أنجدُ اليوم بيننا من لديه سبعة أرغفة وبضع سمكات!

نحن لم نفعل شيء في السنوات الأخيرة سوى أن نقاوم، فلا تدعنا الآن نستسلم بهذه السهولة!

كنا نعرف أن حرب التسع سنوات لن تتوقف فجأة عند توقف المدافع، كنا يقظين كثيرًا لما سيأتي بعدها من مخلفات وبقايا، ولكن كنا متحمسين رغم كل آلامنا وكل ما فقدناه، لأن ننهض بشراسة لنبني ونرمم، كنا نريد أن نصيغ تاريخًا جديدًا يروي قصة خلاص مُنح منذ البداية، وما نفعل شيء اليوم سوى أن نسعى لاستحقاقه، وإذ بنا نجد أنفسنا قد تعبنا الليل كله يا رب ولم نصطد شيئًا!

وهذه المرة ضَربَنا العمق الذي أبحرنا فيه، أفلا نجد عندك ميناء جديد؟ ترشدنا إليه!

نحن الخمسة آلاف رجل، مشردين في برية الشعور، معلقين على صليب الانتماء، مجلودين بسياط الشغف، مسحوقين بحزن النفوس.

كل منا اليوم يتكئ على ما بقي فيه من عظام أمل رث، من هياكل محبة قديمة، وأنقاض حلم لم يشهد نور، أنجد اليوم بيننا من لديه سبعة أرغفة وبضع سمكات نرد بها جوعنا إلى الحياة؟ نحمي أنفسنا من خذلان آخر، حرب مرتدة، هجرة قادمة، هل نستطيع أن نكرس فتات أرغفة الإنسانية المتبقي! أن نتبادل قليلنا من الرغبة بالحياة؟ مهما ندرت! ونتشارك إرادة خلاص تُحي الروح المنهكة في الداخل! فنضعها أمامك بسلال رجاء تعبق به روحك بيننا، فنجدنا قد شبعنا بالمحبة!

نحن لم نرد يومًا أن ندفن الوزنة التي أعطيتنا! ولكن تراب الواقع غمرنا معها! فكيف نستطيع نفض هذا التراب!