موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسالة
أنتَ يا ربُّ تَحْفَظُنا وَتَسْتُرُنا في هذا الجيل
خَلِّصْنِي يا ربُّ فإنّ البَارّ قَدْ فَنِي
فصل من أعمال الرسل القديسين الأطهار (أعمال الرسل 16 : 16-34)
في تلك الأيّام، فيما نحن الرُّسُّلَ مُنْطَلِقُونَ إلى الصّلاةِ، اسْتَقْبَلَتْنَا جاريةٌ بها روحُ عِرافَةٍ، وكانت تُكْسِبُ موالِيَهَا كسبًا جزيلًا بعرافتها. فطفقت تمشي في إِثْرِ بولسَ وإِثْرِنَا وتصيحُ قائلة: هؤلاء الرِّجال هم عبيدُ الله العَلِيِّ وهم يُبَشِّرونَكُم بطريق الخلاص. وصنعَتْ ذلك أيّامًا كثيرة، فتضجّرَ بولسُ والتَفَتَ إلى الرُّوح وقال: إنِّي آمُرُكَ باسم يسوعَ المسيح أن تخرجَ منها، فخرج في تلك السّاعة. فلمّا رأى مَوالِيها أنّه قد خرج رجاءُ مَكْسَبِهِم قبضوا على بولسَ وسيلا وجرُّوهُما إلى السُّوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الوُلاةِ قائِلِين: إنّ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ يُبَلْبِلانِ مدينَتَنا وهما يهودِيّان، وينادِيان بعادَاتٍ لا يجوزُ لنا قَبُولُهَا ولا العملُ بها إذ نحن رومانيُّون. فقام عليهما الجمعُ معًا، ومزّق الوُلاةُ ثيابَهُمَا وأمروا أن يُضْرَبا بالعِصِيِّ. ولـمّا أَثْخَنُوهُما بالجراح أَلقَوهُمَا في السِّجن وأَوْصَوا السّجّانَ بأن يحرُسَهُما بِضَبْطٍ. وهو، إذ أُوصِيَ بمثل تلك الوصيّة، أَلقاهُما في السِّجن الدّاخليِّ وضبطَ أرجُلَهُمَا في الـمِقطَرَة. وعند نصف الليل كان بولسُ وسيلا يصلِّيَان ويسبِّحان اللهَ والمحبوسون يسمعونَهُما. فحدثَت بغتَةً زلزلةٌ عظيمةٌ حتّى تزعزعتْ أُسُسُ السِّجن، فانْفَتَحَتْ في الحال الأبوابُ كلُّها وانْفَكّتْ قيودُ الجميع. فلمّا استَيقظَ السَّجّانُ ورأى أبوابَ السِّجْنِ أَنّهَا مفتوحةٌ، اسْتَلّ السّيفَ وهَمّ أن يقتُلَ نفسَهُ لِظَنِّهِ أَنّ المحبوسِينَ قد هَرَبُوا. فناداهُ بولسُ بصوتٍ عَالٍ قائِلًا: لا تعمَلْ بنفسِكَ سُوءًا، فإنّنا جميعَنَا هَهُنَا. فطلبَ مصباحًا ووثَبَ إلى داخلٍ وخَرّ لبولسَ وسيلا وهو مُرْتَعِدٌ، ثمّ خرجَ بهما وقالَ: يا سَيِّدَيّ، ماذا ينبغي لي أَنْ أَصْنَعَ لكي أَخْلُصَ؟ فقالا: آمِنْ بالربّ يسوعَ المسيحِ فَتَخلُصَ أنتَ وأهلُ بيتِك. وكَلَّماهُ هو وجميعَ مَنْ في بيتِهِ بكلمةِ الربّ، فَأَخَذَهُمَا في تلكَ السّاعةِ من اللّيلِ وغسلَ جراحَهُمَا واعتَمَدَ من وقتِهِ هو وذووهُ أَجمَعُون. ثمّ أَصعَدَهُمَا إلى بيتِه وقدّم لهما مائدةً وابتَهَجَ مع جميعِ أهلِ بيتِه إذ كانَ قد آمَنَ بالله.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (يوحنا 9 : 1 -38)
