موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٧

عيد العائلة المقدسة: ملامح طفولة يسوع

بقلم :
الأب لويس حزبون - فلسطين

يصف لوقا الانجيلي في هذه النص الانجيلي مدى أمانة مريم ويوسف لشريعة الرب ولقائهما في الهيكل مع سمعان الشيخ، آخر أنبياء العهد القديم، وهو يُحيي مجيء المخلص ويكشف لأبويه بعض ملامح جديدة من شخصية يسوع ورسالته. ومن هنا تكمن اهمية البحث في وقائع النص وأبعاده الروحية. أولا: وقائع النص الإنجيلي (لوقا 2: 22-40) 22ولـمَّا حانَ يَومُ طُهورِهما بِحَسَبِ شَريعَةِ موسى، صَعِدا بِه إِلى أُورَشَليم لِيُقَدِّماه لِلرَّبّ، أمِّا عبارة " طُهورِهما " فترد في بعض المخطوطات قراءة ثانية، وهي "طهوره" او " طهورها" حيث أنّ الشريعة تتناول الأم "أَيَّةُ اَمرَأَةٍ حَبلَت فَولَدَت ذَكَراً تَكونُ نَجِسَةً سَبعَةَ أَيَّام، كأَيَّامِ طَمْثِها تَكونُ أَيَّامُ نَجاسَتِها، وفي اليَومِ الثَّامِنِ تُختَنُ قُلفَةُ المَولود، وثَلاثَةً وثَلاثينَ يوماً تَظَلُّ في تَطْهيرِ دَمِها. لا تَمَسُّ شَيئاً مِنَ الأَقْداس ولا تَدخُلُ المَقدِس، حتَّى تَتِمَّ أَيَّامُ طُهرها" (أحبار 12: 2-4). ومن هذا المنطلق، بعد ختان المسيح انتظرت مريم يوم تطهيرها (تحسب المرأة في الشريعة نجسة حين تلد، لأنها ولدت ابنا يحمل خطايا أبويه ومحكوم عليه بالموت والموت نجاسة)، وعند تمام الأربعين يوماً من الميلاد، حملت الطفل يسوع وصعدت به إلى الهيكل لتتطهر. اما عبارة " أُورَشَليم " فتشير هنا الى الهيكل في اورشليم حيث جاء الابوان يوسف ومريم بيسوع ليقدماه للرب. فظهر يسوع طفلا هنا في الهيكل حيث استقبله سمعان الشيخ وحنة النبية (لوقا 2: 46)، ثم ويعود الى الهيكل أثناء رسالته العلنية ليطرد الباعة من الهيكل ويعلم فيه "دَخَلَ الهَيكلَ فأَخَذَ يَطرُدُ الباعَة ويقولُ لَهم: ((مَكتوبٌ: سَيَكونُ بَيتي بَيتَ صَلاة، وأَنتُم جَعلتُموهُ مَغارَةَ لُصوص! وكانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَومٍ في الهَيكَل" (لوقا 19: 45-47). أمِّا عبارة "لِيُقَدِّماه لِلرَّبّ" فتشير الى الشريعة التي تنص على واجبين الأول يتعلق بالأم، والثاني يتعلق بالطفل البكر، فكل فاتح رحم في اسرائيل، مكرساً لله بسبب انقاذهم من مصر ليلة عيد الفصح (الخروج 134: 2). والطفل البكر كان يفتدى بذبيحة تقدمة (عدد 18: 15). ويتحتم على الأم أن تقدم ذبيحتين: الأولى تقديم حمل للمحرقة، والثانية تقديم يمامة أو حمامة تكفيرا عن الخطيئة؛ وهذا رمز للمسيح الذي قدَّم نفسه بفدائه ذبيحة محرقة ليُرضي الآب، وذبيحة خطيئة ليرفع خطايا البشر؛ ولكن إن كانت الام فقيرة، فيمكنها أن تقدم بدل الحمل يمامتين أو حمامتين عن طريق الكاهن الذي يُعلن تطهير الام كما ورد في سفر الاحبار "فإِن لم يَكُنْ في يَدِها ثَمَنُ حَمَل، فلْتأخُذْ زَوجَي يَمامٍ أَو فَرخَي حَمام، أَحَدُهما مُحرَقةٌ والآخَرُ ذَبيحةُ خَطيئَة، فيُكَفِّرُ عنها الكاهِنُ فتَطهُر (الاحبار 12: 8). ويبيّن لوقا الانجيلي أن مريم ويوسف تنتمي الى عائلة فقراء الله فقدَّما ذبيحة الفقراء (احبار12: 8). 23 كما كُتِبَ في شَريعةِ الرَّبِّ مِن أَنَّ كُلَّ بِكرٍ ذَكَرٍ يُنذَرُ لِلرَّبّ، تشير عبارة "كُلَّ بِكرٍ ذَكَرٍ يُنذَرُ لِلرَّبّ" الى الواجب الثاني الذي تنص عليه الشريعة، وهو فداء البكر في شعب الله. كل ذكر فاتح رحم يدعى مقدسا للرب، لان البكر خاص لله كما جاء في شريعة موسى " قَدَّسْ لي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فاتِحِ رَحِمٍ مِن بَني اسرائيل، مِنَ النَّاسِ والبَهائِم، إِنَّه لي (خروج 13: 1)، "وعليه فالبكر يُفدى دائما (خروج 13: 13). وكانت تتم افداء البكر بدفع خمسة مثاقيل فضة في خلال أشهر التابع للولادة (عدد 18: 15-16). فواجب الوالدين ان يقدما فدية عن الابن الأول اعترافا بانتماء الطفل الى الله القادر وحده على ان يهب الحياة، وكتذكار لما فعله الله في زمن الخروج، حين نجى أبكار اليهود (الخروج 13: 11-16). 24 ولِيُقَرِّبا كما وَرَدَ في شَريعَةِ الرَّبّ: زَوْجَيْ يَمَامٍ أَو فَرخَيْ حَمام. تشير عبارة "لِيُقَرِّبا" الى تقديم ابوا يسوع ذبيحة زَوْجَيْ يَمَامٍ أَو فَرخَيْ حَمام لكي يسترداه. لم يكن يسوع محتاجًا لتتميم ما تطلبه الشريعة من ختان وفداء بزَوْجَيْ يَمَامٍ أَو فَرخَيْ حَمام، لكنه انحنى بإرادته خاضعًا للشريعة من أجلنا، كما قال بولس الرسول فكما أَنَّه بِمَعصِيَةِ إِنسانٍ واحِدٍ (آدم) جُعِلَت جَماعةُ النَّاسِ خاطِئَة، فكَذلِكَ بِطاعةِ واحِدٍ (المسيح) تُجعَلُ جَماعةُ النَّاسِ بارَّة" (رومة 5: 19). أمِّا عبارة " زَوْجَيْ يَمَامٍ أَو فَرخَيْ حَمام " فتشير الى تقدمة الفقراء كما تنص الشريعة الموسوية أنه إن كانت الأم فقيرة، فيُمكنها من أن تقدم بدل الحمل يمامتين أو حمامتين عن طريق الكاهن الذي يُعلن تطهير الام كما ورد في سفر الاحبار “فإِن لم يَكُنْ في يَدِها ثَمَنُ حَمَل، فلْتأخُذْ زَوجَي يَمامٍ أَو فَرخَي حَمام، أَحَدُهما مُحرَقةٌ والآخَرُ ذَبيحةُ خَطيئَة، فيُكَفِّرُ عنها الكاهِنُ فتَطهُر" (الاحبار 12: 8). ويعلق القديس كيرلس الكبير "إن اليمام أكثر طيور الحقل جلبة وضوضاء، بينما الحمام طائر وديع هادئ. كان الفادي يسوع كذلك، فقد أظهر لنا منتهى اللطف والرحمة، وكان أيضًا كيمامة يسير في كل مكان ليملأه عطفًا ورقَّة وبركة وعزاء". 