موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٧ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٥

تدمير الذات

م. هاشم نايل المجالي

م. هاشم نايل المجالي

هاشم المجالي :

 

يشير سلوك التدمير الذاتي أو التخريب الذاتي إلى الفعل المتعمد الذي يقوض تقدم الناس ويمنعهم من تحقيق أهدافهم خلال عملهم وسلوكهم، فهو يعيق نجاحهم بأسلوب أو بآخر، إن الأمر في البداية قد يكون مفاجئا، إلا أن البعض يقوضون نواياهم الحسنة عندما يبدأون تدريجيا باتخاذ خطوات تدميرية، فيؤثر سلوكهم وقراراتهم المؤذية سلبا على كافة جوانب العمل وعلى حياتهم بما في ذلك علاقاتهم المهنية وسلوكهم.

 

أي أن هناك البعض ما إن يستلم المنصب حتى ينخرط في سلوكيات تدمير وتخريب للذات، وقد يكون ذلك بوعي أو بدون وعي، فمنهم من يكون قد عانى من مشاكل أثناء طفولته لتنعكس عليه في الفترة الزمنية العمرية عندما يكون صاحب قرار، ومنهم من يكون عنده تدن في تقدير الذات وصعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد. وهناك من يعاني من مشاكل التنافر المعرفي، فيكون في حالة عصيبة وانفعالية في لحظة ما، مما يفاقم المشكلة ويخلق العقبات بدلا من تقديم الحلول، وهو يعلم أنه مدرك لأفعاله ويخشى الفشل من أي مقترح من أي طرف آخر.

 

غالبية هؤلاء الأشخاص يكونون قد تربوا في أسر مفككة، أو عانوا من مشاكل اجتماعية أسرية أو في فترة تعليمهم، مما انعكس عليهم سلوكيا، وكما أشرنا سابقا إلى معضلة هؤلاء فيما يسمى بالتنافر المعرفي، فالمقصود به عندما يعاني بعض الأشخاص من امتلاك فكرتين متعارضتين في آن واحد، فتكون القرارات مفسدة للأمور الإيجابية والصالحة لمصلحة العمل.

 

إن التخريب الذاتي لمثل هؤلاء الشخصيات قد يشعرهم دوما بالقلق والتوتر والتصرف بانفعال، ويظهر عدم الاستعداد للحوار والنقاش، ويعمدون إلى أسلوب المماطلة. ومنهم من يتمسك بمعايير مستحيلة تسبب نكسات ليسوء الأمر يوما بعد يوم، فيصلون إلى حالة الاكتئاب، وفي كثير من تلك الشخصيات المدمرة التي تسعى إلى تحقيق النجاح بطرق ملتوية، بين ما يدور في أدمغتهم وما لا يتناسب مع الواقع العملي، يلجؤون إلى المهدئات وإيذاء النفس.

 

هؤلاء يسميهم خبراء الاجتماع «المتسوفين»، أي عندهم ضعف في التنظيم الذاتي، وكثرة المشتتات، ونقص المهارات، ولا يستطيعون الحصول على ساعات كافية من النوم، مما يضعف تركيزهم ويزيد من توترهم. والإجهاد المزمن يؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية في الدماغ مع مرور الوقت، مما يضعف الوظائف الإدراكية، ويسهم في الإصابة بمرض الزهايمر.

 

خاصة نجد عندهم تقلبات مزاجية حادة، وتصرفا بعدوانية، وفقدان الإحساس بالوقت. كل ذلك نشاهده في كثير من الشخصيات التي تدمر ذاتها بذاتها، بأيديها، وبتصرفاتها وسلوكها، من خلال نهجها السلوكي السلبي، وعدم الاعتماد على قدرات الآخرين في المساعدة والعمل والإنتاجية.

 

(الدستور الأردنية)