موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٢ فبراير / شباط ٢٠٢٥

القديس فارتان ماميكونيان: شهيد الإيمان والوطن

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
القديس فارتان ماميكونيان: شهيد الإيمان والوطن

القديس فارتان ماميكونيان: شهيد الإيمان والوطن

ر

 

"ليس لأحد حُبٌّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه" (يوحنا ١٥: ١٣).

 

الخميس السابق لبدء الصوم الاربعيني الكبير من كل عام، وهذا العام يوم الخميس ٢٧ شباط ٢٠٢٥، تصادف ذكرى الشهيد القديس فارتان، شهيد الإيمان والوطن (+ ٤٥١).

 

 

من هو القديس فارتان (أو وارتان) ماميكونيان؟

 

فارتان من سلالة أسرة ماميكونيان العريقة، ذات النفوذ السياسي منذ ظهور الوثنية في أرمينيا.

 

والده هامازاسب ماميكونيان، ووالدته ساهاكانوش ابنة القديس ساهاك بارتيف، أخوه الشهيد هماياك، هو أيضًا استشهد مع أخيه فارتان في معركة أفاراير.

 

درس فارتان في مدارس مسروب ماشدوتس في اتشميادزين بارمينيا.

 

في عهد الملوك الأرشاكونيون كان فارطان قائد فرقة فرسان وزراء البلاط، وعيّن قائدًا عامًا في معركة أفاراير، وأثناءها استشهد سنة ٤٥١.

 

كان القائد فارتان يؤمن بأنه لا يوجد أغلى من حب المسيح مخلصه والدفاع عن الوطن، عاش وترعرع على إيمان أجداده. ولهذا، بقي الشعب الأرمني، وإلى اليوم، مخلصًا لإيمان أجداده، وأمينًا لدماء شهدائه التي أهرقت في سبيل الإيمان والوطن، ليعيش سيدًا على أرضه، حرًا بمعتقداته، ومستقلاً في إرادته، ومنفتحًا لآفاق العالم الشاسعة.

 

يقول لنا التاريخ أن الشعب الأرمني كان أول الشعوب التي أعطت للكنيسة والعالم الشهداء بالآلاف حفاظًا على المقدسات الوطنية والدينية. ابتداءً من معركة افارير المعروفة باسم المعركة "من أجل الدين والوطن"، مرورًا بحروب واضطهادات كثيرة عبر التاريخ، إلى أن وصلت إلى المجازر الأرمنية الشنيعة التي حصلت في العام ١٩١٥ على أيدي العثمانيين، وحتى يومنا هذا في إقليم أرتساخ – غاراباغ.

 

شهداء معركة أفارير، تحملوا الموت وخسروا الحرب التي قادها القائد فارتان، لكنهم ربحوا المسيح يسوع، ووطننًا مستقلاً. ومن الأسباب التي أدت إلى معركة أفاراير أن الفرس بقيادة الملك هازكبرد انتصروا على المملكة الإرشادكونية وهدموها وسيطروا على أرمينيا وأمروا شعبها باعتناق الديانة الزرادشتية الفارسية، وأرادوا أن يمحوا الوجود الأرمني.

 

وفي هذه المعركة اعتمد فارتان مع الجيش على الإرادة والحماس والصلاة ونيل الأسرار المقدسة مع الاكليروس والعلمانيين. قبل المعركة الحاسمة، ناولهم الأب القديس غيفونت ورفقائه الكهنة جسد ودم السيد المسيح، ثم باركهم وشجعهم على التضحية والدفاع عن الوطن والبقاء أمناء لإيمانهم المسيحي والحفاظ على وطنهم.

 

شجع فارتان جيوشه بألا يخافوا من الوثنيين وجنودهم ووأسلحتهم لأن الله هو الذي يعطي النصر "طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة! لأنه سيخرج مُزكَّى لينال إكليل الحياة الذي وعد به من يُحبونه" (رسالة يعقوب ١: ١٢)، وان الخوف هو علامة ضعف الايمان. ألم يقل القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى: "إنكم أقوياء، وكلمة الله مُقيمة فيكم، فقد غلبتم الشرير" (يوحنا الاولى ٢: ١٤).

 

انتهت المعركة بين الأرمن والفرس، ولم تدم سوى يومًا واحدًا، واسفرت باستشهاد ١٠٣٦ شهيدًا.

 

استشهد فارتان تاركًا زوجة وابنتان، الكبيرة منهما قُتلت على يد زوجها لرفضها عبادة الأوثان والنار، والصغيرة تزوجت من أمير، أكمل ولداها النضال بعد جديهما. بقيت ذخائر القديس فارتان في الحجر الأسود الذي سال عليه دمه في كنيسة القديس فارتان التي سُميت على اسمه.

 

 

صلاة القديس فارتان

 

أيها القديس العظيم في الشهداء فارتان ماميكونيان، في ذكرى استشهادك نرفع أيادينا نحو السماء، تحيّة لك ولرفقائك البواسل إجلالاً وإكرامًا لمقامكم في الكنيسة والوطن الأرمني، ونقول لكم إننا على خطاكم سائرون. ولا أحد يستطيع أن يجبرنا على نكران السيد المسيح وكنيسته صخرة إيماننا، وسنبقى وإلى الأبد الشعب المؤمن العنيد، الواقف في وجه الأعداء والحاقدين، وسنقف جانبًا إلى جنب مع المضطهدين والمظلومين لنصرة الحق "الحق يحرركم".