موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تم مؤخراً إطلاق كتاب "المسيحية العربية والمشرقية: دراسة تاريخية" لمؤلفه الأرشمندريت أغابيوس أبي سعدى، وذلك تحت رعاية الدكتور إيهاب بسيسو، وزير الثقافة الفلسطيني. وجاء هذا الحدث بمبادرة من رعاة كنائس بيت ساحور ومكتبة يسوع الملك. علماً بأن الكتاب كان قد تم إطلاقه في عمّان في العام الماضي وذلك تحت الرعاية السامية لصاحب السمو الأمير الهاشمي الحسن بن طلال، الذي قدم للكتاب وأشاد بكاتبه وبجرأته في طرح العديد من المواضيع المهمة. وكتب الأمير الحسن في تقديمه للكتاب أنه يأتي "في وقت نحن في أمس الحاجة فيه إلى المزيد من البحث المعمق والجاد في التاريخ العربي المسيحي". وأضاف الأمير: "يبين الكتاب بجلاء عروبة المسيحيين... إن العرب المسيحيين ليسوا أغراباً عن المجتمع الإسلامي في بلادهم، وهو المجتمع الذي اشتركوا في تاريخه وأسهموا في حضارته ومدنيته، مادياً ومعنوياً... لا يدور السؤال الآن حول مستقبل المسيحيين العرب، وإنما العرب جميعاً ومصيرهم المشترك". الكتاب عبارة عن دراسة تاريخية عن المسيحية العربية المشرقية من سنة 30 ميلادية حتى يومنا، وذلك في 510 صفحات. قدم للكتاب كل من الكاردينال ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية، وسمو الأمير الحسن بن طلال. ومن الأسباب التي دعت الأب أغابيوس إلى كتابة هذا الكتاب أنه لم يُكتب الكثير عن التاريخ العربي المسيحي، فهناك طمس للتاريخ العربي المسيحي في كتب التاريخ والمناهج المدرسية والجامعية وحتى في الدراما العربية. والتركيز يأتي على التاريخ الإسلامي على حساب ما جرى من أحداث في الفترة التي سبقت الإسلام. فمن الضروري تسليط الضوء على المسيحية العربية وإبراز دورها وهوية المسيحيين العرب والمشرقيين. أما الهدف من الكتاب فهو دعوة المسيحيين إلى قراءة تاريخهم والتركيز على الأمور المشتركة الكثيرة بين المسلمين والمسيحيين. بالإضافة إلى التعريف بدور المسيحية في نهضة العرب وترقية الفكر والآداب العربية وواقع وحاضر المسيحية الآن ومعاناتها وسط مجتمع مشرقي عربي تسوده المرجعية الدينية. وواقع الحال يقول أن المسيحيون يشعرون أنهم مهمشون في الوطن العربي، ويُعتبرون أقلية ومكوناً ليس ضرورياً. ومن ناحية أخرى فالمسيحيين أنفسهم يهمشون أنفسهم ويتقوقعون على ذاتهم كرد فعل طبيعي لما يجري من أحداث أليمة. أما الكاتب فكله إيمان بأن المسلمين والمسيحيين بإمكانهم العيش جنباً إلى جنب من دون أن يلغي الواحد للآخر. ويقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام رئيسية. القسم الأول يتحدث عن الوجود المسيحي من العنصرة حتى ظهور الإسلام (30-610). أما القسم الثاني فيركز على المسيحيين في ظل الإسلام الديني والسياسي (610-1917)، أما القسم الأخير فيتحدث عن مسيحيي الشرق في الحقبة الحديثة والمعاصرة (القرنان 20-21). يختم الكاتب كتابه بآية من الكتاب المقدس: "أنتم نور العالم" متى 5، 14. فركز الكاتب على أهمية عدم الخوف من الحاضر والمستقبل وعدم التقوقع. فكتب: "أمام هذا التاريخ الطويل، القاتم مرةً والنير مرات، يبقى علينا نحن أبناء القيامة والرجاء الحي أن نتسلح بالصبر والشجاعة لنحقق الآمال العراض التي بناها السيد المسيح على كنيسته: أنتم نور العالم". أما الأرشمندريت أغابيوس فهو من مواليد بيت ساحور. شابٌ راهبٌ وكاهن من كهنة الروم الملكيين الكاثوليك، ومن عائلة أبي سعدى التي تحمل إرثاً غزيراً على الصعيدين الكنسي والوطني. وقد ساهم الفيض الفكري لشابنا هذا في إحداث نهضة فكرية وروحية وثقافية في فلسطين والمشرق العربي. نعم ولم لا؟ فهو ابن الرعاة الذين انطلقوا من بيت ساحور إلى ربوع الأرض مبشرين بولادة يسوع المسيح المخلص. فحمل هؤلاء الرسالة في الماضي، كما حملها من بعدهم الكثيرين من أجدادنا. ونخص بالذكر المثلث الرحمات المطران والأديب جبرائيل أبي سعدى، أول مطران فلسطيني، وباني نهضة الروم الملكيين الكاثوليك في فلسطين والذي ساهم في الارتقاء الروحي والثقافي والأدبي والعمراني لمدينة بيت ساحور وأهلها. واستطاع الأب أغابيوس أن يكسب محبة الناس التي أحبت مواعظه وصوته الشذي وتعمقه في الاهوت والكتاب المقدس. وقد حصل على البكالوريوس في الفلسفة واللاهوت من جامعة الروح القدس في بيروت، فيما حصل على شهادة الماجستير في موضوع لاهوت الكتاب المقدس من جامعة غريغوريونا في روما، وسيتعد لنيل شهادة الدكتوراة من لبنان. كما أن له أعمال موسيقية بيزنطية متعددة. ومن مؤلفات الأب أغابيوس الأكاديمية واللاهوتية نذكر: كتاب "مريم، المرأة الملتحفة بالشمس"، كتاب: "ليتورجيا القدّاس الإلهي بين اللاهوت والرمزية". كتاب"شذرات روحية". كتاب" عطش الله.- دراسة في الشخصيات اليوحنّاوية". كتاب" النسر المحلق.- دراسة في لاهوت الإنجيل الرابع"، بالإضافة إلى كتابه هذا الأخير " المسيحية العربية والمشرقية- دراسة تاريخية".