25 وكانَ في أُورَشَليمَ رَجُلٌ بارٌّ تَقيٌّ اسمُه سِمعان، يَنتَظرُ الفَرَجَ لإِسرائيل، والرُّوحُ القُدُسُ نازِلٌ علَيه. عبارة " الفَرَجَ لإِسرائيل " باليونانية " ?????????? ??? ??????" معناها تعزية، لإِسرائيل وتشير الى خلاص إسرائيل كما ورد في نبوءة أشعيا "إنَي لِأَجْلِ صِهْيونَ لا أَسكُت ولِأَجْلِ أُورَشَليمَ لا أَهدَأ حتَّى يَخرُجَ كضِياءٍ بِرُّها وكمَشعَلٍ مُتَّقِدٍ خَلاصُها"(اشعيا 62: 1). وتدل على المسيح الذي بخلاصه يكون تعزية لإسرائيل. أمِّا عبارة " سِمعان" اسم العبري ????????? معناه مستمع فتشير الى سمعان الشيخ وهو رجل تقي من سكان اورشليم، وأوحي اليه الروح القدس أنه لن يموت حتى يرى المسيح المتجسد. ويُعد سمعان آخر نبي من العهد القديم إذ ان الرُّوحُ القُدُسُ نازِلٌ علَيه. فأعلن مجيء المخلص وكشف لأبوِّيه رسالة المسيح عندما جاءا الى الهيكل في اورشليم ليقدما فريضة الشريعة. ويُعلق العلامة أوريجانوس " اسم "سمعان" يعني "المُستمع" أو "المُطيع" فيشير إلى المؤمنين الطائعين من اليهود الذين طال بهم الزمن مترقِّبين تحقيق النبوَّات للتمتَّع بذاك الذي هو مشتهى الأمم". أمِّا عبارة " الرُّوحُ القُدُسُ نازِلٌ علَيه" فتشير في لغة العهد القديم الى ان سمعان هو نبي كما جاء في الشريعة " فنَزَلَ الرَّب في الغَمام وخاطَبَ موسى، وأَخَذَ مِنَ الروحِ الَّذي علَيه وأَحَلَّى على الرًجالِ السَّبعين، أَيِ الشُّيوخ. فَلمَّا استَقَرَّ الرُّوحُ علَيهم، تَنبَأُوا، إِلاَّ أَنَّهم لم يَستَمِروا" (عدد 11: 25). 26 وكانَ الرُّوحُ القُدُسُ قد أَوحى إِلَيه أَنَّه لا يَرى الموتَ قَبلَ أَن يُعايِنَ مَسيحَ الرَّبّ. تشير عبارة " مَسيحَ الرَّبّ " الى المسيح الرب كما بشر ملال الرب الرعاة " وُلِدَ لَكُمُ اليَومَ مُخَلِّصٌ في مَدينَةِ داود، وهو الـمَسيحُ الرَّبّ" (لوقا 2: 11)؛ وينفرد لوقا في سرد هذا اللقب في الاناجيل، ويدل هذا اللقب على أن يسوع هو المسيح، ويُحي بما لسيادته الملكية من طابع إلهي كما جاء في عظة بطرس الرسول الاولى " فَلْيَعْلَمْ يَقينًا بَيتُ إِسرائيلَ أَجمَع أَنَّ يَسوعَ هذا الَّذي صَلَبتُموه أَنتُم قد جَعَلَه اللهُ رَبًّا ومَسيحًا" (اعمال الرسل 2: 36). 27 فأَتى الـهَيكَلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح. ولـمّا دَخَلَ بِالطِّفلِ يَسوعَ أَبَواه، لِيُؤَدِّيا عَنهُ ما تَفرِضُه الشَّريعَة، تشير عبارة "أَبَواه" الى يسوع ومريم بالرغم من ان لوقا الإنجيلي ركّز على الحبل البتولي لمريم بيسوع كما جاء من سؤال مريم " فَقالَت مَريَمُ لِلمَلاك: ((كَيفَ يَكونُ هذا وَلا أَعرِفُ رَجُلاً؟"(لوقا 1: 34)، وتحدّث عن يوسف كالوالد الشرعي ليسوع. أمِّا عبارة " لِيُؤَدِّيا عَنهُ ما تَفرِضُه الشَّريعَة" فتشير الى الذبيحة التي جاء بها ابوي يسوع مما تُبيِّن أن يسوع ليس غريبًا عنَّا وخضع للشريعة "تعزِلُ لِلرَّبِّ كُلَّ فاتِحِ رَحِمٍ " (خروج 13: 12). والمسيح لم يكن محتاجاً للختان ولا للتطهير بعد الولادة، فهو لم يولد من زرع بشر، ولم يرث خطيئة وهو بلا خطيئة. لكنه أكمل كل وصايا الشريعة، ليكون كاملاً بحسب الشريعة. فقد نفَّذ كل وصايا الشريعة والتزم بها قال بولس الرسول عنه " فلَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ابنَه مَولودًا لامرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعةْ " (غلاطية 4: 4). 28 حَمَله عَلى ذِراعَيهِ وَبارَكَ اللهَ فقال: 29((الآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام، وَفْقاً لِقَوْلِكَ تشير عبارة " تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ " الى مطلع نشيد سمعان الشيخ حيث يعلن الخلاص الذي حمله يسوع الى شعبه والى جميع الأمم. وبما أنَّ وعد الله قد تمّ، صار سمعان مستعداً لتقبل الموت بفرح وابتهاج، ويُعلق القديس غريغوريوس النيزينزي " سمعان انطلق؛ لقد تحرَّر من عبوديّة الجسد. الفخ انكسر والطير انطلق". وقد أمكن لسمعان ان يموت في سلام آنذاك لأنه قد رأى المسيح. ويذِّكرنا ذلك ما قاله البابا القدّيس يوحنّا الثالث والعشرون "عليّ أن أبقى دائمًا مستعدًّا للموت حتّى فجأة، وللبقاء على قيد الحياة طالما طاب ذلك في عينيّ الربّ". على مثال القدّيس مَرتينس، الّذي "لم يكن يخشى أن يموت ولم يكن يرفض أن يحيا". أمِّا عبارة "وَفْقاً لِقَوْلِكَ" فتشير الى ان وعد الله بان سمعان لن يموت حتى يرى مسيح الرب. 30 فقَد رَأَت عَينايَ خلاصَكَ31الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ كُلِّها تشير عبارة "رَأَت عَينايَ خلاصَكَ" الى إعلان سمعان الخلاص على يد يسوع مستوحيا من كلمات اشعيا النبي (اشعيا 40: 3-5). يسوع هو المسيح المخلص القدير كما جاء في نشيد زكريا، اب يوحنا المعمدان" فَأَقامَ لَنا مُخَلِّصاً قَديراً في بَيتِ عَبدِه داوُد " (لوقا 1: 69) والذي "يُخَلِّصُنا مِن أَعدائِنا وأَيدِي جَميعِ مُبغِضينا (لوقا 1: 71) ويخلصنا بغفران خطايانا (لوقا 1: 77). أمِّا عبارة "خلاصَكَ" فتشير الى المسيح الذي هو خلاصنا، وهذا الخلاص سيتمِّمه المسيح بموته على الصليب. ولم يعلن هذا الخلاص صراحة الاّ بعد القيامة كما جاء في الكتب المقدسة "تُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا لِجَميعِ الأُمَم" (لوقا 24: 47). ولكن من يقبل المسيح المخلص؟ تطلع سمعان الى مصير المسيح بحسب قلب الله، لكن هذا الكلام الخلاصي يُواجه المعارضة العنيفة من قبل الذين يحلمون بمسيح زمني، او الذين يريدون ان يحافظوا على مصالحهم. أما عبارة "الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ كُلِّها" فتشير الى نبوءة اشعيا " كَشَفَ الرَّبُّ عن ذراعِ قُدسِه على عُيونِ جَميعِ اَلأُمَم فتَرى كُلُّ أَطْرافِ الأَرضِ خَلاصَ إِلهِنا" (أشعيا 52: 10). لم يأتِ يسوع ليخلص اليهود فقط بل ليخلص كل من يؤمن به كما جاء في نشيد سمعان الشيخ "الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ" (لوقا 2: 31). وسمعان الشيخ هو اول من بشّر أنَّ يسوع سيأتي بالخلاص الى جميع الناس. 32 نُوراً يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين ومَجداً لِشَعْبِكَ إِسرائيل. تشير عبارة " نُوراً يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين " الى ذكر البشارة بخلاص الوثنيين لأول مرة في انجيل لوقا. وهذه البشارة تلمّح الى نبوءة أشعيا " أَنا الرَّبَّ دَعَوتُكَ في البِرّ وأَخَذتُ بِيَدِكَ وجَبَلتُكَ وجَعَلتُكَ عَهداً لِلشَّعبِ ونوراً لِلأُمَم" (اشعيا 42: 6). ولن تُعلن صراحة البشارة بالخلاص إلاّ ابتداء من وحي الفصح (لوقا 24: 47). ان يسوع قد جاء ليخلّص كل من يؤمن به يهوديا كان ام يونانياً (1 قورنتس 12: 13). وهذه هي رسالة يسوع. 33 وكانَ أَبوه وأُمُّهُ يَعجَبانِ مِمَّا يُقالُ فيه. تشير عبارة " يَعجَبانِ مِمَّا يُقالُ فيه " الى عدم إدراك أبوي يسوع مِمَّا يُقالُ فيه: ان سمعان قال ان يسوع هو خلاص العالم، وانه مسيح الرب وانه نور العالم. وهذه هي المرة الثانية التي تسمع فيها مريم العذراء نبوءة عن ابنها. وكانت المرة الأولى عندما استقبلتها اليصابات كأم الرب (لوقا 1: 42-45) الذي اوحي به الملاك "فَستحمِلينَ وتَلِدينَ ابناً فسَمِّيهِ يَسوع. سَيكونُ عَظيماً وَابنَ العَلِيِّ يُدعى، وَيُوليه الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ أَبيه داود، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ أَبَدَ الدَّهر، وَلَن يَكونَ لِمُلكِه نِهاية " (لوقا 1: 32-33). ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "إذ سمع يوسف والقدِّيسة مريم هذه التسبيحة كانا يتعجَّبان، لأنه ما أعلنه لهما الله عند البشارة صار معلنًا لسمعان الكاهن والشيخ بصورة واضحة." 34 وبارَكَهما سِمعان، ثُمَّ قالَ لِمَريَمَ أُمِّه: ((ها إِنَّه جُعِلَ لِسقُوطِ كَثيرٍ مِنَ النَّاس وقِيامِ كَثيرٍ مِنهُم في إِسرائيل وآيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفْض. تشير عبارة "بارَكَهما " الى سمعان الشيخ الذي بارك العذراء مريم ويوسف رجلها. ولكنه لم يبارك المسيح الذي يبارك العالم كله. أمِّا عبارة "سقوط وقيام" فتشير الى هلاك البعض وخلاص البعض الآخر. سقوط الجاحدين من اليهود برفضهم المسيح، وقيام المؤمنين بإيمانهم بالمسيح حيث تنبأ سمعان ان الناس لن يكونوا على الحياد من الرب يسوع حيث إن لهم خيارين إما ان يرفضوه بشدة او ان يقبلوه بفرح. ويعلق القديس أمبروسيوس "هوذا سمعان يتنبَّأ بدوره أن ربَّنا يسوع المسيح قد جاء لسقوط وقيام كثيرين حتى يجازي أعمال الأبرار والأشرار، ويعطي كل واحد حسب أعماله كديّان حقيقي وعادل، إما بالعذاب أو بالحياة". أمِّا عبارة "إِنَّه جُعِلَ لِسقُوطِ كَثيرٍ مِنَ النَّاس وقِيامِ كَثيرٍ مِنهُم في إِسرائيل " فتشير الى نتيجتين متناقضتين لرسالة يسوع. يسوع الذي هو آية خلاص لا يفرض نفسه، بل هو خلاص معروض على سامعيه كما تنبأ أشعيا "فيَكونَ لَكم قُدساً وحَجَرَ صَدْم وصَخرَ عِثارٍ لِبَيتَي إِسْرائيل وفَخّاً وشَبَكَةً لِساكِني أُورَشَليمَ" (اشعيا 8: 14)؛ ولكن قسم كبير من إسرائيل يرفضه (أعمال الرسل 28: 26-28). إذن السيِّد المسيح هو حجر الزاويّة المختار الكريم الذي أقامه الآب في صهيون، لكي من يؤمن به لن يخزى كما جاء في تعليم بولس الرسول " فقَد وَرَدَ في الكِتاب: هاءَنَذا واضِعٌ في صِهيُونَ حَجَرًا لِلصَّدمِ وصَخْرَةً لِلعِثار، فمَن آمَنَ بِه لا يُخْزى" (رومة 9: 33)، إذ سقط على غير