موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٨ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥

"شفاء الأعداء" بين كاتبي سفر الملوك الثاني والإنجيل الثالث

بقلم :
د. سميرة يوسف سيداروس - إيطاليا
سِلسلة قِراءات كِتابيّة بين العَهدَّين (2مل 5: 14-17؛ لو 17: 11- 19)

سِلسلة قِراءات كِتابيّة بين العَهدَّين (2مل 5: 14-17؛ لو 17: 11- 19)

 

الأحد الثامن والعشرون (ج)

 

مُقدّمة

 

تأتينا الكلمات الإلهيّة في قرأتنا لنصييّن فيما بين العهدين، برد إلهي قويّ وهو "شفاء الأعداء". علمنا من يسوع بأنّه علينا أنّ نحب الأعداء ولكن الآن هو يقف بجوار الأعداء بل يشفيهم ويكشف عن ذاته لهم فيتخذونه إلهًا لهم أيضًا. في الحدث الأوّل الّذي نقرأه من سفر الـملوك الثاني (5: 14- 17)، حيث تظهر شخصيّة نعمان الأجنبيّ وهو الّذي لا ينتمي لبني إسرائيل ولكن تظهر عجائب الله فيه بسبب طاعته لقول النبي إليشاع. وعلى ضوء خطوات هذا الأجنبيّ الّذي من أصل سامريّ، نقرأ بحسب لوقا الإنجيليّ لقاء آخر وهو بين يسوع وعشرة مرضى بالبرص ولكن الأجنبيّ وهو من أصل سامريّ هو الوحيد الّذي يحمل قلب به إمتنان لشفائه ويعود ساجداً امام يسوع وممجداً. لـماذا يتدخل الرّبّ لصالح الأجانب أي مَن ينتمون إليه، مثلنا؟ هذا هو التساؤل الّذي سنبحث عن إجابته في مقالنا هذا. نهدف لنتحرر من الإعتقاد بأنّ الرّبّ هو إلهنا نحن فقط وهو له من القدرة والعظمة ليشمل الجميع برحمته وشفائه. إلهنا هو إله الكلّ بدون تمييز وبدون هويّة دينية محددة.

 

 

1. القرار البشريّ (2مل 5: 14-17)

 