في ذلك الزَّمان، فيما يسوعُ مُجْتَازٌ رأى إنسانًا أَعْمَى منذ مَوْلِدِه، فسألَهُ تلاميذُه قائِلِين: يا رَبُّ، مَن أَخْطَأَ أهذا أَمْ أبواهُ حتَّى وُلِدَ أعمَى؟ أجاب يسوعُ: لا هذا أخطأَ ولا أبواه، لكن لتظهَرَ أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أنْ أعملَ أعمالَ الَّذي أرسلَنِي ما دامَ نهارٌ، يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دُمْتُ في العالَمِ فأنا نورُ العالَم. قالَ هذا وتَفَلَ على الأرض، وصنع من تَفْلَتِهِ طِينًا، وطَلَى بالطِّين عَيْنَيِ الأعمى، وقال له: ٱذْهَبْ وٱغْتَسِلْ في بِرْكَةِ سِلْوَام (الَّذي تفسيرُهُ الـمُرْسَلُ)، فمضى وٱغْتَسَلَ وعَادَ بَصِيرًا. فٱلجيرانُ والَّذينَ كانوا يَرَوْنَهُ من قَبْلُ أنَّه أعمى قالوا: أليسَ هذا هو الَّذي كان يجلِسُ ويَسْتَعْطِي؟ فقالَ بعضُهُم: هذا هو، وآخَرونَ قالوا: إنَّه يُشْبِهُهُ. وأمَّا هو فكان يقول: إِنِّي أنا هو. فقالوا له: كيف ٱنْفَتَحَتْ عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيَّ، وقال لي ٱذْهَبْ إلى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وٱغْتَسِلْ، فمضيتُ وٱغْتَسَلْتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالَّذي كان قبلاً أعمى، إلى الفَرِّيسيِّين. وكان حين صنعَ يسوعُ الطِّينَ وفتح عينَيْهِ يومُ سبت. فسأَلَهُ الفَرِّيسيُّون أيضًا كيف أَبْصَرَ، فقال لهم: جعلَ على عينَـيَّ طينًا ثمَّ ٱغتسَلْتُ فأنا الآن أُبْصِر. فقال قومٌ من الفَرِّيسيِّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنَّه لا يحفَظُ السَّبت. آخَرون قالوا: كيف يقدِرُ إنسانٌ خاطِئٌ أن يعملَ مثلَ هذه الآيات؟ فوقعَ بينهم شِقَاقٌ. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيثُ إِنَّه فتحَ عينَيْكَ؟ فقال: إِنَّه نبيٌّ. ولم يصدِّقِ اليهودُ عنه أنَّه كان أعمَى فأبصَرَ حتَّى دَعَوْا أَبَوَيِ الَّذي أبصرَ وسأَلُوهُما قائِلِينَ: أهذا هو ٱبنُكُمَا الَّذي تقولان إنَّه وُلِدَ أَعْمَى، فكيف أبصرَ الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلمُ أنَّ هذا وَلَدُنا وأنَّه وُلِدَ أعمى، وأمَّا كيف أبصرَ الآن فلا نَعْلَمُ، أو مَنْ فتحَ عينَيْه فنحن لا نعلَمُ، هو كامِلُ السِّنِّ فٱسْأَلُوهُ، فهو يتكلَّمُ عن نفسه. قالَ أبواه هذا لأنَّهُمَا كانا يخافان من ٱليهود، لأنَّ اليهودَ كانوا قد تعاهَدُوا أنَّهُ إِنِ ٱعتَرَفَ أحَدٌ بأنَّهُ المسيحُ يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامِلُ السِّنِّ فٱسألوه. فدعَوا ثانِيَةً الإنسانَ الَّذي كان أعمَى وقالوا له: أَعْطِ مجدًا لله، فإنَّنا نعلَمُ أنَّ هذا الإنسانَ خاطِئ. فأجابَ ذلك وقال: أَخَاطِئٌ هو لا أعلم، إنَّما أعلم شيئًا واحِدًا، أَنِّي كنتُ أعمى والآن أنا أُبْصِر. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أَخْبَرْتُكُم فلم تسمَعُوا، فماذا تريدون أن تسمَعُوا أيضًا؟ أَلَعَلَّكُم أنتم أيضًا تريدونَ أن تصيروا له تلاميذَ؟ فَشَتَمُوهُ وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك، وأمَّا نحن فإِنَّنا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنَّ اللهَ قد كلَّمَ موسى. فأمَّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجابَ الرَّجلُ وقال لهم: إنَّ في هذا عَجَبًا أَنَّكُم ما تعلَمُونَ من أين هو وقد فتح عينَيَّ، ونحن نعلمُ أنَّ اللهَ لا يسمَعُ للخَطَأَة، ولكنْ إذا أَحَدٌ ٱتَّقَى اللهَ وعَمِلَ مشيئَتَهُ فَلَهُ يستجيب. منذ الدَّهرِ لم يُسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا فتحَ عَينَيْ مَولُودٍ أعمى. فلو لم يَكُنْ هذا من الله لم يَقْدِرْ أن يفعلَ شيئًا. أجابوه وقالوا له: إِنَّكَ في الخطايا قد وُلِدْتَ بجُملَتِكَ، أَفَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا؟ فأَخْرَجُوهُ خارِجًا. وسَمِعَ يسوعُ أَنَّهُم أَخْرَجُوهُ خارِجًا، فَوَجَدَهُ وقال له: أَتُؤْمِنُ أَنْتَ بابْنِ الله؟ فأجابَ ذاك وقالَ: فَمَنْ هو يا سَيِّدُ لأُؤْمِنَ به؟ فقال له يسوعَ: قد رَأَيْتَهُ، والَّذي يتكلَّمُ معكَ هوَ هُو. فقال: قد آمَنْتُ يا رَبُّ وسَجَدَ له.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.
المسيح قام حقاً قام
في إنجيل اليوم الذي استمعنا إليه، نرى شفاء ربنا يسوع المسيح للرجل المولود أعمى. كان شفاء الرجل الأعمى اختبارًا صعبًا للفريسيين الذين رفضوا قبول كلام المسيح. أصبحت حقيقة شفائه هذه نقطة انطلاق الخلاص، الذي يُعبَّر عنه في نهاية قراءة الإنجيل من خلال اعترافه بإيمانه.
أثناء مرور يسوع في أورشليم، وفقًا لإنجيل يوحنا، التقى برجل أعمى منذ ولادته. أشفق على خليقته، فصنع طينًا بالبصق على الأرض، وطلى عينيه به ثم أرسله إلى بركة سلوام ليغسل وجهه. تجدر الإشارة إلى أن البرص، والعميان، والفقراء كانوا يُعتبرون آنذاك معاقبين من الله على خطايا جسيمة ارتكبوها. كانوا مهمشين دينيًا واجتماعيًا، وكانوا في جوهرهم أمواتًا أحياء. إلا أن ربنا يسوع المسيح جاء لدحض هذا الاعتقاد السائد آنذاك. لم يكن سبب عماه خطيئةً ارتكبها هو أو والداه. وُلد أعمى ليُكشف مجد الله. ليس المرض والألم دائمًا نتيجةً لخطايانا الشخصية، بل هما إما نتيجةً لواقعنا الجسدي الناقص أو نتيجةً لطبيعتنا الفردية.
ما إن أطاع الرجل الأعمى الربّ طاعةً تامةً، حتى عاد إليه نوره فورًا، فأصبح قادرًا على الرؤية بشكلٍ طبيعي. تساءل كل من عرفه إن كان هو الرجل الأعمى الذي يعرفونه، وكيف شُفي، وكيف عاد نوره: "كيف انفتحت عيناك؟" اعترف بالحقيقة بجرأة، مُخبرًا إياهم أن رجلًا يُدعى يسوع قد شفاه. كانت معاناة الرجل الأعمى منذ ولادته شهادةً ليس فقط حتى لحظة شفائه، بل أيضًا بعده. قبل أن يلتقي بالمخلص، عاش في الظلام، محرومًا من النور العظيم. وعندما التقى بالنور الحقيقي، ثار عليه أهل الظلمة الفريسيون. وكان السبب هو أن الربّ صنع طينًا يوم السبت. في ذلك الوقت، فُرضت 38 محظورةً في يوم السبت. نصّ أحدها على عدم صنع طين في هذا اليوم. لذا، كان الطين الذي صنعه يسوع بلعابه إهانةً للفريسيين. خوفًا من الفريسيين، خاف والدا الأعمى من الاعتراف بالمعجزة أمام الناس. الكتبة والفريسيون هؤلاء الذين يُصوَّرون على أنهم "نماذج" للثبات الديني، لا يفهمون شيئًا مما يحدث في قضية الرجل المولود أعمى. إنهم غافلون تمامًا عن المعجزة التي تحدث. كل ما يهمهم هو معرفة ما إذا كان شفاء الأعمى قد خرق عطلة السبت. يُصرّون على البحث الدقيق، وعلى منطق تفسير الظاهرة، وعلى تفسيرات "ماذا" و"كيف"، كدليل على ما لا يفهمونه هم أنفسهم. إنهم يعيشون في الواقع، في عمى روحي.
