موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
على هامش صلاة الوحدة المسيحية، اقيمت وتقام صلاة من اجل الوحدة المسيحية ولمدة اسبوع مكرس لهذه النية من كل سنة... حيث نشرت العديد من المواقع الالكترونية خبر مفاده اقامة صلاة من اجل وحدة المسيحيين في غالبية كنائس العالم اذا لم نقل جميعها. ونشرت بعض الصحف المحلية والعالمية هذا الخبر ايضا، ولكن أسأل اي وحدة نبتغيها من هذه الصلاة؟ هل هي وحدة (الكراسي) ام وحدة ماذا؟ حلم لطالما راودني على ارض الواقع!... الكنيسة منذ تاسيسها كانت واحدة بامر الرب لبطرس: انت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي، اي كنيسة المسيح التي هو رأسها...فاذن االوحدة التي نبتغيها ليست وحدة الكراسي وانما وحدة الروح، وحدة القلب، وحدة العمل...الخ. كل الكنائس جميلة برتبها وطقوسها ونظامها ولا نريد ان تنتهي او تقصى كنيسة على حساب أخرى لكي تتوحد الكنيسة وتصير كنيسة واحدة بمفهومنا البشري البسيط من حيث الطقوس والليتورجيات وسائر الامور الاخرى. كلا، الوحدة هي في جمال هذا الاختلاف والتمايز الموجود بيننا والحفاظ على هذا التمايز ورؤيته بعيون اخرى غير عيوننا البشرية، رؤية هذا الجمال والتمايز بعيون الله، عيون الايمان، اذ ان كل كنيسة هي بمثابة وردة في حديقة المسيح، فهناك القرنفل والنرجس والاقحوان والقديفة و....الخ ولكل وردة من هذه الورود لها رائحتها الزكية النافحة ولها لونها المميز الخاص، وكل وردة من هذه الورود تمثل كنيسة برتبها وليتورجياتها وتقاليدها وهذا لا يعني ان كل وردة من هذه الورود هي منفصلة تماما عن الاخرى اذ الذي يجمعها هو هذه الحديقة الزاهية، حديقة الرب الفادي... انه لمن الحكمة أن نبحث عن وحدة في احترامنا لبعضنا بعضاً، وأن نقبل بعضنا بدون حُرمات وحرمانات، وأن نتوحد بالحب والالتقاء والتحاور، وإن تحقق لنا هذا الأمر في يوم من الأيام نقول الحمدلله أننا عبرنا خطوة في مسيرة وحدتنا الأرضية، وهدمنا جدار في أساسات طائفيتنا المنغلقة، لكننا لا نكون محققين لوحدة الكنيسة التي أسسها يسوع، لأنها ببساطة شديدة واحدة منذ تأسيسها: ليكونوا بأجمعهم واحداً. "حمل هموم وحاجات الكنيسة البشرية وهموم بعضنا بعضاً مذكرين الجميع دائماً بأهمية الصلاة في حياة الكنيسة وحياة كل مؤمن" هذا ما يذكرنا به الارشاد الرسولي الذي يدعونا للوحدة دائما مع الاب، فالصلاة لها مفاعيل عظيمة في قلب موازين الحياة برمتها...فليصلي الواحد من اجل الاخر لتكتمل مشيئة الاب الاب بأن يكونوا باجمعهم واحداً. في الوقت الحاضر هناك بوادر كثيرة اكثر من اي وقت مضى لانشاد الوحدة المسيحية، ويسوع يقول لنا وبملحة شديدة: كفاكم تمزيقا في جسدي الواحد، كفاكم تعصبا لان التعصب يغشي العيون ولا يدعها تبصر بوضوح وترى الله باريها...انتم (الكنائس) جميعكم ابناء ام واحدة، انتم جميعكم اخوة، انتم ابناء اب واحد هو الله، الى متى ستبقون متمسكين بارائكم وتلقون بكلمتي الابدية جانبا!؟ انه نداء صارخ لكل مسؤول: ستظل الكنيسة واحدة حتى انقضاء الدهر لأنها كنيسة المسيح التي لا تنقسم ولا تضعف ولا تمرض، أو يصيبها إبليس في مقتل، وهي وحدها الكنيسة التي لن تنتصر عليها أبواب الجحيم لأن الركب فيها تسجد لله فقط، وليس لبعل أو وثن، تلك الكنيسة التي لا تحيد عن هدفها مهما كانت المغريات...اختم هذا المقال البسيط بكلام الارشاد الرسولي: أين نحن وإلى أين نتجه ، ومَن يسيّرنا، وما هو دورنا ورسالتنا ومسؤوليتنا، فنحن كلنا مسؤولون، والمسؤولية أمانة ووفاء، ولأننا مسيحيون فسلاحنا التوبة والمسامحة وعيش الرجاء، في المسيح يسوع، لأنه ،هو السبيل الوحيد الذي يوحدنا... آمين.