تأتينا كلمات كاتب سفر الـمُلوك الثانيّ بحدث فريد من نوعه إذ بعد تسليم إيليّا رسالته لتلميذه أليشاع، بـشمال إسرائيل أي بـمملكة السامرة، إذ يبدأ مباشرة في رسالته النبويّة. نعلم من التاريخ أنّ اليهود الّذين إستقروا بـمملكة الشمال فصار لهم مجال أكبر للخيانة وعدم الأمانة للشرائع الإلهيّة بسبب إخلاطتهم بجنسيات أجنبيّة بل تتعبد لآلهة أخرى. لذا يروي الكاتب في إفتتاح هذا النص عن شخص كانت له السلطة في عصر أليشاع ولم يكن من اليهود ويدعى نعمان حيث يشير بأنّه: «وكانَ نَعْمان، رَئيسُ جَيشِ مَلِكِ أَرام، رَجُلاً عَظيمًا عِندَ سَيِّدِه مُكَرَّمًا لَدَيه، لأنه عن يَدِه أَعْطى الرَّبُّ نَصْرًا لأَرام. وكانَ الرَّجُلُ مُحارِبًا باسِلاً، وكانَ أَبرَص» (2مل 5: 1).  من خلال هذا الوصف الجيد لصفات وملامح نعمان الأجنبي عن بني إسرائيل، نجد أنّ لديه نقطة ضعف بالرغم من الـمزايا العديدة وهي مرضه بالبرص. ولكن بسبب طاعته لفتاة من أصل يهوديّ كانت خادمة لزوجته (راج 2مل 5: 1- 13)، وبالرغم من مركزه الـمرموق، إلّا إنّه أطاع نصيحة الخادمة. تقدم لنا الليتورجيا نهايّة اللقاء بين أليشاع ونعمان. حيث أمره أليشاع بالنزول في نهر الأردن سبع مرّات. وها هو الرجل صاحب السلطة يطيع من جديد بعد إلحاح خدمه عليه إذ: «فنزَلَ وغَطَسَ [نعمان] في الأردُنِّ سَبعَ مَرَّاتٍ، كما قالَ رَجُلُ اللّه، فعادَ لَحمُه كَلَحمِ صَبِيِّ صَغيرٍ وطَهُر» (2مل 5: 14). ثمرة الطاعة لرجل الله، أليشاع، تحمل الشفاء والنعمة. حيث أنّ جسد نعمان الأجنبي، ومريض البرص، عاد أكثر حيويّة بل إنتقل لحمه الّذي كان مريضًا بالبرص إلى لحم صبيّ صغير. مما يشير إلى أنّ أعمال الله تعجز فكر وقلب الإنسان لأنّ الرّبّ حينما يعطي يعطي بسخاء تام وكامل. هذا هو معنى الإيمان، حيث من خلال مياه الأردن البسيطة، يتدخل الله ويمنح شفائه من خلال نبيّه لرجل ليس من أصل يهوديّ. مما يؤكد بأنّ رحمة الله تصل للكل بدون تمييز يكفي الطاعة والإيمان به وهذا ما سنراه في قرار نعمان القائل: «هاءَنَذا قد عَلِمتُ أَن لَيسَ في الأرض كُلِّها إِلهٌ إِلا في إسرائيل [...] إِنَّما يُعْطى عَبدُكَ حِملَ بَغلَينِ مِنَ التُّراب، فإِنَّه لا يَعودُ عَبدُكَ يصنَعُ مُحرَقَةً ولا ذَبيحَةً لآَلِهَةٍ أخْرى، بل لِلرَّبّ» (2مل 5: 15. 17). يشير حمله التراب إلى أرضه، إلى إعلانه بأنّ الأرض الواقف عليها مقدسة إذ يحمل منها ليقدس حياته ويجعل هناك هيكلاً للرّبّ على تراب مقدس. علامة على قبول هذا التدخل الإلهي العجائبي. حينما يكشف الله عن وجه وينتمي للإنسان، يعلن الإنسان بحريّة كاملة إختياره للرّبّ حتى وإنّ لم يكن من الشعب الـمختار منه. وهذا يؤكد أنّ لنا من الحريّة بالإختيار والطاعة للتدخلات الإلهيّة الّتي يغمرنا بها الرّبّ يوميًا. مدعويّن لإكتشاف النعمّ الإعجازيّة الّتي يغمرنا بها الرّبّ يومًا بعد يوم.

 

 

2. نحو طريق أورشليم! (لو 17: 11- 19)

 

من على أرض مملكة الشمال أي السّامرة، نجد يسوع يصعد من الجنوب ليصل إلى أورشليم حيث يُسلم ذاته لأجل الجميع. إلّا إنّ يسوع، لازال بحسب الرؤية اللُوقاويّة يلتقي بالناس ويحملهم للرّبّ بل يحمل إله الشفاء إليهم. يخطو يسوع بأرض السّامرة وهناك يلتقي ببعض من ذوي الأصل اليهودي وآخرين من السّامرييّن. شعب السّامرة هو شعب الـمختلط بشعوب غريبّة لا تنتمي لإسرائيل ولا تعبد الرّبّ. بل في العادة نجد أنّ هناك عداوة دامت بين أهل السّامرة وأهل يهوذا بسبب إنشقاق وإنفصال الأسباط الإثنى عشر بعد موت الـملك سليمان. بالرغم من إستمرار هذا التحجر في علاقات الإخوّة الّذين من ذات الأصل اليهودي وهو الشعب الـمختار من الرّبّ، إلّا أنّ الله يرسل إبنه لهم بالتحديد في هذا الـمقطع ليستبق مسيرة من التصالح والعودة للرّبّ من خلال مرض البعض منهم.