المؤمن سحقه، وإن سقط غير المؤمن عليه يترضَّض كما قال يسوع في مثل الكرامين القتلة " كُلُّ مَن وَقَعَ على ذلك الحَجَرِ تَهَشَّم ومَن وَقَعَ علَيهِ هذا الحَجَرُ حطَّمَه " (لوقا 20: 18). وقد تنبأ يسوع عن الانقسام تجاهه" أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الِانقِسام. فيَكونُ بَعدَ اليَومِ خَمسَةٌ في بَيتٍ واحِدٍ مُنقَسمين، ثَلاثَةٌ مِنهُم على اثنَينِ واثنانِ على ثَلاثَة: سيَنقَسِمُ النَّاسُ فيَكونُ الأَبُ على ابنِه والابنُ على أَبيه، والأُمُّ على بِنتِها والبِنتُ على أُمِّها، والحَماةُ على كَنَّتِها والكَنَّةُ على حَماتِها" (لوقا 12: 51-53). لا بد أن نقبل يسوع بحرية وإيمان، ويسوع يطوّب من يؤمن به "طوبى لِمنَ لا أَكونُ لَه حَجَرَ عَثرَة" (لوقا 7: 23). أمِّا عبارة " آيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفْض" في اليونانية ??? ??????? ????????????? ومعناها العلامة التي تُقاوم، فتشير الى علامة الصليب وقد أكد ذلك القديس كيرلس الكبير بقوله: "أما آيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفْض او العلامة التي تُقاوم فيقصد بها علامة الصليب". فالله أرسل ابنه لخلاص العالم خلال علامة الصليب "فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة "(يوحنا 3: 16)، لكن ليس الكل يقبل علامة الصليب ويتجاوب مع محبة الله الفائقة، بل يقاوم البعض الصليب ويتعثرون فيه. يسوع لا يفرض نفسه، بل يدعو الناس ان يقبلوه قبولا حراً بالإيمان. إن جزء كبيرا من إسرائيل سيرفضه كما جاء في كلمة بولس الرسول الى أعيان اليهود في روما " أَحسَنَ الرُّوحُ القُدُسُ في قَولِه لآبائِكم بِلِسانِ النَّبِيِّ أَشَعْيا: إِذهَبْ إِلى هذا الشَّعْبِ فَقُلْ له: تَسمَعونَ سمَاعًا ولا تَفهَمون وتَنظُرونَ نَظَرًا ولا تُبصِرون. قَد غَلُظَ قَلْبُ هذا الشَّعْب وأَصَمُّوا آذانَهم وأَغمَضوا عُيوَنهم لِئَلاَّ يُبصِروا بِعُيونِهم وَيسمَعوا بِآذانِهم ويَفهَموا بِقُلوبِهم وَيرجِعوا. أَفأُشْفيهم؟ " (اعمال الرسل 28: 25-28). 35 وأَنتِ سيَنفُذُ سَيفٌ في نَفْسِكِ لِتَنكَشِفَ الأَفكارُ عَن قُلوبٍ كثيرة. تشير عبارة "أَنتِ سيَنفُذُ سَيفٌ في نَفْسِكِ " الى إنذار غامض يستند الى النبي حزقيال " إِذا جَلَبتُ سَيفًا على تِلكَ الأَرضِ وقُلتُ: لِيَجتَزِ السَّيفُ في الأَرض، وقرضتُ مِنها البَشَرَ والبَهائم"(حزقيال 14: 17). ولكن من سياق الكلام نستدل على ان إسرائيل سينقسم أمام يسوع، حيث ان قسما كبيراً من إسرائيل يرفضه وهذا ما يُسبب الحزن لمريم العذراء. مريم، كأم يسوع سيحزنها الرفض العام الذي سيلاقيه ابنها. ويرى بعض المفسرين في هذه العبارة تحقيق نبوءة سمعان عن الألم والحزن الذي يحزُّ في قلب مريم أمه لدى صلب ابنها على الجلجلة. "هُناكَ عِندَ صَليبِ يسوع، وقَفَت أُمُّه " (يوحنا 19: 25). ويعلق القديس كيرلس الكبير "يُراد بالسيف الألم الشديد الذي لحق بمريم وهي ترى مولودها مصلوبًا، ولا تعلم بالكليّة أن ابنها أقوى من الموت، وأنه لا بُد من قيامته من القبر". وهذه أول مرة يذكر فيها الحزن في انجيل لوقا. أمِّا عبارة "لِتَنكَشِفَ الأَفكارُ عَن قُلوبٍ كثيرة" فتشير الى المؤامرة التي حاكها اليهود ورؤساؤهم التي كانت بمثابة سيف كشف رياء ونفاق وشر وأفكار الرؤساء الشريرة الذين تظاهروا بحفظ الناموس والغيرة على الشريعة، وتظاهروا بالقداسة. وقد ندَّد يسوع بعدم إيمان سامعيه المتشددين بأفكارهم وكشف عنها بقوله: "فعَلِمَ يسوعُ أَفكارَهم فأَجابَهم: ((لِماذا تُفَكِّرونَ هذا التَّفكيرَ في قُلوبِكُم؟" (لوقا 5: 22). فكانت رسالة يسوع "كشف أفكار القلوب" كما جاء في تعليمه "وإِنَّما الدَّينونَةُ هي أَنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور لأَنَّ أَعمالَهم كانت سَيِّئَة. فكُلُّ مَن يَعمَلُ السَّيِّئات يُبغِضُ النُّور فلا يُقبِلُ إِلى النُّور لِئَلاَّ تُفضَحَ أَعمالُه. وأمَّا الَّذي يَعمَلُ لِلحَقّ فيُقبِلُ إِلى النُّور لِتُظهَرَ أَعمالُه وقَد صُنِعَت في الله (يوحنا 3: 19-20). 36 وكانَت هُناكَ نَبِيَّةٌ هيَ حَنَّةُ ابنَةُ فانوئيل مِن سِبْطِ آشِر، طاعِنَةٌ في السِّنّ، عاشَت مَعَ زَوجِها سَبعَ سَنَواتٍ تشير عبارة " نَبِيَّةٌ" الى التصاقها الوثيق بالله. ولا يتنبأ الأنبياء بالضرورة عن المستقبل. فقد كان دورهم الرئيسي هو التكلم بلسان الله وإعلان حقه. أمِّا عبارة " حَنَّةُ " ?????? (اسم عبري معناه حنان او نعمة) فتشير الى بنت فنوئيل من سبط أشير، وهي نَبِيَّةٌ، ارملة دامت حياتها الزوجية 7 سنوات. ويعلق القديس ايرونيموس " فإنَّ كلمة "حنَّة" تعني "نعمة (حنان الله)"، وفنوئيل ????????? يعني "وجه الله"، "وأشير" ?????? يمكن ترجمتها "غنى" أو "طوباويّة"، وكانت منذ صباها قد تحمَّلت الترمُّل لمدة 84 عامًا لا تفارق الهيكل، عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا لذلك نالت النعمة روحيًا وتقبَّلت لقب "ابنة وجه الله" وتمتَّعت بنصيب في "الطوباويّة والغنى" إذ تنسب له " أمِّا عبارة "عاشَت مَعَ زَوجِها سَبعَ سَنَواتٍ" في الأصل اليوناني ?????? ???? ?????? ??? ???? ??? ??? ????????? ????? ومعناها "عاشت مع زوجها سبع سنوات بعد بكارتها". فتشير الى ان حياتها الزوجية دامت حياتها 7 سنوات. وبعدها لم تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهاراً، وكانت هناك عندما اتياه ابوا يسوع للهيكل ليكرساه. فعرفته وأعلنت انه المسيح المنتظر. 