موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
سأل احد التلاميذ يسوع: يا رب علمنا ان نصلي (لوقا ١:١١)، فعلمهم الصلاة الربية، الصلاة التي لا تفوقها صلاة وهي أم كل صلاة، جذورها راسخة في الكتاب المقدس وفروعها شامخة الى الله، مضمخة ثمارها بعطر المسيح وعبق الانجيل، مستوفاة كل شروط الصلاة المستجابة عند الله، بديعة بكلمات قليلة، صالحة لكل زمان ومكان، ادخلتها الكنيسة منذ القرن الرابع في ذبيحة كل قداس، فاجعلوها على شفاهكم على الدوام.
"أبانا الذي في السموات"...
نحن المسيحيون كأبناء وبنات، بإمكاننا أن نخاطب الله مباشرة، وبكل ثقة، وندعوه أبانا، وأن نفتخر كوننا الوحيدين الذين نملك هذا الحب العظيم والشرف الكبير، حيث جاء الينا الله من خلال ابنه يسوع الذي به ومعه توجد كل الحقيقة والسعادة والامان والحياة والسلام.
"ليتقدس اسمك"…
لنشكر الآب القدوس، ولنمجد اسمه بين الامم، فيتمجد اسمنا معه، ولنصنع له مكانا في قلوبنا وحياتنا وعالمنا، ولنبتهج بالرب اجمعين، ولنقتدي بالقديسين، فقد كانوا قدوة على الارض سعداء بالتطويبات، والان أجرهم عظيم، وهم شفعائنا عند الله في السموات، فكونوا قديسين كما ان اباكم السماوي قدوس.
"ليأتي ملكوتك"...
فالله ينتظرنا كمؤمنين، ليصبح ملكوته حقيقة واقعية ملموسة نعيشها، وهذا يرتب علينا الايمان بقول يسوع، "حان الوقت واقترب ملكوت الله وآمنوا بالبشارة" (مرقس ١٥:١)، وقد تكلم الرب يسوع عن ملكوت السموات كثيرًا مختلفة، كمثال حبة الخردل الصغيرة، او مكيال الخميرة الصغير، او الكنز المدفون في الحقل، وفي التطويبات عندما قال" طوبى لكم يا جميع الفقراء، فان لكم ملكوت السموات" (متى ٤٤:١٣).
"لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض"...
لنقتدي بيسوع الذي قال عن نفسه "طعامي ان اعمل بمشيئة ابي الذي ارسلني، وان أتم عمله" (يوحنا ٣٤:٤)، وصلاته في بستان الزيتون في الليلة التي سبقت موته "يا أبت ان شئت فاصرف عني هذه الكأس ولكن لا مشيئتي بل مشيئتك" (لوقا ٤٢:٢٢).
"اعطنا خبزنا كفاف يومنا"...
فالله يعطينا خبزنا من خلال كلمته، كلمة الحياة، يعطينا من خيراته وبركاته الوافرة الخبز والماء، والعمل والبيت، والاصدقاء، وجميع الخيرات الارضية، ويكفينا انه يعطينا جسده ودمه من خلال القربان الاقدس الذي اصبح خبزنا وزادنا اليومي
"اغفر لنا خطايانا"...
اننا نقر ونعترف في ذبيحة كل قداس بأننا أخطأنا بحقك كثيرا، واننا خطأة نندم على خطايانا، طالبين منك الصفح والغفران، لكي نشترك في الذبيحة واننا ندرك انه ما من خطيئة ثقيلة الا ويمكن حلها في سر التوبة، والعودة الى الله . يا رب، انت الذي دعوتنا الى التوبة ثماني مرات في سفر الرؤيا، وان ابواب المغفرة مفتوحة في كنيستك لكل من يقلع عن الخطيئة ويعود اليك ،فساعدنا ان نتوب بصدق فخطايانا عظيمة وعظيمة جدا، فاغفر لنا كما غفرت لزكا العشار، وللمرأة الزانية، ولصالبيك، والتمست العذر لهم، وكما غفرت للص اليمين.
"كما نحن نغفر"...