 

ها نحن نسير على الطّريق نحو أورشليم، وراء يسوع الّذي يتوجه بقراره الحرّ (راح لو 9: 51). بحسب إفتتاح الإنجيليّ لهذا النص بوصفه: «وبَينَما هو [يسوع] سائِرٌ إِلى أُورَشَليم، مَرَّ بِالسَّامِرَةِ والجَليل» (لو 17: 11). قد آتي يسوع للجميع وبدون إستنثاء جاء يحمل رسالة الخلاص مبتدأ بالشفاء. يبدأ النص الإنجيليّ بتعبير له أهميته على الـمستوى الكتابيّ وهو "على طريق أورشليم". نعم، تعبير جوهري لأنّ لوقا يُبرز الجزء الثانيّ من إنجيله بإشارات مُلحة إلى إننا في مسيرة إلى أورشليم بدأناها في 9: 51. كل شيء يحدث على طول هذه الـمسيرة "كناية" عن حياة يسوع وعنا كتلاميذ عبر تاريخنا بالإنتماء له فنتبعه نحو أورشليم. جميعنا دائمًا في هذه المسيرة. على الطّريق إلى أورشليم الأرضيّة، حيث تُعرض شهادتنا، على غرار شهادة الرّبّ في نعمة الحياة. نحو الطّريق إلى أورشليم السماويّة، مدينة لا نستحقها ولا نبنيها بجهودنا الخاصة، بل هي مُعطاة لنا بمجانيّة. يندرج هذا النص الإنجيليّ أيضًا في هذه الـمسيرة كمسيرتنا اليّوم وراء يسوع الّذي نتبعه.

 

 

3. البرص: الـموت على الأرض (لو 17: 11- 19)

 

اللقاء الـموصوف بهذا النص الإنجيلي يكشف عن هويّة الشخصيات بالنص وهي يسوع وعشرة رجال وهم مرضى بالبرص. من المرجح أنّ كلّ شيء يحدث على خارج مدينة السامرة. في الواقع، من جهة، يُقال إنّ يسوع كان يدخل من جهة أخرى، لم يُسمح للمصابي البرص بدخول القرى. فكانوا مرفوضيّن بسبب العدوى من الـمجتمع وبالنسبة للشريعة فهم نتسمون بالنجاسة. لذا الرفض وسكناهم بالقرب من الـمدافن والقبور خارج الـمُدن هو مقرهم. ولكن يروي الإنجيليّ أنّ يسوع له رسالة أيضًا مع هؤلاء الـمرضى إذ كانوا يُعاملون معاملة الـموتى أثناء حياتهم. إذ «عِندَ دُخولِه [يسوع] بَعضَ القُرى، لَقِيَه عَشَرَةٌ مِنَ البُرْص، فوقَفوا عن بُعدٍ، ورَفعوا أًصواتَهم قالوا: "رُحْماكَ يا يسوع أَيُّها الـمُعَلِّم!"» (لو 17: 12- 13). يصف لنا الكاتب هذا الـمشهد كلقاء، بين عشرة رجال مصابين بمرضٍ يُعادل الـموت في الكتب الـمقدسة والحضارات القديمة وبين معلّم قدير. كان الـمُصابون بالبرص بمثابة أشخاص أموات وهم أحياء. وجدوا الطّريق وساروا نحو يسوع وصرخوا إليه، مُنادينه وطالبين رحمته. لا نعلم كيف عرفوا بأنّه الـمعلّم وكيف له من السلطان ليرحمهم بنعمة الشفاءولكن نعلم إنّهم تحركوا طالبيّن الرحمة الإلهيّة الّتي مصدرها هو قلب الله، ووجه يسوع هو الّذي يعكس هذه الرحمة من خلال شفاء هؤلاء الـموتى أثناء حياتهم. واليّوم يسوع يسير على طريق حياتنا مدعويّن للخروج من ذاواتنا بأمراصنا الروحيّة والجسديّة طالبيّن رحمته لننال شفائه.

 

 

4. مفاجأة: الله يرى (لو 17: 14)

 

