موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٩ يوليو / تموز ٢٠٢٢

ديناران، واحدًا لوجه الله والثاني محبةً بالقريب

بقلم :
الأخت برونا عودة - الأردن
ديناران، واحدًا لوجه الله والثاني محبةً بالقريب

ديناران، واحدًا لوجه الله والثاني محبةً بالقريب

 

مثل السامري الرحيم، مثل يجمع بين مبادىء الدين والديرة والعشيرة.

روى يسوع مثل السامري الصالح ليجيب على سؤال أراد به صاحبه إحراجًا له.

في الواقع لا يجيب يسوع على أي سؤال، فعالم الشريعة يسأل عمّا يجعله مرضيًا عند الله.

أي عمّا هو البر، مما يجعله "يرث الحياة الأبدية".

ولكن هناك حكمة من إعادة السؤال إليه:ماذا تقول الشريعة؟

ويضيف كيف تقرأ؟

 

نرى يسوع يثني على الإجابة ويدفع محاوره إلى الإنتقال من الكلام إلى العمل، ومن المعرفه إلى الإلتزام؛ "إعمل هذا تحيا".

 

وأمّا عالم الشريعة فيكمل: "من قريبي؟"

هوذا السؤال الذي أراد به إحراج يسوع. فالإجابه ليست بديهية.

هل هو ابن شعبي وملتّي؟ هل هو قريب الدم؟ هل هو المؤمن؟ هل هو البار؟

وأمّا يسوع فيروي قصة السامري الرحيم.

 

هناك ثلاث أنواع من الشخصيات، الذين تجمعهم مبادىء الدين والديرة والعشيرة، جميعهم أتوا من أورشليم إلى أريحا.

 

أولاً: مبدأ الدين، فالكاهن من ناحية لا يجرؤ على لمس الدم لئلا يتنجسّ به، وهو يمثّل شريعة الطاهر والنجس أي "شريعة الأحبار".

 

ثانيًا: مبدأ العشيرة، من هذه الناحية، رجل ينتمي إلى سبط لاوي، ولاوي هو الوحيد من بني يعقوب، الذي لم ينل نسله أرضًا حين تحاصص الشعب أرض كنعان. فهذا الرجل يمثّل شريعة التضامن مع الشعب.

 

ثالثًا: مبدأ الديرة، أمام المستمع سامري، والسامري لليهودي غريب وليس بقريب، يسوع نفسه حين شفى عشرة بُرص وما شكره إلا السامري ويُعد غريبًا (لوقا 17: 17-18).

 

"أليس العشرة قد برئوا؟ فأين التسعة؟

أما كان فيهم من يرجعُ ويمجد الله سوى هذا الغريب؟

 

بعد عودة هذا الشعب من منفاه في بابل، وجد شعبًا قد استوطن، ومزج بين عقيدة اليهود وعادات الشعوب، فكان هذا الشعب القاطن في السامره غريبًا، مبتدعًا، لا شركه له مع شعب الله ولا مكان في هيكل العلي.

 

فمن من الثلاثة مبادىء؟ الدين أم الديرة أم العشيرة أقرب لأن يرث ملكوت الله لأنه طبّق الوصية؟

 

لم يجرؤ عالم الشريعة أن يقول السامري، بل قال "ذاك الذي عامله بالرحمة".

إنّ سمو الرحمة على شريعة الطاهر والنجس، وعلى شريعة التضامن القوميّ، يجعل من الغريب قريبًا.

 

والسؤال النظري: من هو قريبي؟

تحوّل بالعمق إلى إجابه عمليّة: "إذهب واعمل أنت أيضاً مثل ذلك!

لا تستدعي الوصية تحديدًا لمجال تطبيقها بل هي تدعو إلى خرق الحدود، وتحويل الغريب إلى قريب، وهذا الإختراق هو ما تحدده الرحمة.

 

في الفندق اختصر السامري الرحيم الوصيتين عندما قدّم الدينارين:

الدينار الأوّل: للوصية الأولى والعظمى "أحبب الرب إلهك بكل قلبك ونفسك. وهذا الدينار هو لوجه الله تعالى.

أمّا الدينار الثاني: فكان تجسيدًا للوصية الثانيّة "أحبب قريبك ،حبك لنفسك". فهو محبةً بالقريب.

 

فكن سامريًا رحيمًا، وكن عظة قبل أن تعظ.

 

أحدًا مباركًا لجميعكم