الأمّ ماري ألفونسين: نور المعرفة في ظلمة الجهل

"ليُضئ نوركم للناس فيمجدّوا أباكم الذي في السموات" (متّى 5/ 16)

في عصر افتقدت فيه الفتاة العربية إلى العلم والنور، وإلى أبسط حقوقها في التربية وإعدادها لتكون أمًّا ومربّية لأولادها، وعنصراً فعّالاً في مجتمعها، أضاءت الأمّ ماري ألفونسين بحياتها المكرّسة وغيرتها الرسوليّة وبتأمّلها الورديّة نور المعرِفة في ظلمة الجهل فلبّت نداء امّها مريم العذراء لها التي طلبت منها بشكل واضح وصريح: "أريدُ أن تؤسّسي رهبنة الورديّة"، وأعطتها الورديّة كنزًا ولكلّ راهبة ورديّة ليس فقط كوسيلة تأمّل وصلاة إنّما أيضًا كشبكة خلاص للنفوس في حياتِها الرسوليّة، ووعدتها قائلة: "إنّي أثبتُكّنَ باسمِ أفراحي وأحزاني وأمجادي، فالورديّة تنزع عن الأرض كلَّ شرٍّ وبليّة، وبها يصير عِمار روحيّ في جميع إرساليّات الأبرشيّة وغيرَها، فمنكّن وبكنّ أظهِر قوّةُ يديّ...".

وهكذا شعّ هذا النور في جميع نواحي الأبرشية من خلال فتح الإرساليّات والمدارس لتعليم الفتيات والنساء ابتداءً من يافة الجليل سنة 1884، وبيت ساحور 1886، إلى الأردنّ حيث انطلقت الأمّ ماري ألفونسين مع الراهبات إلى السلط في 23 شباط 1887، بخطى ثابتة يتوّجها حبّ المسيح وإشعاع نوره ومجدِه واكرام أمّه مريم سلطانة الورديّة، متحمّلة الفقر والعذاب، مكرّرة مع القدّيس بولس: "من يفصلني عن محبّة المسيح؟ أضيقٌ أم جوعٌ أو عريٌ أم اضطهاد أم خطرٌ أم سيفٌ؟ (روما 8: 35).

لا يوقد سِراج ويوضَع تحتَ المِكيال بل على المنارة ليضيء... هكذا رفعَكِ الله يا قدّيستنا وملهِمتنا لتنيري دربنا وعصرنا أيضًا بنور المعرفة وحبّ الله في عصرنا ولو كان عصر المعرفة والثقافة العلميّة إلاّ أنّه غدا عصر الجهل بحيثُ يجهل الإنسان ذاته وإنسانيّته باتت مهدّدة بثقافة اللامبالاة والإنزواء وراءَ شاشة صغيرة هبينا الجرأة أن نواجه هذه التحدّيات مُتّكلين على قوّة وفاعليّة صلاة المسبحة الورديّة لنشرِ ثقافة الإنسانية والإنفتاح والتلاقي والأخوّة لنتحوّل بدورنا على مثالِك نعكس نور المسيح في حياتنا بشفاعة أمّنا سلطانة الورديّة المقدّسة.