حين رأهم يسوع قال: «"اُمضُوا إِلى الكَهَنَةِ فَأَرُوهُم أَنفُسَكم" وبَيْنَما هُم ذاهِبونَ بَرِئوا» (لو 17: 14). رؤيّة يسوع وكلامه لهم تختلف عن كلام رجال الدين بعصره بل أمرهم يسوع بفعل ما أمرت به الشريعة الـمُصابين بالبرص وهو الذهاب إلى الكهنة للتحقق من حالة مرضهم، وإذا لزم الأمر، إعادة دمجهم في الـمجتمع الإجتماعي والديني. ينوّه الإنجيلي بالـمفاجأة إذ أثناء ذهاب مرضى البرص العشرة، أدركوا في الطّريق أنّ مرضهم قد زال. هذا هو إلهنا حينما نناجيه ونصرخ إليه بثقة يأتي ويرى حالنا ويأمرنا بطاعة كلمته. وحينما نأخذ كلامه على مجمل الجدّ يفاجئنا بنعمة الشفاء ونحن على الطريق نعتقد إننا مرضى. إنّ هذا اللقاء لهو جوهري من مسيرة يسوع العظيمة إلى أورشليم. خلال هذه المسيرة، إلتقى يسوع أيضًا بهؤلاء الـمرضى بالبرص. عشرة رجال مصابون بمرضٍ فصلهم عن جميع العلاقات الإجتماعيّة والـممارسات الدينيّة، في طريقه إلى أورشليم. يمثل هذا اللقاء، لقاء يسوع بالبشرية جمعاء، حتى تلك البشريّة الّتي تحمل آثار الـموت والمرض والعقوبة الّتي لا تُمحى. لكن في هذه الـمسيرة، ما لا يُمحى للبشرية يُشفى ويختفي عندما نستمع إلى كلمات يسوع، الّتي تدعونا ببساطة إلى طاعة كلمة الله. الله يرانا من الداخل ولا يرى فقط أمراصنا من الخارج. يرغب يسوع في أن يخترق بنظرة حبه أعماقنا لننال شفائه، فلنترك ذاوتنا تحت نظرته بثقة الأبناء.

 

 

5. إمتنان الأجنبيّ (لو 17: 15- 19)

 

بعد إختراق نظرة يسوع وتحريره للمرضى العشرة يروي الإنجيليّ أنّ هناك من يرغب من جديد في ترك ذاته أمام الرّبّ قائلاً: «فلـما رأَى واحِدٌ مِنهُم أَنَّه قد بَرِئَ، رجَعَ وهُو يُمَجِّدُ اللهَ بِأَعلَى صَوتِه، وسَقَطَ على وَجهِه عِندَ قَدَمَي يَسوعَ يَشكُرُه، وكانَ سامِرياً. أَما كانَ فيهِم مَن يَرجعُ ويُمَجِّدُ اللهَ سِوى هذا الغَريب؟)) ثُمَّ قالَ له: "قُمْ فامضِ، إِيمانُكَ خَلَّصَكَ"» (لو 17: 17- 19). عاد الأجنبي الوحيد من العشرة إلى يسوع ليشكره، بل ألقى بنفسه عند قدميه. هذا الرجل، الّذي يحمل قلبه الإمتنان للرّبّ لم ينتمي ليهود السّامرة بل هو أجنبيّ الأصل، إذ كان سامريًا. علينا أنّ نتعلم من هذا الّذي لمّ ينتمي للرّبّ قبلاً حتى نحمل مشاعر الإمتنان والشكر للرّبّ فكل أعماله بحياتنا اليوميّة هي إعجازيّة وشافية.

 

 

6. شفاء الأعداء (2مل 5: 14- 17؛ لو 17: 11- 19)

 

في واقع الأمر، لمّ يطلب يسوع من مرضى البرص العشرة، الّذين يمثلوننا، القيام بأمور جديدة أو خارقة، بل أمرهم ببساطة أنّ يفعلوا ما فعله جميع مرضى البرص في إسرائيل بحسب شريعة موسى. ولمّ يسأل عن هويتهم الدينيّة أم الوطنيّة. حيث من الواضح أنّ الجديد لا يكمن في الممارسات أو اللوائح، لا شيء سحري يُفعل، بل يكمن الجديد في لقائهم به على الطّريق الّذي يقوده إلى أورشليم. ما لا يُمحى يختفي عندما نلتقي بمن يُكرّس ذاته بالكامل ويطلب من تلاميذه أن يسلكوا نفس الطّريق. يحدث هذا كما حدث مع نعمان عندما التقى أليشاع، فلم يُطلب منه القيام بأي شيء خارق، بل ببساطة أنّ يغتسل، وكان سامريًا.