37 ثُمَّ بَقِيَت أَرمَلَةً فَبَلَغَتِ الرَّابِعَةَ والثَّمانينَ مِن عُمرِها، لا تُفارِقُ الـهَيكَل، مُتَعَبِّدَةً بِالصَّومِ والصَّلاةِ لَيلَ نَهار. تشير عبارة " أَرمَلَةً " الى "من بقيت وحدَها والتي جَعَلَت رَجاءَها في الله وتَقْضي لَيلَها ونَهارَها في الدُّعاءِ والصَّلاة" كما يصف بولس الرسول الارامل (1 طيموتاوس 5: 5). تشير عبارة " لا تُفارِقُ الـهَيكَل " الى المثال الأعلى للمؤمن الإسرائيلي الكامل كما ترنّم صاحب المزامير "سُكْنايَ في بَيتِ الرَّبِّ طَوالَ أَيَّامي " (مزمور 23: 6). أمِّا عبارة "مُتَعَبِّدَةً بِالصَّومِ والصَّلاةِ لَيلَ نَهار" فتشير الى وصف استخدمه لوقا، ويبدو انه موسوم بالكمال المثالي الى حد ما (لوقا 18: 7، واعمال الرسل 20: 31)، مع انه لم يكن يحق للنساء ان يكنّ في الهيكل خلال الليل. أمِّا عبارة " لَيلَ نَهار" فتشير الى عادة اليهود حيث يبدأ اليوم بعشية اليوم السابق كما هو واضح من سفر التكوين "وكانَ مَساءٌ وكانَ صَباح " (التكوين 1: 5، 13، 19، 23، 32). 38 فحَضَرَت في تِلكَ السَّاعَة، وأَخَذَت تَحمَدُ الله، وتُحَدِّثُ بِأَمرِ الطِّفلِ كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ افتِداءَ أُورَشَليم. تشير عبارة " كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ " الى الكثرين من الأتقياء الذين كانوا ينتظرون ظهور المسيح، وإن سمعان وحنة يمثلان جماعة الاتقياء في إسرائيل الذين كانوا فيما بينهم يتوقعون قرب مجيء المسيح في ذلك الحين انطلاقا من نبوءة دانيال (الـ 70 أسبوعًا) التي تحدد سنة مجيء المسيح، " إِنَّ سَبْعينَ أُسْبوعاً حُدِّدَت على شَعبِكَ وعلى مَدينَةِ قُدسِكَ لِإفْناءِ المَعصِيَةِ وإِزالَةِ الخَطيئة واَلتَّكْفيرِ عنِ الإِثْمِ والإِتيانِ بِالبِرِّ الأَبَدِيّ وخَتْمَ الرُّؤيا والنُّبوءَة ومَسْحَ قُدُّوسِ القُدُّوسين " (دانيال 9: 24)، أمِّا عبارة " افتِداءَ أُورَشَليم " فتشير الى فداء الابكار الوارد في الشريعة " لَمَّا تَصَلَّبَ فِرعَونُ عن إِطْلاقِنا، قَتَلَ الرَّبُّ كُلَّ بِكْرٍ في أَرضِ مِصْر، مِن بِكْرِ الإِنسانِ إِلى بِكْرِ البَهيمة، ولِذلك أَنا أَذبَحُ لِلرَّبِّ كُلَّ فاتِحِ رَحِمٍ مِنَ الذُّكور، كُلُّ بِكْرٍ مِن بَنِيَّ أَفْديه. "(خروج 13: 15). ان اورشليم هي بكر إسرائيل، وهي تُفتدى كما يُفتدى الابكار، فتنال الخلاص كما جاء في نشيد زكريا أبو يوحنا "تَبارَكَ الرَّبُّ إِلهُ إِسرائيل لأَنَّهُ افتَقَدَ شَعبَه وَافتَداه " (لوقا 1: 68). اما عبارة "تُحَدِّثُ بِأَمرِ الطِّفلِ كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ افتِداءَ أُورَشَليم" فتشير الى تأييد حنة النبية شهادة سمعان الشيخ عن الطفل بقوله: "فقَد رَأَت عَينايَ خلاصَكَ الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ كُلِّها"(لوقا 2: 30-31) 39 ولَـمَّا أَتَمَّا جَميعَ ما تَفرِضُه شَريعَةُ الرَّبّ، رَجَعا إِلى الجَليل إِلى مَدينَتِهِما النَّاصِرة. تشير عبارة " أَتَمَّا جَميعَ ما تَفرِضُه شَريعَةُ الرَّبّ " الى فداء البكر بدفع خمسة مثاقيل فضة في خلال الشهر التابع للولادة كما ورد في سفر العدد " وكُلُّ فاتِحِ رَحِمٍ مِن كُلِّ جَسَدٍ، مِنَ البَشَرِ والبَهائِم، يُقَدِّمونَه للِرَّبّ، يَكونُ لَكَ، لَكِنَّكَ تَفْدي أَبْكارَ البَشَر وأَبْكارَ البَهائِم النَّجِسة. ويَكونُ فِداؤُه مِن عُمْرِ شَهْرٍ بِحَسَبِ تَقْييمِكَ، أَي بِخَمسَةِ مَثاقيلِ فِضةٍ بِمِثْقالِ القُدْس، وهو عِشْرونَ دانَقًا" (عدد 18: 15-16). أمِّا عبارة "رَجَعا إِلى الجَليل إِلى مَدينَتِهِما النَّاصِرة" فتشير الى فجوة من عدة سنين بين حدث تقدمة يسوع لله (لوقا 2: 38) وحدث يسوع في الهيكل بين العلماء (لوقا 2: 40) وهو وقت كاف للإقامة في بيت لحم (متى 2) والهروب الى مصر من غضب هيرودس والعودة الى الناصرة بعد استتباب الأمور. 