موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٦ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٤

كتاب التكليف السامي.. برنامج عمل حقيقي

بقلم :
طارق صالح خليل حجازين - الأردن
طارق صالح حجازين، عمّان – الأردن

طارق صالح حجازين، عمّان – الأردن

 

وجّه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كتاب التكليف السامي إلى دولة الدكتور جعفر حسان لتعيينه رئيسًا للوزراء بعد الإنتخابات النيابية التي أجريت قبل أيام وتعتبر استحقاقًا دستوريًا، وكانت نتائجها قد دشنت مسيرةً جديده من العمل السياسي أتى على وتيرة اصلاحاتٍ مدروسة وبنيت على أسسٍ واسعة الأطر من اللجنة الملكية خاصةً ونحن قد دخلنا ابواب المؤية الثانية للدولة الأردنية. ومن خلال القراءة التحليلية لكتاب التكليف السامي سأقوم في هذا المقال  بالتركيز على حول نقاط معينة ولكنها لا تشمل كلّ ما جاء فيه.

 

فمَن يقراء كتاب التكليف الذي جاء مُفصلاً على غير العادة يرى إنعكاساً كاملاً لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني نحو استقرار الأردن وتحقيق المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في ظل تحديات إقليمية ودولية كبيرة تواجه المملكة، مما يضع أمام الحكومة الجديدة مسؤوليات جسيمة على كافة الاصعدة يتمحور بعضها حول تحسين الاقتصاد ومكافحة البطالة وجذب الاستثمارات الاقليمية والدولية والتركيز على ملفات الامن الغذائي والمائي وتمكين المرأه والاجهزة الأمنية والجيش والتعليم والإهتمام بالقطاعات الإقتصادية المختلفة مثل النقل والمياه والزراعه والصناعة... إلخ، والتركيز على النمو في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث جاء كتاب التكليف ليكون برنامج عمل تفصيلي ويتوجب إعاده جدولته زمنياً وهذه وظيفة الحكومة الجديدة.

 

فهل ستستطيع الحكومة الجديده تحقيق كل هذا؟ سؤالي ليس تشكيكًا لكنه سؤال يراود كل مراقبٍ للأوضاع العامة، فهل سيعمل الفريق الوزاري على وتيرة واحدة مع البرلمان في ظل المعطيات الصعبة التي يعيشها الأردن على الصعيدين الداخلي والخارجي؟ خاصةً ان المجلس النيابي الجديد يشكل التركيبة السياسية الحقيقية للشارع الأردني بالاضافة لوجود أحزاب برامجية يقف خلفها استشاريين مختصين، وهذا يتطلب من الحكومة أن تعمل بوضوحٍ وجديّة مع المجلس الجديد وبنوع من الاحتواء والتشاركية، أي من المتوقع ألا نجد تناغماً كبيراً بينهما خاصة في المحطات الأولى من عمر الحكومة والمجلس في ظلِ وجود تحالفاتٍ قوية في البرلمان.

 

جاء الجواب على ذلك السؤال في كتاب جلالة الملك للرئيس الجديد حيث طالب بصريحِ العبارة أن يُحدِد الفريق الوزاري الجديد أهدافاً ومهاماً واضحة على ان تكون قابلة للقياس والتقييم في كل مرحلة، مؤكدًا للرئيس الجديد أيضًا أن يكون فريقه الوزاري "فريق ميدان" لا مكاتب حيث يُنتظر منهم إصلاحات تخص القطاع العام لزيادة فعاليته من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة وضرورة الاستمرار في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، والعمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وتجذير العمل السياسي بل والحفاظ عليه وكل هذا ياتي من خلال المتابعة اليومية والدورية على ارض الميدان في المؤسسات والمديريات والالتقاء المباشر بالمواطنين وايجاد حلول لكافة المشاكل وبسرعه فائقة، أي بطريقةٍ ديناميكية تعتمد على التحرك السريع وترك حالة السكون والأبتعاد عن البيروقراطية الجامدة فمن خلال ذلك يؤسس جلالته بصفته راس السلطات "ومنها التنفيذية" عملا حكوميًا بنموذج اداري جديد يتعامل مع التغيرات والظروف والمشاكل بمرونة ورشاقة أكثر لنصل الى الإصلاح الإداري والمؤسسي المنشود والذي ياتي تطبيقاً للرؤية الملكية.

 

ومن نظرة اخرى الى صيغة كتاب التكليف السامي تشعر انه اعتمد بشكل كبيرة على الرؤية الملكية التي صاغها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم قبل سنوات من خلال الأوراق النقاشية التي تناولت مختلف المجالات بهدف تأسيس خريطة طريق واضحة للإصلاح الشامل وتحفيز الحوار الوطني حول مسيرة التحول الديمقراطي التي يمر بها الاردن وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار وادامة الزخم البناء حول عملية الاصلاح الحقيقي، لذا ربما تكون المرحلة القادمة ايضا هي برمجة فعلية لما جاء في الاوراق النقاشية وهذا ما نراه فعليا على ارض الواقع ونتطلع اليه كمواطنين لان جلالة الملك يمتلك رؤيةً استشرافية على المستقبل ويتشارك معه الشعب في هذه الرؤية أيضًا.

 

المرحلة القادمة لن تكون سهلة على الحكومة والبرلمان نتيجة التحديات الداخلية والمحيطة وقد يحتاج كلاهما الى الحكمة الادارية والحنكة السياسية بالتعامل مع مختلف الملفات وان يؤطر كلاهما العمل السياسي والاقتصادي ضمن برامج واضحة و مدروسة وتقدم للاردنيين على شكل نتائج ملموسة حتى يشعر الجميع بنتائج الاصلاح الشامل الذي نادت به الدولة منذ سنوات.

 

المزيد من طارق صالح خليل حجازين - الأردن

كتاب التكليف السامي.. برنامج عمل حقيقي