موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
مما لا شك فيه أن جميع متابعي ما يجري للكنيسة الفلسطينية في هذه الأيام لم يكن يتوقع خبر تعيين الراهب الفرنسيسكاني فرانشيسكو باتون حارساً جديداً للأراضي المقدسة من قِبل البابا فرنسيس، ليُصبح بالتالي الراهب فرانشيسكو من اقوى الشخصيات الكاثوليكية على الساحة الفلسطينية. هذا الخبر انتشر انتشار الصاعقة على المستوى المحلي ذلك لأن هذا الراهب يعتبر جديداً ولا يعرفه أحد على الساحة المحلية، فلم تكن تربطه أي علاقة مع الأرض المقدسة في المرحلة السابقة من حياته. حارس الأراضي المقدسة الجديد الراهب فرانشيسكو يشبه إلى حد كبير الحارس السابق الأب بيتسابالا الذي نكن له كل الاحترام والتقدير والشكر على خدمته طوال السنوات الماضية. فكلاهما يأتيان من الشمال الإيطالي كما أنهما صغيرا السن. والسؤال هنا لماذا يرسل الفاتيكان شخصاً جديداً وغريباً ليتقلد المستوى الأكبر على الساحة الكاثوليكية في الأرض المقدسة؟ وما هدف قداسة البابا من ذلك؟ الأب فرانشيسكو من مواليد العام 1963، يمتلك شهادات في اللاهوت وعلم التواصل والصحافة التي درسها في جامعة السالزيان البابوية في روما، وخدم رهبنيته وأبرشية ترنتو الإيطالية لسنوات عديدة، كما عمل في الصحافة الكاثوليكية وعلمها، ويتكلم اللغات الإنجليزية والاسبانية بالإضافة إلى لغته الأم. وكراهب فرنسيسكاني فلا بد له من أن يكون متشبعاً من روح مؤسس الرهبنة القديس فرنسيس الأسيزي وفلسفته في الحياة. إن روح القديس فرنسيس ما زالت تنبض في كل بقعة من بقاع أرضنا الطاهرة المقدسة، وذلك من خلال اخوته وأبنائه الذين يتواجدون في الأرض المقدسة باستمرار وبالرغم من كل الصعوبات والحروب منذ القرن الرابع عشر. بنوا المدارس ودور العبادة والبيوت فاهتموا بالروح وبالروحانيات وبالظروف المعيشية للسكان المسيحيين والمسلمين وللحجاج من مختلف أنحاء المعمورة. وكان منهم قديسون وشهداء روت دماؤهم أرضنا. ومما لا شك فيه أن هدف تواجد الإخوة الفرنسيسكان في فلسطين هو الحفاظ على الاماكن المقدسة والمساهمة في نشر ثقافة السلام والوئام والحوار في المنطقة، فهُم اليوم سائرون على خطى مؤسسهم القديس فرنسيس الذي التقى عام 1219 بالسلطان الفاطمي الكامل وذلك في مدينة دمياط المصرية. إن التحديات التي ستظهر أمام الحارس الجديد ستكون كثيرة وذلك بحكم الظروف التاريخية التي يمر بها الشرق الأوسط والمسيحيون العرب بشكل خاص. يأتي الأب فرانشيسكو والوجود المسيحي في خطر بسبب الهجرة والظروف الاقتصادية المتدهورة، أما الاحتلال فما يزال يمزق الكيان الفلسطيني بأكمله، وهل سترى المصالحة الفلسطينية الفلسطينية نهاية لها على وجه ضيفنا الجديد؟ أما الربيع العربي فقد أصبح شتاءً قاسياً على الجميع ورياحه العاتية ما زالت تضرب وطننا العربي من مشرقه إلى مغربه. إن أملاك رهبنة الفرنسيسكان هي كثيرة في الأرض المقدسة والأديرة موزعة من الجليل إلى بيت لحم جنوباً ومن أريحا إلى يافا غرباً. فكيف سيصون الأب باتون هذه الأملاك وكيف سيحافظ عليها بالرغم من الامكانيات التي تشح يوماً بعد يوم بسبب الضائقة الاقتصادية العالمية! وما دلائل هذا التعيين وكيف يجب أن نقرأه؟ وهل سينجح الأب باتون في بث روح كنسية أخوية جديدة على صعيد الكنيسة المحلية؟ وهل ستستمر سياسات الرهبنة السابقة بحذافيرها أم سيعمل هذا الجديد الغريب على تغيير جذري على الساحة الداخلية الخاصة بالرهبنة الفرنسيسكانية والتي ستؤثر بكل تأكيد على الساحة الخارجية الفلسطينية المسيحية. وهل سيخطو الفاتيكان نفس الخطوة فيما يتعلق ببطريرك اللاتين المقبل فيعين بطريركاً للقدس غريباً عن القدس وأهلها وكهنتها؟ لنرى ما ستجلبه لنا الأيام والفاتيكان وتكتيكه الدبلوماسي الجديد القديم. مع كل التقدير والاحترام للأب باتون... وأهلاً وسهلاً.