40 وكانَ الطِّفْلُ يَتَرَعَرعُ ويَشتَدُّ مُمْتَلِئاً حِكمَة، وكانت نِعمةُ اللهِ علَيه. عبارة " يَتَرَعَرعُ " في اليونانية ??????? معناها كان ينمو تشير هذه العبارة الى يسوع الذي وُلد إنسانًا من امرأة، واتَّخذ صورتنا، وصار صبيًا بشريًا كما جاء في تعليم بولس الرسول " تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان" (فيلبي 2: 7). في هذه الحالة "كانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ والقامَةِ والحُظْوَةِ عِندَ اللهِ والنَّاس" (لوقا 2: 52). أمِّا عبارة " حِكمَة " فتشير الى ميزة يسوع الخاصة كما وصفه لوقا الإنجيلي " وكانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ" (لوقا 2: 52). وقد قال يعقوب الرسول " وإِن كانَ أحَدٌ مِنكُم تَنقُصُه الحِكمَة فلْيَطلُبْها عِندَ اللهِ يُعطَها، لأنَّه يُعْطي جَميعَ النَّاسِ بِلا حِسابٍ ولا عِتاب " (يعقوب 1: 5). هكذا نحن يمكن ان ننمو في الحكمة، كالرب يسوع، بالسير مع الله. أمِّا عبارة "نِعمةُ" فتشير الى حظوة الملك (1 صموئيل 16: 22) والى حب الحبيب (نشيد الأناشيد 8: 10)؛ أمِّا عبارة " كانت نِعمةُ اللهِ علَيه " فتشير الى المسيح الذي عليه نعمة الله بكل معنى الكلمة، في حين كانت " يد الرب على يوحنا (لوقا 1: 66) كما كانت على الأنبياء. ثانياً: تطبيقات النص الإنجيلي (لوقا 2: 22-40) بعد دراسة موجزة عن وقائع النص الإنجيلي (لوقا 2: 22-40)، نستنتج انه يتمحور حول ملامح طفولة يسوع ورسالته. فهي تعبر عن الدور الذي سيقوم به نحو جميع الشعوب، وإمكانية الانسان قبوله او رفضه. ومن هنا نبحث عن ملامح طفولة يسوع من خلال فريضة الشريعة للابن البكر ونبوءة سمعان الشيخ عن يسوع الطفل وأمه مريم العذراء ونبوءة حنّة النبية 1. ملامح يسوع الطفل من خلال فريضة الشريعة للابن البكر (لوقا 2: 21-24) كان العائلة اليهودية تقيم عدة احتفالات بعد ولادة طفل لها منها الختان، وفداء البكر وتطهير الأم: (1) الختان: يختن كل طفل ذكر في اليوم الثامن لمولده، ويُسمّى باسمه في ذلك ليوم أيضا (الاحبار 12: 3) ويرمز الختان الى انفصال اليهود عن الأمم غير اليهودية، والى علاقتهم الفريدة بالله (لوقا 1: 59). وكان الختان علامة الدخول في عهد مقدس مع الله وبداية دخول في عضوية الجماعة المقدسة (التكوين 17: 9-14). لذلك تقدم فادينا ومخلصنا يسوع ليتمم الشريعة. والمسيح أتى خاضعًا للشريعة، إذ هو وحده لم يخالفها "فلَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ابنَه مَولودًا لامرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعةْ لِيَفتَدِيَ الَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعة، فنَحْظى بِالتَّبَنِّي" (غلاطية 4:4-5). ويُعلق القديس أمبروسيوس "خُتن الطفل الذي تكلَّم عنه اشعيا: "لأنه قد وُلدَ لَنا وَلَدٌ وأُعطِيَ لَنا آبنٌ" (اشعيا 9: 5)، وقد صار تحت الناموس ليعتق الذين تحت الناموس (1 قورنتس 9: 5)". (2) فداء البكر: كان البكر فاتح الرحم يُقدم الى الله بعد شهر من مولده (خروج 13: 2) وقد خضع أبواه مكانه لشريعة " افتداء الابكار" كما جاء في اقوال موسى النبي "كُلُّ بِكرٍ مِن بَنيكَ تَفْديه" (خروج 13: 13). ويتضمن الاحتفال بتقدمة فداء له. وهكذا يعترف الابوان بانتماء الطفل الى الله القادر وحده ان يهب الحياة. (3) تطهير الأم الوالدة: تظل الأم نجسة مدة أربعين يوما بعد ولادة طفل ذكر، وثمانين يوما بعد ولادة طفلة انثى، ولا يمكنها دخول الهيكل. وفي نهاية عزلها يقدم الابوان حملا كذبيحة محرقة، وفرخ حمام كتقدمة خطيئة. ويقدم الكاهن هذه الذبائح ليعلن تطهير الأم. وإذا كان الولدان غير قادرين على شراء حمل، كانا يُقدمان فرخا ثانيا من الحمام. وهذا ما فعله مريم ويوسف. قد تمَّمت مريم امه هذه الطقوس حسب شريعة الله، فيسوع لم يرد ان يكون فوق الشريعة بل بالعكس تمَّمها. ونستنتج مما ورد ان لوقا الإنجيلي أراد يصف يسر يسوع؛ إن هذا الطفل ابن الأربعين يوما، ضعيف غير واع، يستسلم لقيادة أبويه، ويخضع للشريعة: صعدا به الى اورشليم (لوقا 2: 22،) وقرَّباه للرب (لوقا 2: 24)؛ واتمَّا جميع ما تفرضه الشريعة (لوقا 2: 39) وهذا ما صرّح به بولس الرسول "فلَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ابنَه مَولودًا لامرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعةْ" (غلاطية 4: 4). ألم يكن هذا الطفل يسوع هو نفسه الرب؟ أجل! يجيب بولس الرسول "هو الَّذي في صُورةِ الله لم يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة بل تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان" (فيلبي 2: 6-7). 2. ملامح يسوع الطفل من خلال نبوءة سمعان الشيخ (لوقا 2: 25-32) تتميز انشودة سمعان بالفرح والبصيرة الروحية. انه يصور نفسه حارسا قد أعفي من خدمته لان الرجاء المسيحاني الذي صدر له امر بانتظاره الى حين ان يظهر. وعندما صعد ابوا يسوع الى اورشليم ليقرباه للرب التقي بهم سمعان الشيخ فأعلن ملامح يسوع الطفل الفريدة: بالرغم من امل حياته ان يعاين " خلاص الله" (لوقا 2: 29)، انه امام طفل فقير، فآمن به " مَسيحَ الرَّبّ " (لوقا 2: 26، 29)، وأشاد به " خلاصَ الله " (لوقا 2: 30) وفقا لما ورد في اشعيا "يَتَجَلَّى مَجدُ الرَبِّ ويُعايِنُه كُلُّ بَشَر لِأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قد تَكَلَّم "(اشعيا 40: 5)، والخلاص مقدم لكل شعوب العالم ولكل إنسان. ويسوع هو المدخل الى