موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٠ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١

الصليب حُبّ الله للبشر

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
لصليبك أيُّها المسيح نسجُد وإيّاه نُبارك، لأنك بصليبك المُقدّس خلّصت العالم

لصليبك أيُّها المسيح نسجُد وإيّاه نُبارك، لأنك بصليبك المُقدّس خلّصت العالم

 

وضع الله على صليب يسوع كلّ ثقل خطايانا وأثامنا، وكل الظلم الذي يقوم به اليوم كلّ قايين ضد أخيه الإنسان، كلّ مرارة ابتداءً من خيانة يهوذا ونكران بطرس، وكلّ غرور الأذكياء والمتكبرين. لقد كان صليبًا ثقيلاً لكُلِّ الأشخاص المرضى والمهمشين والمتروكين والمتضطهدين، لأنه يُلخّص كل فظاعة الشرّ التي يقوم بها الإنسان. ولكنّه أيضًا صليب مجد وفخر، "أُمّاً انا فمعاذَ الله أن أفتخِرَ إلاّ بصليبِ رَبِّنا يسوع المسيح" (غلاطية ٦: ١٤)، لأنه يجسّد محبة الله (يوحنا الأولى ٤: ٨) التي لا حدود لها،  والتي تفوق شرورنا وخياناتنا.

 

بالصليب نرى قساوة قلب الإنسان ووحشيته عندما ينقاد للشر، لكننا نرى أيضًا عظمة رحمة الله الذي لا يعاملنا بحسب خطايانا وإنما بحسب رحمته. وأمام صليب يسوع يمكننا أن نلمس بأيدينا محبة الله الأزلية لنا. أمام الصليب نشعر بأننا "أبناء" وليس مجرّد "أشياء" كما يقول القديس غريغوريوس النزينزي في إحدى صلواته.

 

لو لم تكن موجودًا في حياتي يا يسوع، لشعرتُ بأني مخلوق محدود. لقد وُلدتُ وكبرت، ولكنني أشعر بأنني سأموت وسأختفي. آكل، أنام، أشعر بالمرض وأُشفى. وبعد التعب أرتاح. إنّ العطش والعذاب يهاجمانني باستمرار، أستمتع بالشمس وبالهواء وبكل ما ينمو على هذه الأرض. أعرفُ جيدًا بأنني سأموت وسيصبح جسدي ترابًا مثل الحيوانات التي لم تُخطىء. ولكن ماذا أملك أكثر منهم؟ لا شيء سوى الله.

 

يا يسوعنا قدنا من الصليب إلى القيامة، وعلمنا أن الكلمة الأخيرة ليست للشرّ وإنما للحب والغفران. أيها المسيح علمنا أن نعلن من جديد: "أمس صلبت مع المسيح واليوم أتمجد معه. أمس مت معه واليوم أشترك في قيامته. أمس دُفنت معه واليوم أستيقظ معه من رقاد الموت".

 

في سر الصليب المُقدّس، نتأمل كيف يجذب الابن العالم إلى الآب، فيتجلّى العالم في مجد الله الآب المتألق على وجه المسيح الذي يُضرِم العالم بالحُبِّ والرحمّة.

 

في عيد الصليب المقدّس، نصلي من أجل المرضى والمعذبين والمتروكين تحت ثقل الصليب لكي يجدوا في تجربة الصليب قوة الرجاء، "رجاء القيامة ومحبة الله".

 

لصليبك أيُّها المسيح نسجُد وإيّاه نُبارك، لأنك بصليبك المُقدّس خلّصت العالم.


 

+ المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك