موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يا رب في هذا النص الإنجيلي الأكثر من رائع، تعرض علينا الكنيسة في أن نتأمل بيسوع الإنسان وبتجارب الشيطان له، إن في ذلك لغز كبير. لم ترضَ أيها المسيح في أن تأخذ ناسوتنا الجسدي بعيداً عن معاناتنا في قلق الخطيئة وشوكتها، أردت أن تختبر هذا الإذلال وهذا الضعف البشري الكامن فينا. تلك التجارب التي قبلت أن تخوضها كانت عزاء لنا، فدخولك خضم التجربة كان فعل انساني بحت، ولكنك أبيت الدخول دون تقديم العلاج المناسب لهذا الاختبار الصعب. قادك الروح إلى الصحراء... مكان القفر، مكان المحنة والتقشف، مكان الخوف الذي يشعرُ به الإنسان بالوحدة في تلك البقعة الجرداء، الخاوية الخالية. وحيث مكان الصحراء تزداد التجربة ويزداد الصراع في مقاومتها، ويزداد التخبط والملاطمة الذاتية في بحر الشهوات الطبيعية الفاسدة. ومع هذا انعزلت مستسلماً لإرادة الله. إبليس يعرف كما تعرف أنت مدى حقيقة الضعف البشري، وصعوبة التجربة بالتحديد، سيما وأنه يزين الخطيئة بحلله الجمالية والتي تتصف بالمنطق في كل الأوقات. سيدي، تحيّر إبليس من أجوبتك وم موقفك المتسم بالعقلانية والحكمة، كيف لا؟ وأنت من قلت "كونوا ودعاء كالحمام، وحكماء كالحيات". إن إضرام الشك الذي أبداه المجرب لمخيف للغاية، "إن كنت ابن الله..."،" فمر أن تصير هذه الحجارة خبزاً". "إن كنت ابن الله..."، "إلق بنفسك إلى الأسفل..". لم يكتف بهذا فقد أراد أن يجربك في أعظم ما اختص بألوهيتك، "أعطيك هذا كله إن جثوت لي ساجداً". ربي! المكيدة هي أن تجيبه أنك خالق الكون، وأنك والآب واحد، وأنك سيد على الطبيعة، وعلى ممتلكاتها وأنك وأنك ... فكل ما سلبه المجرّب من آدم خسره معك... لذلك تركك ومضى... حينها أتت الملائكة تخدمك، وهذا حالنا حين نترك الخطيئة والتجربة ونقوى عليها، سرعان ما تبادرنا بعلامات الحب المجانية... لنصبح فيما بعد أبناء القيامة وأبناء النور من وطن القديسين...