موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تحتفل أمنا الكنيسة الجامعة في الثاني من شباط من كل عام، بعيد تقدمة الرب إلى الهيكل، لتذكرنا بواجب تقديم ذواتنا بكل سخاء وعطاء وحب، على مثال أمنا البتول، والتي لقبها قداسة البابا في رسالته:" باب الايمان " ب" المؤمنة العظيمة"، التي قالت نعم عند البشارة،" ليكن لي حسب قولك"، والتي فتحت لنا باب السماء، وبايمانها تفتح لنا سبل الايمان، هي التي قدمت وحيدها لهيكل الرب، فحمله سمعان الشيخ، وبارك الرب وقال: "الآن أطلق يا رب عبدك بسلام، فقد رأت عيناي خلاصك". وعلى مثال الكاهن الأعظم الذي بذل ذاته على خشبة العار، من اجل خلاصنا. عيد تقدمة الرب إلى الهيكل هذه السنة مميز، لان هذه السنة كما نعلم، قد دعاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر،" سنة الإيمان"، أي سنة المرور من الإيمان التقليدي إلى الإيمان الشخصي البالغ. دعونا نتأمل معا في قيمة ومعنى التقدمة في حياة كل واحد منا، في هذا النهار المبارك، مع عيد تقدمة الرب، "تقدمة الذات"، "بمعنى اصح: "بذل الذات" على مثال معلمنا، خاصة في هذه السنة المباركة، المخصصة للتعمق في جذوري إيماننا، على مثال مؤسستنا الطوباوية ماري الفونسين، مؤسسة رهبنة الوردية المقدسة، ودعونا نصلي أيضا، من اجل الدعوات الكهنوتية والرهبانية في هذه السنة المخصصة للعودة إلى جذور إيماننا المبني على صخرة الرسل وايمانهم وايمان رسول الامم. لنعد الى العمق ولنسأل انفسنا، ماذا يعني لي انا " فلان" بذل الذات؟ نتساءل ! ندخل في حوار مع ذواتنا، ولو لبرهة قليلة، ماذا يعني لي بذل الذات؟ - تقديمها لله كاملة، دون تجزؤ، نضعها تحت تصرفه المطلق، حتى وان كنت إنسانا عاديا، غير مكرس للرب. - الاستعداد الدائم في تقديم حياتك كاملة له، أفكارك ورغباتك وأعمالك ، حسب إرادته القدوسة، وليس حسب إرادتك أنت. - أن تقصد بعدم مخالفة إرادته وحفظ وصاياها وعيشها وترجمتها على ارض الواقع خاصة وصية المحبة. - أن توظف كل مواهبك في خدمة الرب، وكما يريد، ومن خلال القريب الذي تتعامل معه يوميا. - أن تكون كل تصرفاتك وأفعالك لإرضاء وجه الرب وتمجيده" وجهك يا رب التمس، لا تحجب وجهك عني". - أن تكون على استعداد لتغير حياتك وأفكارك ونوياك نحو الأحسن والأفضل وحسب إرادة الرب. - أن تكون حياتك فعل تضحية مستمرة متواصلة على هيكل الرب، تمجيدا لله كما مُجد الرب عندما قدمت مريم العذراء حياتها على هيكله المقدس. هذه هي بعض معاني التقدمة بنظري حسب تعاليم إنجيلنا الطاهر، "حب بلا حدود"، بذل، عطاء، تضحية وتقدمة مستمرة للرب، لا تعرف الكلل أو الملل،" وهذا هو الايمان الثابت القوي المبني على الثقة التامة بالرب" . من يحب الله، لا يبخل عليه بتقدمة ذاته، يقدمها بفرح العطاء بفرح اللقاء والعيش المستمر في حضرة الرب. الهي المحبوب: يا مثالنا في الحب والعطاء والتضحية وبذل الذات، اجعل من حياتي فعل تقدمة مستمرة لجلالك الإلهي، اجعلني أداة تواصل عمل الخلاص، اجعلني شاهدا لحبك وللكنيسة الواحدة الجامعة خاصة في هذه السنة التي فيها نعمل على تجديد وتعميق إيماننا الذي بني على صخرة الرسل. صيّر أفعالي حسب إرادتك القدوسة، أنت الذي عملت بمشيئة الأب، فقٌدمتْ للهيكل، فحملك سمعان الشيخ على ذراعيه، وبارك الرب. دعنا نباركك نحن الضعفاء بدورنا، من خلال تقدمة ذواتنا وحياتنا لك، وصلواتنا لكل من هو بحاجة لنعمة خاصة من جلالك، خاصة الخراف الضالة البعيدة عن حضيرتك المقدسة. دعنا نقدم ولو جزء بسيطا من وقتنا لعزتك الإلهية، اقل ما يكون لنشكرك ونسبحك على الدوام بايمان مريم والرسل الاطهار وقديسيك. دعنا نلتقي بك، كي نستطيع بدورنا أن نلتقي مع غيرنا من خلالك وباسمك، لنتوحد ونكون باجمعنا شموع مضاءة على هيكلك المقدس، لنكون بدورنا تقدمة سلام وحب ووفاء، حيثما حللنا، تقدمة مرضية لا عيب فيها ولا تغضن ولا غبار، لكي ننمو ونترعرع على مثالك بالنعمة والحكمة. صلاة: أمنا مريم، يا مثال الإيمان الراسخ الوطيد ، يا من قلت نعم للرب، يا مثال الأسرة المسيحية الصالحة، يا مثال الأمهات في الطهر والعفاف، يا مثال المكرسين والمكرسات، يا من قدمت وحيدك إلى هيكل الرب. اجعلينا نحن المكرسات والمكرسين، في ذكرى يوم تكريسنا لخدمة الرب، أن نجدد عهد المحبة والايمان والرجاء، يوميا من اجل خلاصنا وخلاص العالم اجمع. اجعلينا نحافظ على هبة ووديعة الايمان، ونعمة التكريس والبتولية، لنكون شهود لملكوت الله على هذه الأرض الفانية، أنت التي قلت: "نعم"، فكانت النعم والبركات على بني الجنس البشري. أيتها البتول الطاهرة، يا من حملت اليوم بين ذراعيك، وحيدك، وقدمتيه لهيكل الرب، فشهد له سمعان الشيخ وحنه النبيه، بعد أن عرفاه بوحي من الروح القدس، دعينا نحن بدورنا نعرفه عند كسر الخبز بعين الايمان، في سر المحبة، سر القربان الأقدس في وجه كل من نصادفه في حيالنا اليومية. نطلب منك أن تحفظي، شبابنا وشباتنا، بنعمة الطهارة، وان ترسخي الإيمان في نفوسهم، لتبقى كنيسة المسيح عروسا شابه متجددة بهم ومن خلالهم. نصلي اليوم بشكل خاص من اجل بيوت الطلب والابتداء والمعاهد الكهنوتية والرهبانية، في عيد تقدمة الرب، كي تزدهر بدعوات كهنوتية ورهبانية صالحة، تواصل عمل الخلاص وتعمل على تمجيد الرب، ومن هذا الموقع المبارك، وفي هذا اليوم المقدس، نبارك لكل من قدم ذاته اليوم لخدمة الرب، في جميع المؤسسات الكنسية، واخص بالذكر مؤسستي الغالية، رهبنة الوردية المقدسة. "إذا سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم"، بل قل: "هاأنذا يا رب ليكن لي حسب قولك".