.. على هذه الأرض لنختم مسيرتنا مكلّلين بكورونا القيامة، بإكليل المجد في السماء أمام الثالوث الأقدس ومريم العذراء والدة الله والملائكة والقديسين.