سر الخلاص. واسمه في العبرية ???????? ومعناه يخلص. وأنبأ سمعان ان يسوع الطفل " نُوراً يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين" (لوقا 2: 32) تتميماً لما ورد في نبوءة اشعيا "أَنا الرَّبَّ دَعَوتُكَ في البِرّ وأَخَذتُ بِيَدِكَ وجَبَلتُكَ وجَعَلتُكَ عَهداً لِلشَّعبِ ونوراً لِلأُمَم "(أشعيا 42: 6)، المسيح سيُعْلَن لكل الأمم، والخلاص سيكون نوراً يراه كل العالم. المسيح هو خلاصنا وهذا الخلاص أتمَّه يسوع بموته على الصليب. وهو أول إنباء بشمولية رسالة يسوع. وأنبا سمعان أيضا ان يسوع " مَجداً لِشَعْبِكَ إِسرائيل"(لوقا 2: 32) كما ورد في نبوءة اشعيا "قَرَّبتُ بِرِّي فلا يَبعُد وخَلاصي فلا يُبطِئ وسأَجعَلُ في صِهْيونَ الخَلاص ولإِسْرائيلَ يَكونُ فَخْري" (أشعيا 46: 13). ويُعلق القديس كيرلس الكبير" كان المسيح إذن نورًا ومجدًا لإسرائيل، ومع أن بعض اليهود ضلُّوا الطريق وجهلوا الكتب وأنكروا المسيح، إلا أن قومًا منهم خلصوا وتمجَّدوا بيسوع وكان على رأسهم الرسل الذين أضاءوا بنورهم مصباح الإنجيل في أقاصي الأرض. والمسيح مجد إسرائيل أيضًا لأنه يُنسب إليهم حسب الجسد مع أنه "على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد". ولم يبقَ الخلاص محصورا في الشعب المختار، بل سيتخطاه الى جميع شعوب الأرض". فتحققت أمنيه فهتف قائلا " الآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام، وَفْقاً لِقَوْلِكَ" (لوقا 2: 29)، وكأني به يستقبل الموت بفرح وابتهاج. أنه يستسلم للعناية الالهية. وأخيرا أنبأ سمعان الشيخ أن يسوع " آيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفْض" (لوقا 2: 34) كما جاء في نبوءة اشعيا " بَسَطتُ يَدَيَّ طَوالَ النَّهارِ لِشَعبٍ عاصٍ يَسلُكُ طَريقاً غيرَ صالِحٍ على هَواه "(65: 2)؛ وإن كان يسوع مخلصا لجميع الناس، ولكن الخلاص الذي يحمله لا يفرضه هو نفسه بالقوة: نحن نستطيع ان نرفضه او نتقبله. وان لوقا الإنجيلي يربط الخلاص بالإيمان (لوقا 20: 17-18). ومن هذا المنطلق سينقسم إسرائيل امامه فيجد بعضهم الهلاك والآخرون الخلاص. وسوف تنقسم البشرية بسببه الى قسمين: من هم معه ومن هم ضده. وكل من يتعرّف بالمسيح لا يسعه إلا أن يكون إمَّا معه وإمَّا ضده. فان يسوع لم يأتِ بخلاص جاهز، بل يدعو الى خلاص عن طريق الايمان. وفي هذا الصدد قال يسوع" مَن لَم يكُنْ معي كانَ عليَّ، ومَن لم يَجمَعْ معي كان مُبَدِّداً"(متى 12: 30). نحن مسيحيون، إذا نحن معه، ولو بالاسم. فهل نحن معه بالفعل أيضا؟ فنتساءل إذا كانت قلوبنا وأفكارنا وأعمالنا على مثال قلبه وأفكاره واعماله... نبوءة سمعان لمريم (لوقا 2: 33-35) يُبيِّن كلام سمعان لمريم انه لديه بعض الادراك لمعنى النبوءات التي كانت ترمز الى آلام المسيح. ومريم وحدها ستشاهد تحقيق النبوءة. ابنها سيكون رجل أوجاع وآلام، مرذولا. وسيكون لها مصدر آلام عظيمة، إنها "الام الحزينة". لن يتحقق خلاص إلا بالألم والاوجاع. ولهذا سيطعن سيف الحزن قلب مريم. والسيف هو الألم الشديد الذي لحق بالعذراء الأم وهي ترى ابنها مهاناً مضطهداً ومعلقاً على الصليب 3. ملامح يسوع الطفل من خلال نبوءة حنة النبيَّة (لوقا 2: 36-38) لم ينبأ سمعان الشيخ عن ملامح يسوع الطفل بل أيضا حنة النبية. فقد كرّست حياتها لله وقضت معظم وقتها تصلي " ليل نهار" في الهيكل، وتخدم الله وتصوم. وأيّدت نبوءتها شهادة سمعان الشيخ عن الطفل يسوع، أذ كانت "تُحَدِّثُ بِأَمرِ الطِّفلِ كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ افتِداءَ أُورَشَليم" (لوقا 2: 38) وهذا الاسم افتداء اورشليم" هو من أسماء الخلاص في الكتاب المقدس كما جاء في نشيد زكريا " تَبارَكَ الرَّبُّ إِلهُ إِسرائيل لأَنَّهُ افتَقَدَ شَعبَه وَافتَداه" (لوقا 1: 68). لم تكون في الهيكل من اجل خلاصها، بل كانت تحمل في نفسها امل شعبها. وسر الفداء كان منذ القدم وقبل خلق العالمين. ولكن لم يعلن إلا في آخر الزمان، لدى ميلاد المسيح. فاستحقت حنة النبية أن تنال نعمة رؤية وجه الطفل المخلص وتسبحه وتبشّر باسمه وتُحَدِّثُ بِأَمرِه كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ افتِداءَ أُورَشَليم (لوقا 2: 38). هل الايمان يجعلنا نتحدّث عن المسيح؟ هل نعتبر أنفسنا رسلا للمسيح في بيئتنا؟ 