موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٣ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩

عهد خلاص أبدي من أعلى الصليب

بقلم :
الأخت برونا عودة - الأردن
عهد خلاص أبدي من أعلى الصليب

عهد خلاص أبدي من أعلى الصليب

 

"على الصليب يقطع الرب معنا عهدًا جديدًا أبديًا، إنه عهد الخلاص" من أعلى الصليب ومن قلب المصلوب منحنا الرب بركةً، وهي أن رشَّ علينا ماءً طاهراً، ومنحنا بقلبه المطعون قلباً جديداً وجعل روحهِ في أحشائِنا ، فنزع من لحمنا قلب الحجر ومنحنا قلباً من لحم. من قلب المصلوب ولدت الكنيسة ولادةً جديدة بدمه الذي فدانا، وبماء المعمودية الذي اعادَ إلينا الحياة الجديدة وغسلنا من خطايانا وأعادَ إلينا صورة الخلق الأولى على صورة الله ومثاله. ومع لونجينوس وتعني (الرامي) أي رامي الرُمح، الذي طعن جنب المسيح بالحربة وغسله بدمهِ من الخطيئة وطهرهُ بماء المعمودية، والتوبة نجدِّد إيماننا ونقول كانَ هذا إبن الله حقاً. بدل أن يعاقبنا الله على خطايانا رفعها عنّا على الصليب، وكفّر عنها بيسوع المسيح وفدانا بدمهِ.(رومه 8:5).

 

أولاً: الكفارة (رومة 25: 3) يعلمنا الموت على الصليب، أنّ تحقيق الذات لا يتم إلاّ ببذلها وأنّ كل إنسان لديه قضية يعيش من أجلها وقضية المسيح كانت الموت من أجل خلاص من يحب. يقودنا الصليب إلى أن ننظر إليه عندما نقع في التجربة والضعف لنستمد منه القوة. فبالصليب يترك الخاطىء مساحة للخلاص وللرب في ذاته. يسوع المصلوب هو آدم الجديد المخلص، كان آدم القديم يتنقل من شجرة إلى شجرة ليختبىء من وجه الله ليخفي خطيئته‘ لكن الرب أراد أن يخلِّص بني آدم، فانصلب على جذع من شجرة لتصبح أداة الخلاص بعد أن كانت أداه للموت، لم يمت يسوع إلا عندما أعاد الصداقة لنا مع الله. كان ينتظر الله من آدم وحواء أن يقولا خطئنا سامحنا، ولم يقولاها بل قالها يسوع "إغفر لهم لانهم لا يدرون ماذا يفعلون". هو من تألم على خشبة عامودية واحدة، ولكن حكمة الحب دفعته إلى أن يُسمر على الخشبتين أُفقيًا وعاموديًا. أمام هذا العناق القاتل المحيي تجلَّت حكمة الله وانشق حجاب الهيكل من الوسط، وتوسط الصليب والمصلوب الجلجلة رمزاً لربط العهدين القديم والجديد لتتم الآية "جئت لأكمل لا لأنقض. صلب على خشبتين ليربط بزواياه الأربعة بين الأرض والسماء ويجمعنا من الرياح الأربع. يسوع ردّنا إلى شجرة الحياة، إلى عدن بواسطة خشبة الصليب.

 

ثانيًا: ثمن تبريرنا (رومة 3: 25) لقد دفع المسيح ثمن تبريرنا ومن ثم صالحنا مع الله ومع ذواتنا ومع القريب بموته على الصليب. إنّ النعمة المبررة ننالها بسر المعمودية وهي ثابتة وفائقة الطبيعة، والنعمة الحالية طبيعية وتعتمد على جهودنا الروحية والنفسية والجسدية. نحن بحاجة لنعمة وقوة من الصليب لاستكمال فعالية نعمة السر. بالمعمودية يقول لنا الرب أنَّ خطيئتنا ليست أقوى من الذي دعانا. رحمة المصلوب لنا، تدفعنا لننشد: "قدوس، قدوس، قدوس، لصليبك يا رب ننشد ولقيامتك المجيدة نسبِّح".

 

على الصليب يُجدِد الله امانته ووعوده لنا لأنه ثابت ولا يتغيّر ولا يمكن أن ينكر نفسه. بكل ذبيحة إلهية تتجدد ذبيحة الصليب لتمنحنا الغفران من جديد. آهٍ كم عانت القربانة التي نتناولها على الصليب وهي ذبيحة دموية (جسد المسيح ودمه)، لتصل إلى قلوبنا ذبيحة إلهية. وما الصلب إلاّ تدخل الله الكامل بالكون المخلوق غير الكامل وبالطبيعة البشرية ليصبح الكون الناقص بذاته كاملاً بالعلاقة مع الله من خلال النور الآتي إلى العالم ليرفع عنّا خطيئتنا وهو سيدنا يسوع المسيح.