موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٧ ابريل / نيسان ٢٠٢٣

عيد القيامة المجيد

أ. د. كميل موسى فرام

أ. د. كميل موسى فرام

أ. د. كميل موسى فرام :

 

أبدأ حديثي اليوم بتقديم التهاني القلبية التي تزدان بتاج الغار والمجد للأردنيين المسيحيين وجميع أبناء الشعب الأردني الطيب لمناسبة الاحتفال بيوم القيامة المجيد؛ احتفال ربيعي سنوي يمثل واحداً من أهم المناسبات الدينية المسيحية التي ترمز للجذور الأصلية والأصيلة لهذة الديانة السماوية برمزية ربانية، وضمن طقوس ثابتة عبر مسارات الزمن، بالرغم من محاولات البعض للاجتهاد بالتفسير بفرض التشويش، ولكنه اليوم الذي ترفع فيه الأيدي للسماء شاكرة ومصلية وطالبة السترة والصحة لحياة مستورة مستحقة، بعد اسبوع من أمطار الخير ويجسدها?كل منا على هذه الأرض التي فيها ما يستحق التضحية والحياة، فالعيد مناسبة تجمع القلوب وتوحد الجهود لبناء جدار للغد القادم لأننا الأوفى لرسالة الحياة وتطبيق تعاليمها، فهنيئا لكل محتفل بهذا الفصح المجيد أحده المبارك، وهنيئا لكل مشارك بفرحة هذا العيد؛ فرحة ننتظر طقوسها سنويا لأنها حاجز الانتقال والتغيير والعبور للجديد، تذكرنا وتعطينا الأمل بعد طرد اليأس، فالظلم لن يخفي الحقيقة حتى وإن أُمْتُلِكتْ غصونها بأيدٍ غاصبة لظروف القوة والتاريخ.

 

نعم! يعيش الوطن أسبوع الاحتفالات بالأعياد الدينية لجميع المواطنين بمختلف دياناتهم، حيث نحتفل اليوم بعيد القيامة المجيد، وكما يعرف باسمائه العديدة وأشهرها عيد الفصح وأحد القيامة المجيد وهو العيد الكبير عند جميع الطوائف المسيحية وأعظمها، حيث في هذا العيد يحتفل المسيحيون بقيامة المسيح من بين الأموات في اليوم الثالث من بعد صلبه وموته، مناسبة البعث والعطاء والتضحية من أجل الآخرين، وبهذا العيد ينتهي الصوم الأربعيني، إيذانا بانتهاء أسبوع الالآم المسيحي، وربما سطر المسيحيون الأردنيون ملحمة اتحادية خالدة عندما قررت?أبناء الطوائف المسيحية توحيد الأعياد المسيحية الدينية بثوابت تاريخية، فيحتفل بعيد الميلاد المجيد حسب التقويم الغربي، بينما يحتفل بعيد القيامة المجيد حسب التوقيت الشرقي، بالرغم من تحفظ المرجعيات الدينية والكنيسية على بعض البنود ضمن تفسيرات نحترمها ونقدرها، ولكنها لم تمنع القلوب المؤمنة من الاتفاق والاتحاد، ليشكل الأردن أنموذجا اقليميا وعالميا بترجمة القناعات لحقائق، والتفاوض الوجاهي بقلوب صافية وخالية من أجندات التحدي وفرض الرأي، يجعل من التوافق نتيجة حتمية وترجمة للجهود؛ الاحتفال الجماعي هو الشكل الأمثل لف?ح المناسبات.

 

نتذكر ونذكر بمحبة أننا جميعا على موعد قريب بنهاية هذا الاسبوع للاحتفال بعيد الفطر السعيد، الذي سنحتفل به جميعا كأردنيين مسلمين ومسيحيين، نتشارك فيه عبق المناسبة التي نقضي فواصلها بعبارات المحبة وطقوس الايمان بشهر رمضان المبارك، شهر الخيرات والتقارب والتواصل، وهذا يجسد وحدتنا عبر أسبوع مليء بالأمل، بالرغم من أحداث مصطنعة مؤسفة تجري في أرض مهد الديانات والمقدسات، يختار قطعانها هذا التوقيت لامتحان درجة الايمان التي نتسلح فيها؛ رسالة تنطق بداخلنا: تتقوى مفاصلها وتزيد قوتها كل يوم، لأنها تتغذى من نبع المحبة الن?بض من القلوب.

 

الأردن بقيادته الهاشمية وعميد آل البيت، يُجسد الواقع الفعلي الأمثل للانسجام والتوافق بين أبناء الديانات والشعب الواحد؛ المسيحيون والمسلمون الأردنيون بهذا الصدى الرائع بسيمفونية ولجن يُطْرِب ويُبِشّرُ بلحمة تاريخية وحاضرة لمستقبل موحَّدٍ تُنَارُ فيه قناديل المجد على أنغام الحياة الكريمة، بدأً من القول والفعل، مرورا بدستور الدولة الحضاري المتقدم الذي ينظم هذه العلاقات، وهو ما يشعر به كل مواطن يعيش على ثرى هذه الأرض الطاهرة، مع مواصلة مستمرة بالدفاع عن المقدسات وحمايتها بتأكيد شبه دوري بواجب الهاشميين لحمل أم?نة الرعاية للمقدسات الدينية في القدس لأنها تحتضن في تثاياها مقدسات دينية ذات مرجعية جذرية للديانات؛ يُمنعُ العبث فيها أو الاقتراب منها أو أي محاولة تغيير على ثوابتها الجغرافية والتاريخية، فالشعوب واعية وتعرف الحقائق، ومحاولة الطمس أو التعديل أو فرض الأمر الواقع، لن تغير من ثوابت القلوب المؤمنة صاحبة الحق والأرض بمقدساتها؛ من يستعرض أحداث التاريخ بهدف الإفادة سيجد فرصة حقيقية لهضم دروس التاريخ بتوصيل بوصلة النجاح لمحطة قطار السعادة.

 

الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية لا تحتاج لتذكير وغير قابلة للتفاوض أو المراجعة أو المقايضة، حتى وإن شطح تفكير البعض أحيانا بمناورات الفشل، فالوصاية الهاشمية قدر مبارك من جميع الشعوب والدول والمؤسسات العالمية؛ مهمة ارتضاها وقبلها الهاشميين بمحبة ورضا، توارثها أبناؤهم منذ ولادة الدولة الأردنية، لأنهم الأحرص والأقرب على ترجمة هذا الواجب الرباني بالمحافظة على قدسية المقدسات في القدس الشريف.

 

مبارك للوطن وقائده وشعبه، أسبوع احتفالات الأعياد الدينية، مناسبة لتجديد البيعة وتأكيد قانونيتها برعاية المقدسات الدينية بمهد الديانات وللحديث بقية.

 

(الرأي الأردنية)