3: ملامح يسوع الصبي في الناصرة (لوقا 2: 39-40) وصف لوقا الإنجيلي ملامح الطفل يسوع لدى عودته الى الناصرة. لقد عاد يسوع إلى الناصرة في جوّ من الهدوء الشديد ليُمارس الحياة البشريّة كأي واحد منا، ولم يُظهر أي معجزة في صباه. وكانت أول معجزاته تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم. لم يردْ أن يُظهر يسوع معجزات في طفولته وصباه حتى بدأ الخدمة العلنية. يؤكِّد ذلك ما قاله الإنجيلي يوحنا في تحويل الماء خمرًا في عرس قانا الجليل، معلنًا أنها أول آية صنعها يسوع " هذِه أُولى آياتِ يسوع أَتى بها في قانا الجَليل، فأَظهَرَ مَجدَه فَآمَنَ بِه تَلاميذُه "(يوحنا 2: 11). فقد اهتم لوقا الانجيلي بكل مراحل المسيح، فرآه جنيناً في بطن أمه، ورآه طفلاً وصبياً ثم رآه مكتمل الرجولة، فالمسيح إذاً قدَّس جميع مراحل الحياة البشرية كما أوضح لوقا الإنجيلي " كانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ والقامَةِ والحُظْوَةِ عِندَ اللهِ والنَّاس" (لوقا 2: 52). هذا هو المسيح الإنسان، هذا هو الإنسان الكامل، الّذي له جسد وعقل وروح – كما لأيّ إنسان آخر – لكن بلا خطيئة. لأنّ اللاهوت أعطى مجالاً واسعاً حرّاً لنموّ الناسوت، نموّاً طبيعيّاً كاملاً متماثلاً. لقد حمل يسوع ناسوتنا، وصار مثلنا بالرغم من عدم انفصاله قط عن لاهوته. ويُعلق القديس كيرلس الكبير: "يشير القول "يتقدُّم الصبي في الحكمة والقامة والنعمة" إلى طبيعته البشريّة الإنسانية، ...فقد تحمَّل الله الكلمة أن يولد إنسانًا، مع أنه بطبيعته الإلهيّة لا بداية له ولا يحدّه زمان، فهو الإله الكامل الذي قبل أن يخضع لقانون النمو الجسماني، ويتقدَّم في الحكمة وهو إله الحكمة. وقد أصبح المسيح الآن مثلنا. ولذلك سار الصبي بموجب قوانين الطبيعة البشريّة فكان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة". نما جسمه في القامة، وتقدَّمت نفسه في الحكمة، اما في طبيعته الإلهيّة فهو كامل لأنه مصدر الحكمة والكمال. ويُبيِّن لوقا الإنجيلي يسوع ينمو شيئا فشيئا، تحت رعاية ابويه يوسف ومريم وتربيتهما السليمة. لقد سهرا عليه بلطف واحترام لشخصيته. "كانَ الطِّفْلُ يَتَرَعَرعُ ويَشتَدُّ مُمْتَلِئاً حِكمَة، وكانت نِعمةُ اللهِ علَيه" (لوقا 2: 40). لقد أتخذ المسيح جسدنا فصار مثلنا. وكان جسده (ناسوته) ينمو طبيعياً جداً مثلنا تماماً، وكان عقله يزداد حِكْمَةً (نمواً عقلياً)، وكان روحه ينمو نعمة عند الله (نمواً روحياً) والناس (نمواً اجتماعياً). كان لاهوته المتحد بناسوته يعلن النعمة التي فيه أكثر فأكثر، فكانت نعمته تتزايد في أعين كل البشر. التربية تساعد الولد في نموّه النمو الكامل المنسجم. يقول المجمع الفاتيكاني في بيانه التربية المسيحية "إذا تقاعس الوالدون عن الدور التربوي، صعب جداً الاستعاضة عنه، فمن واجبهم ان يخلقوا جواً عائليا تُحييه المحبة والاحترام لله والبشر... فيتعلم الولد كيف يمجّد الله ويكرمه، ويحب قريب" (رقم 3). وُلدت عائلة الناصرة من الإيمان، وعاشت من الإيمان، وسارت مستنيرة دائماً من كلمة الإله الحيّ بإيمانها. فالإيمان يكشف عن مدى قوة العلاقات التي تربط بين افراد العائلة. وفي هذا الصدد يقول البابا فرنسيس " إنّ نور الإيمان قادر على إظهار غنى العلاقات البشريّة وقدرتها على الاستمرار وعلى التحلي بالثقة وإثراء الحياة المشتركة". فكانت العائلة المقدسة نـموذجا في تتميم إرادة الله، وفي قداستها وإيمانها ومحبتها وصبرها على الألـم والاغتراب والفقر، ولا يوجد أي غرض أخر خاص لكل فرد فيها سوى محبـة بعضهـم البعض. كل فرد يعمل على تنمية حياته الروحية الشخصية والعمل مع الآخرين على مساعدتهم في الجهاد الروحي. وأما يسوع فيقول الكتاب انه " كانَ طائِعاً لَهُما" (لوقا 2: 51)، والطاعة دلالة الاحترام لـمكانة الأب والأم في الأسرة، وهو احترام متبادل مبني على أساس المحبة والثـقة. والآن، هـل لنا أن نعيد الـمفهوم الصحيح للأسرة المسيحية الـمقدسة الـمتحابـة، التي تحترم أفرادها، وتعمل على التربية الروحية الأمينة لكل أفرادها، وليس فقط التربية الجسدية أو الذهنية أو الاجتماعية؟ الخلاصة انفتح سمعان الشيخ وحنة الارملة على عمل الروح، فاكتشفا علامة ملكوت الله. فلما دخل الطفل إلى الهيكل وفتح عينيّ سمعان الشيخ الذي اِشتهى بفرح أن ينطلق إلى جوار ربه بعد إدراكه الخلاص النور الأمم ومجد الشعب الأمين؛ وفتح الطفل الإلهي لسان حَنَّة النبيّة بالتسابيح. واعترف سمعان ان يسوع هو المسيح الرب، انه الخلاص ونور الأمم ومجد شعبه ومحرر اورشليم والنور لكل العالم. وللناس إمكانية ان يرفضوه بشدة او ان يقبلوه بفرح. واما مريم أمه ستحزن للرفض العام الذي سيلاقيه ابنها. يدعونا انجيل اليوم ان ننتظر المسيح مثلما انتظره سمعان الشيخ وحنة النبية، وان نلتقي فيه في هيكل نفوسنا، ونقبله بالإيمانِ هو الإلهَ الذي صارَ إنسانًا ليخلصنا، ونقتدي بهما فنؤمن بالمسيح بمثل إيمانهما، ونحب المسيح بمثل حبّهما، وندعو الناس الى المسيح بمثل دعوتهما. الدعاء أيها ألاب السماوي، نرفع اليك صلاتنا مسبحين الله مع سمعان الشيخ في صلاة النوم معبِّرين عن اشتياق النفس للانطلاق للسماء: " الآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام، وَفْقاً لِقَوْلِكَ فقَد رَأَت عَينايَ خلاصَكَ الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ كُلِّها نُوراً يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين ومَجداً لِشَعْبِكَ"، واجعل جميع الشعوب والعائلات يجدون السلام والسلامة والوحدة فيك، أنت أمير السلام ومخلّص العالم.