موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"ليأتِ ملكوتِكَ" من كلمات صلاة الأبانا التي علَّمنا ايّاها الربّ يسوع، وأوصانا قائلاً: "أطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرَّهُ وكلُّ شيءٍ يُزادُ لكم" (متّى 6: 23).
نكرِّرُها دائماً وقد نتساءل ما هو ملكوت الله الذي نطلبه؟ أين هو؟ وهل هو شيء نرثه أم علينا أن نجاهد ونحياه؟
هذه الأسئلة طرحها الفرّيسييون على يسوع فأجابهم: "لا يأتي ملكوت الله على وجهٍ يُراقب. ولن يُقال ههوذا هنا، أو ههوذا هناك. فها إنّ ملكوت الله في داخِلكم" (لوقا 17: 21).
ملكوت الله واقعٌ علينا أن نعيشه ونحياه بنعمة الله، وليس وهمٌ أو خيالٌ يَصعب تحقيقه كما يعتقد البعض منّا أن القداسة مستحيلة في عالمنا اليوم وانّها فقط محصورة بالقدّيسين، أو أنّنا نستطيع أن نشتريه ببعض الصلوات والإماتات، أو ميراث نحصل عليه بسرّ العمّاد، بل إنّه حياة الله التي تنمو في داخلنا كما تنمو حبّة الخردل لتصبح شجرة تعشّش فيها العصافير، إنّه كنز نجده كل يوم في حياتنا حضور الله في حياتنا اليوميّة بأدقّ تفاصيلها: "قبل أن أصوّرك في البطن عرفتُك وقبل أن تخرج من الرحمِ قدّستُكَ وجعلتُكَ نوراً للأمم" (ارميا 1: 5). هو اللؤلؤة الثمينة التي نجدها كلّ يوم في سرّ القربان: "خذوا كلوا هذا هو جسدي... خذوا اشربوا هذا هو دمّي فتّتحد حياتنا بحياة المسيح.
يحدّد لنا القديس بولس الرسول في رسالته الى أهل روما: "انّ ملكوت الله ليس أكلاً وشُربًا، بل برٌّ وسلام وفرحٌ في الروح القدس" (روما 14: 17).
لقد أعطانا قداسة البابا فرنسيس وصايا حياتيّة لعيش السعادة والسلام لتحقيق هذا الملكوت:
- أن نعيش ونجعل الآخرين يعيشون: نسير في طريقنا الى الأمام وندع الآخرين يسيرون أيضًا إلى الأمام.
- أن نكرّس ذاتنا للآخرين لإيقاظ قلوبِنا: إذا ما شعرنا بالتعب فسيُهدِّدنا خطر الأنانيّة.
- أن نتحرّك بتواضع وببطئ وسط الأشخاص والأوضاع.
- أن نحافظ على وقت الفراغ ونستغلّه للقراءة والأشياء المفيدة لنا.
- أن نكرّس يوم الأحد للربّ وللعائلة.
- أن نعتني بالخليقة ونحترم الطبيعة: "يجب العناية بالخليقة وهو ما لا نفعله. هذا أكبر التحدّيات أمامنا".
- أن ننسى الأمور السلبيّة والشرّ.
- أن نبحث عن السلام: السلام هو دائمًا سلام نشط.
إنّ الملكوت هو حياتنا اليوميّة التي نعيشها مع اللّه ونجدّد وننمّي علاقتنا به تعالى فلنطهّر قلوبنا ونجعلها مسكنًا لله فيسكن معنا ونكون خاصّته ونتجاوب مع دعوته لنا بالحياة ونسمح له أن يدخل حياتنا ويعمل فيها وهو سيمسح كلّ دمعة حزن من عيونِنا ولن يبقى للموت بكافّة أنواعه الجسدي النفسي، الروحي والمعنوي أيّ سلطان لأنّه هو سيدّ الحياة وكما قال: "أتيتُ لتكون لكم الحياة وتفيض فيكم" (يوحنّا 10:10)، وفي كلّ مرّة يشدّدنا ويصرخ في أعماقِنا: "لا تخافوا! ثقوا أنا معكم طوال الأيّام إلى إنقضاء الدهر" (متّى 28: 20). آمين.