موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٣

حياة أفضل

بقلم :
طعمة جبارة - الأردن

إننا في في سعي دائم في الحياة، نفتش عن السعادة، فالإنسان يعطي جُل وقته ويستثمر طاقاته ليحقق هذه السعادة، ويتبادر حينها إلى ذهني السؤال الجوهري كيف نحقق هذه السعادة؟ وما هو مفهوم السعادة؟ هل من الممكن أن نكون سعداء؟ وهل من الطبيعي ومن المنطق أن نكون جميعاً سعداء في حياتنا؟ وإذا كان ذلك طبيعياً، فلماذا نجد الحزن؟ بالحقيقة كان من الممكن أن نكون جميعاً في حالة اللا الوجود وكان ممكن من الأساس أن لا يكون هناك خلق أو حياة ، ولكن هذا سيتنفى مع طبيعة الله، ينبوع الحياة والمحبة ( أش 12/3 ، يو 3/18) ، لذا لا نستطيع أن نتصور الله كشخص جامد أو كشخص يحمل صولجان جالس على عرش، فهو كما قلنا ينبوع الحياة. ولنفهم ذلك دعونا نتأمل الأب كيف ينظر إلى طفله وكأنه يقول له أنا من سبب لك الحياة وبفرح ، هكذا الله خلقنا ويخلقنا بلغة العطاء وثمرة هذا العطاء هي الحب نحن، إذن لنتفق أولاً على أن أساس الخلق هو الحب الصادر من الله الممتلئ حباً ، وإذا كان أساس الخلق هو المحبة إذن السعادة هي محصلة ، "أتيت لتكون الحياة للناس وتفيض فيهم " (يو 10/10) إلا إن مفهوم السعادة أصبح يرتكز أكثر على اللحظة وعلى الأرقام و أصبحت السعادة تقاس بمقدار التفاعل في هذه اللحظة مقدار إشباع الحاجة !! فهل هذا هو مغزى الله لنا لحياة أفضل؟ حين أحتفلت بعيد ميلادي 31 قلت لإصدقائي الحياة عبارة عن لحظة نعم إدركت كيف إننا نسعى نحو لحظة السعادة هي لحظة وأصبح مفهوم هذه اللحظة أكثر حزناً عندما أفكر ماذا قدمت ؟ وهذا الحزن هو نفسه الذي لا يترك لنا فسحة السعادة ،فسحة الأمل فتغدو حياتنا أشبة بشجرة التينة غير مثمرة (لو13 ) أي كالموت ولكن حينها أدركت أن هذا الموت من يدفعني لعيش ملئ الحياة. وكما كان معلمي في بستان الزيتون " يا أبت، إذا لم يكن ممكنا أن تبتعد عني هذه الكأس أو أشربها، فليكن ما تشاء " (متى 26 /42) لقد ذاق يسوع معنى الحزن ذلك الحزن المجبول مرارة حتى الموت وكن الرب أدرك أن هذا الحزن الذي سيتحول على الصليب بالإلم والمرارة إلى قيامة إلى إنتصار إلى سعادة وفرح دائم. نعم حينها أدركت يأخوتي إن عيشنا لحظات السعادة لا معنى لها بل إن لحظات الحزن إن أمتزجت كما يسوع ومع يسوع سيقودنا إلى سعادة دائمة وإلى مفهوم جديد إلى السعادة فتصبح حياتنا لها معنى أخر وتصبح السعادة غير محدودة ، فلماذا نُصر أن نبحث دائما على المحدود والله يدعونا إلى المطلق، "على صوة الله خلقه" (تك 1/27). لليابسة حدود والمحيطات والبحار كذلك أما الأنسان فأين حده ومن يستوعبه؟ فنحن على صورة الله فلذا دعونا لا ندع حداً لذواتنا لإننا عندما ننصهر في الله نكون غير محدودين وهذا تعريف أخر للسعادة. إذن علينا أن نعي أن الله خلقنا لحياة أفضل وعلينا أن نعي أن عيشنا لحظات الحزن ،لحظات المرض ، لحظات الخيانة ، لحظات نكران المعروف ، لحظات الفشل .... كلها لحظة في السعادة غير المحدودة من الله ، علينا أن نفهم أن عيشنا على هذه الأرض هو عيش مؤقت ، لا أقول أن لا نعيش هذه اللحظة من السعادة بل لنتفاعل مع الحاضر بكل قلبنا وقدرتنا وهكذا في لحظة الحزن ، علينا أن ندرك أنها أيضا لحظة ، فيما أن حياتنا مع الله غير محدودة "بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه (1 كورنثوس 2: 9). إن أكثر ما يحزنني أن يستثمر الأنسان طاقاته بحث عن هذه السعادة المؤقته أن يبحث دوماً عن الرقص واللهو والسهر والملذات اللحظية ... وكأن الله خلقنا من أجل ذلك !! " ماذاينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟ وماذا يعطي الإنسان بدلاً لنفسه ؟ "(متى 16/22) أخوتي لا وجود لمحطة وصول في الإنسان كما القطار ، فالله سر ونحن على صورة هذا السر لن يأتي يوم تتوقف فيه عن التغيير لإنه حين تتوقف يعني الموت ، لذا دعونا دوماً نسعى إلى أن نخطو خطوة جديدة كل صباح ، دعونا أن لا ندع الحزن يستنزفنا بل إجعلوه مصدر للسعادة والفرح بمسيرة حياتك ، وأحيا هذه الحياة كأنها أخر يوم في حياتك ، لا تتردد أن تحب ، أن تساعد ، أن تسامح ، أن تعطي من كل قلبك ، لأنك أن لم تفعل ستندم. أُصلي: يا رب أنت يا من إنحدرت من علو سماك وقبلت ضعفنا البشري وعشت أحزاننا و آلامنا وأفرحنا نشكرك على إخلائك ذاتك وقبولك الإنسانية ونشكرك بنوع أكبر على محبتك اللا محدودة لنا نحن البشر ولي أنا الأنسان الضعيف ، أطلب منك أن تعطيني القوة والغلبة دوما على الحزن، على الضعف ، وأن يصبح منظور السعادة ،كمنظور الحياة الجديدة ، أجعلنا أكثر فأكثر نُسلم لك ذواتنا ملقين كل أحمالنا لديك واثقين أنك تدبر واثقين بما صنعت وتصنع يداك لنا ، بشفاعة أمك البتول أمين