موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٤ مايو / أيار ٢٠١٤

قداسة البابا أهلا وسهلا بكم في عمان مهد الانسان

بقلم :
د. عدلي قندح

العالم بأسره يتابع معنا يا قداسة البابا زيارتكم المباركة لارضنا المقدسة الاردن بلد الاردنيين الاحرار، أرض الهاشميين الكبار، أرض التواضع والمحبة والعيش المشترك ، ارض الحوار والسلام والانبياء والارث الانساني العظيم. أهلا بكم قداسة البابا على أرضنا التي احتضن ترابها حضارات عظيمة منذ أن سار الانسان على ظهر كوكبنا الارض. قداسة البابا، نحن أهل هذا التراب، نشأنا وتربينا على ضفاف نهر الاردن المقدسة، حيث شهد الانسان مولد الزمان، وحياتنا ارتبطت وجبلت بمياه وتراب هذا الوطن ارتباط شجر الزيتون والبلوط والسنديان بالارض. انها أرض أبونا آدم وجدنا ابراهيم ونبي الله موسى وارض معراج النبي محمد عليهم الصلاة والسلام اجمعين. ومن هنا كتبت التوراة والانجيل ، ومن هنا انطلقت أعمال الرسل لتصل الى روما مقر اقامتكم. ومن هواء هذه الارض ارسلت رسالة السماء التي حملها سيدنا يسوع المسيح الى أربع جهات الارض. ونعتز أيضا برسالة عمان وليدة الفكرة الهاشمية التي انطلقت في شهر تشرين الثاني عام 2004 للتوعية بجوهر الدين الإسلامي الحنيف وحقيقته، الذي قدم للمجتمع الإنساني أنصع صور العدل والاعتدال وقبول الآخر ورفض التعصب والانغلاق. قداسة البابا، بزيارتكم لنا نعلن للعالم أجمع، من تلال قرانا وهضاب بوادينا وسهول اريافنا وشوارع مدننا وأزقة مخيماتنا، فنقول: أن أبواب بيوتنا وأردننا مفتوحة للعالم أجمع فأهلا بكم ضيوفا أعزاء مكرمين. ان زيارتكم يا قداسة البابا خطوة مهمة على طريق ترسيخ أواصر الإخاء والمحبة والعيش المشترك بين ابناء الاردن والوطن العربي والعالم من مسلمين ومسيحيين وغيرهم من الاديان، وتعزيز رسالة السلام، التي تدعو لها جميع الأديان السماوية. قداسة البابا، كما تعلمون فان حوض نهر الاردن منذ قديم الزمان كانت تحكمها هوية سياسية واحدة على مر العصور والازمان التي خلت، ولم تتشكل الدول القطرية في حوضه لتصبح دولا متشاطئة الا بعد الحرب العالمية الاولى بعد أن ورثت بريطانيا وفرنسا تركة الامبراطورية العثمانية التي أفل نجمها فظرهت الدول الحديثة وهي الاردن وسوريا ولبنان وفلسطين كهويات سياسية مستقلة الى أن أنشئت اسرائيل على القسم الاكبر من أرض فلسطين عام 1948 فبدأت الصراعات منذ ذلك الحين الى أن وصلنا الى الحال الذي تعرفون، ولم يعرف العالم ظلما كما عرف أهل فلسطين، واصبحت أرض السلام أرض للخصام والظلم وعانينا من حروب ساخنة وأخرى باردة وفاترة نتيجة لتجاهل العالم للاعراف والاتفاقيات والقرارات الدولية. قداسة البابا نناشدكم باسم من تحملون أرثة أن تبذلوا ما بوسعكم من جهد لازالة الظلم عن من يعانون من الظلم على هذه الارض. قداسة البابا، تعلمون أن أهل هذه البلاد كانوا يسعون للسلام وقد قضى عدد من ملوك اردننا العزيز شهداء ومناضلين من أجل السلام، ومنذ أن أعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني عرش الاردن لم يألُ جهدا في السعي نحو السلام. ولطالما نبه جلالته لضرورة اقتناص الفرصة الأخيرة في السعي نحو السلام في زمن الخطر. ونحن نعلم يا قداسة البابا كم يحب العالم الاردن أرضاً وشعباً وقيادة ملكاً وأسرة هاشمية، ونقدر حجم الدعم الدولي لنا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فاقتصادنا عانى ويعاني كثيرا نتيجة الازمات والصراعات المتعاقبة الى مرت على هذا الكوكب والمنطقة، وساهم الاردن ويساهم في تخفيف العبء الانساني الذي ورثه الانسان العالمي نتيجة لهذه الصراعات، وقد آن الاوان لأن يقدر العالم الاردن تقديراً مختلفاً. مبادرات ومقترحات وقرارات عديدة ظهرت وستظهر لترد لانساننا الاردن بعض ما قدم. ونأمل من قداستكم استمرار دعم هذه المبادرات وتلك التي ستظهر في كافة المحافل والمنابر الدولية. قداسة البابا، لقد سمحنا بأن تكون جرأة الامل كبيرة لدينا من جراء نمو العلاقة بين مملكتنا الحبيبة ودولة الفاتيكان، ونأمل أن تتوج هذه العلاقة الحميمة باتفاقيات تعاون مشتركة على كافة الاصعدة الدينية والحوارية والثقافة وغيرها الكثير لتصل بنا الى أنماط جديدة من التعاون لنصبح أنموذجا للعالم باسره. فشعوب العالم سأمت من الخلافات والنزاعات ونفرت من الصدمات. أيماننا كبير ومشترك ومتجذر ونعول على نبل روحكم وشهامة نفسكم ونعاهدكم ونعاهد انفسنا بعدم الاستسلام للخوف والصراعات والتطرف وندعو الجميع الى العمل بقوة لاحداث تغيير ايجابي في عقول الاجيال التي ستقود العالم في السنوات المقبلة لنزرع فيها بذور الخير والحب والسلام وخاصة في تلك الفئة التي تحتاجها. قداسة البابا، ان نهج الاعتدال الذي يتبناه الاردن منذ جبلته يدي بارئ الاكوان بحاجة لأيدي شجاعة أيدي تؤمن بالسلام، أيدٍ نقية كايديكم تشد على ايديه. فقادتنا الهاشميون قادوا بلادنا حاملون نهج الاعتدال والسلام والانفتاح والوسطية فاذا لم يكن هنالك أمل لقوى الاعتدال فستسمر الصراعات بصورة ابدية وسيعاني منها العالم أجمع. قداسة البابا، أهلا بكم في أردننا الغالي، هذا الجسر العتيق، ذو القيمة الفريدة، وحامل ارث التراث الانساني والروحي، حامل رسالة الحرية والتعددية والحياة المشتركة. قداسة البابا، نحبكم ونقول لكم: قدمتم أهلا ووطئتم سهلا.