 

حتى الشفاء، كانت المجموعة التي أتت إلى يسوع طالبةً مساعدته مجموعةً غير مُميزة. يُفترض إنّهم يهود الأصل، بالنظر إلى السيّاق، ولأنّهم لجأوا إلى يسوع فيُرسلهم إلى الكهنة. لقد إلتقى يسوع ببشريتنا المجروحة في طريقه، والبشرية المجروحة لا تُميّز بنوع الجنس أو الهويّة الدينيّة أو خلافه. في المرض، في الألم، في الموت، جميعنا متساوييّن. في ما يفصل الإنسان عن الإنسان، والإنسان عن الله، لا يوجد تمييز بين الناس، أو الدّين، أو الطبقة الاجتماعية. كلّ بشريّتنا، تلتقي بيسوع في مسيرته إلى أورشليم يوميًا. ولكن بعد الشفاء، نعلم أنّ من بين هؤلاء الـمرضى العشرة، كان هناك سامريًا، أي أجنبيّ. عاد هذا الغريب ليشكره، بينما لم يُذكر شيء آخر عن الآخرين. هذه هي الشموليّة الّتي يرغب الإنجيلي التأكيد عليها. نجد كمتدينيّن، بشيء من السخرية، إنّ الأجنبي ذاته الّذي يُستبعد من يهوديّ الأصل هو الوحيد الّذي يعود ليشكر على شفائه ويمجد الله ويكتشف قدرة إله بني إسرائيل. ربما نظنّ كشعب الله، إنّ الشفاء من نصيبنا، ونخطأ بهذا الفكر. ربما نعتبر إنّه من حقنا أنّ يتدخّل الله ليُخلّصنا نحن فقط من أمراضنا. لكننا نحن الّذين بدون حقّ، ولا إمتيازات نطالب بها، نستطيع إدراك مجانية تدخل الله بواسطة يسوع؛ نستطيع أنّ نفرح وندهش لأنّ كلّ شيء هو نعمة مجانيّة. إنّ لقاء يسوع بنا نحن الـمرضى يرفعنا من غفلتنا، ويعيدنا لنصير حقيقة شعبه، فهو يُعيد إلينا كرامتنا. لقاء يسوع لا يعني إنكار ثقافتنا وتاريخنا، بل قبولنا من جديد لتحرّيره من كلّ شرّ وخطيئة ومرض. الإمتنان هو أنقى شعور تجاه هبة الله. عندما أتلقي هبة من شخص في مثل مستواي، أستطيع أنّ أُبادله، ولكن عندما يكون الله هو الـمُعطي، لا أستطيع أبدًا أنّ أبادله، ولا يتبقى لي سوى الشكر. الإمتنان هو شعور مَن يعلم أنّ النعمة الّتي تلقاها لا تنتظر مقابلًا، بل تُقدّر بواهبها السخي، وهو الله.

 

 

الخلّاصة

 

شفاء الأعداء، هذا هو العنوان الّذي إخترناه لـمقالنا هذا. فقد كشفت لنا آيات العهد الأوّل بسفر الملوك الثاني (5: 14- 17) بناء على حدث مُعاش، في لقاء نعمان السامري الأصل وشفائه على يد، نبي الله، أليشاع من البرص. من خلال لقاء أليشاع إستمدينا اليقيّن بأنّه لا يوجد إله في الأرض كلها مثل إله بني إسرائيل. وهكذا، بحسب العهد الثاني (لو 17: 11- 19) من خلال لقاء يسوع بعشرة حاملين ذات الـمرض، نكتشف وجه الله وحضوره في شخص يسوع إبنه، الّذي يوجه هؤلاء الـمرضى بالإصغاء لكلمة الله. سواء نعمان أم الوحيد السامريّ من بين العشرة الّذين كانوا سابقًا نرضى والآن أصحاء، هما الوحيديّن الّلذان يعودان ليمجدا الرّبّ ويكتشفوا الوجه الحقيقي لله. إله للكلّ سواء من شعبه أو من أعداء شعبه. فرحمة الله تنال وتصل الجميع والشفاء من الأمراض الخطيرة نعمة إلهيّة يحصل عليها أعداء شعب الله. فهذين النصييّن كشفا لنا أنّ الإتحاد بالرّبّ والأمانة لكلمته يُظهران دائمًا في حياتنا كمؤمنين التطهير الّذي اختبره سواء العشر مرضى البرص عندما إلتقوا بيسوع. أم نعمان الّذي إلتقى نبي الله، أليشاع. مدعويّن الّيوم الخروج على للقاء الرّبّ صارخين وطالبين الشفاء، فنناله فقط حينما نلتقي الرّبّ ويُفاجئنا بنعمته فنعود لنمجده ويصير إلهنا هو الكلّ في الكلّ.