يعلمنا الرب يسوع، ان نكون صبورين متسامحين غافرين نحن الواحد للآخر، نغفر بقلب صادق ونية حسنة، وضمير نقي، لنستطيع ان نسبحه جميعا وهو القائل: "فان كنت تقرب قربانك الى المذبح، وذكرت هناك ان لاخيك عليك شيئا، فدع قربانك هناك عند المذبح، واذهب اولا وصالح أخاك، ثم عد فقرب قربانك".
"لا تدخلنا في التجارب"...
الله لا يجرب احدا وانما الشيطان هو من يجرب ، لكن الله يسمح بالتجربة ليرى قوة ايماننا وصلابة مقاومتنا، فلتصلي من اجل ان يساعدنا الرب في التغلب على تجارب الشيطان كما تغلب عليها في صحراء اليهودية ولا يجعل قلوبنا تنكسر امام التجارب،
"نجنا من الشرير"...
فالحرب والشر والكوارث الطبيعية ليست من الله، وليست عقابًا منه كما يقول البعض لأن «الله محبة» وان " الله حقا لا يفعل شرا"، وهو لا يلحق الاذى بالابرياء، وكل ما نعيشه من حروب وويلات وكوارث طبيعية ما هي الا من صنع الشيطان والنظام العالمي والبشر المتمردين الذين يسيطر عليهم ابليس.
قد يقول قائل: الله كلي الصلاح فلماذا لا يفعل شيئًا تجاه الشر؟
الله لا يخلق الشر بل يسمح بحدوثه. في البدء عندما خلق الله العالم، خلق كل الأشياء حسنة، وخلق الإنسان وأعطاه حرية الاختيار التي تشمل الأخذ بخيارات صائبة أو خاطئة، الله يعطينا حرية أن نختاره أو لا نختاره، وحرية أن نعيش ونتمتع بالحياة ،وحرية القيام بالخيارات الصائبة أو الخاطئة، إلا أننا -وبكل تأكيد- علينا أن نحيا ونتعامل مع نتائج أفعالنا وأفعال الآخرين. إن إله المحبة هو أيضًا إله العدل يستخدم تجارب الحياة لخيرنا، ليطور شخصيتنا وليجعل منا أناساً أفضل، إن الله يهتم فعلاً، فمع أنه لم يعدنا بأن حياتنا سوف تكون خالية من المشاكل، إلا أنه وعدنا بأن يكون معنا حتى منتهى الدهر.
هذا واننا نصلي في كل قداس: "نجنا يا رب من جميع الشرور، تعطف وامنح السلام في ايامنا، اعضدنا برحمتك، واحفظنا من الخطيئة، لنأمن كل اضطراب، نحن المنتظرين في رجاء سعيد، مجيء مخلصنا يسوع المسيح".
وتنتهي الصلاة الربية كغيرها من الكثير من الصلوات بكلمة "آمين"
يا رب انت الأمين والصادق والثابت والراسخ، نثق بك وانك لا تخلف وعدك، نجنا من ويلات وشرور هذا العالم واباطيله واضاليله، اذكر اولئك الذين لا شيء لهم يعطونه، واولئك الذين يعطون انفسهم، اولئك الذين يحزنون، واولئك الذين ينطقون بكلمات رجاء، الجياع والذين فقدوا املاكهم واؤلئك الذين يدافعون عنها وعنهم، الاثمون واولئك الذين يغفرون لهم، اذكر المرضى لا سيما الحالات الصعبة حيث لا يصعب عليك شيء، وذويهم الذين يسهرون على راحتهم، اذكر جميع الذين يعانون من ويلات القتل وسفك الدماء والحصار والدمار في غزة والضفة والجنوب اللبناني اذكر العديدين في كل انحاء العالم الذين يواصلون رحلتهم اليك... لان لك الملك والقدرة والمجد ابد الدهور. آمين
وأخيرًا: كيف نلخص ايماننا المسيحي من خلال الكتاب المقدس، كتاب الحياة؟
أولا: بسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين.
ثانيًا: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك … الخ.
ثالثًا: قانون الايمان المسيحي… نؤمن باله واحد… الخ.