إلهنا يسوع المسيح، بشفاء أعضاءنا المعوقين واستعادة صحتهم، يُثبت أنه خالق أعضاءنا الأخرى أيضًا. وعندما قال: "لتظهر أعمال الله"، كان يقصد نفسه لا الآب. لأن مجد الآب قد ظهر.
لذلك، فإن طريقة شفاء الأعمى رائعة. ومع ذلك، كان بإمكان الرب أن يشفي الأعمى بكلمته دون أن يمسح عينيه بالطين. كان سبب استخدامه الطين كوسيلة للشفاء هو تحفيز إيمانه، وكان الرجل مؤمنًا بما يكفي، لأنه لولا إيمانه لما حدثت المعجزة. كما أن هذا العمل من يسوع سيقود الآخرين إلى التقرب من الله، إذ سيرونه أعمى أولًا، ثم يرون عينيه مفتوحتين. وسبب آخر هو أن الأعمى لم يكن ليعرف يسوع، حتى ذلك الوقت الذي كان يناقش فيه الفريسيين عنه. خلق آدم من تراب، وخلق عيني الأعمى من تراب. أراد الرب أن تكون الآية أكثر دلالة.
يمكن استخلاص الاستنتاجات التالية من إنجيل اليوم. أولاً، بشفاء الأعمى، قلب الرب المفاهيم غير الإنسانية السائدة آنذاك عن العميان. ثانياً، بهذه المعجزة مُنح الأعمى نورين. النور الأول هو أنه رأى كل شيء حوله، والنور الآخر هو أنه رأى من قال إنه "نور العالم". الاستنتاج الثاني هو أن الأعمى بدأ يرى أموراً أعمق وحقائق جديدة للحياة مبنية على أساسيات حياة كل إنسان، يسوع المسيح. الاستنتاج الأخير هو أن الأعمى بدأ يرى أموراً أعمق وحقائق جديدة للحياة مبنية على أساسيات حياة كل إنسان، يسوع المسيح.
إنجيل اليوم دليل قاطع على أن المسيح، بالإضافة إلى كونه إنساناً كاملاً، كان أيضاً إلهاً كاملاً. لم يشفِ الأعمى عيني جسده فحسب بل عيني روحه أيضاً. إنه يعترف ويعترف بقدرة الرب القائم من بين الأموات في جميع أنحاء العالم دون خوف من الفريسيين. إلى جانب الإيمان نحتاج أيضًا إلى جرأتنا للاعتراف بإيماننا بيسوع المسيح أمام الناس. إن شفاء الأعمى فرصة مباركة، لنتأمل نحن كأرثوذكسيين، في إيماننا ونجدد وعدنا الذي قطعناه يوم معموديتنا. فلندع الله يعمل فينا كما يعلم وبأي طريقة يشاء. إن الأعمى السابق مثالٌ ساطعٌ لنا على كيف يمكن للإنسان أن يتغير جذريًا، متى شاء، من خلال لقاء حقيقي بيسوع في حياته اليومية. آمين
الطروباريات
طروباريَّة القيامة باللحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليَّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنَّه سُرَّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصَّليبِ ويحتَمِلَ الموت ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.
قنداق باللحن الرابع
إنّي أتقدّم إليك أيّها المسيح وأنا مكفوف حدَقتي نفسي كالأعمى منذ مولدهِ صارخًا إليك بتوبة: أنت هو النور الفائق الضياء للذين في الظلام.
قنداق الفصح باللحن الثامن
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلاّ أنّكَ درستَ قوّةَ الجحيم، وقمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القِيام.