موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في مقابلة أجرتها معه وكالة سير الكاثوليكية للأنباء توقف مدير كاريتاس القدس السيد انطون أصفر عند الأوضاع لا فقط في غزة بل وأيضًا في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأشار أولاً إلى كون غزة مقسمة عمليًا إلى ثلاثة أجزاء: الشمال والجنوب ومنطقة رفح على الحدود مع مصر. وأضاف أن هناك حاجة قصوى إلى الغذاء وخاصة في الشمال وأوضح أن في شمال غزة هناك رعيتا العائلة المقدّسة الكاثوليكية والقديس بورفيريوس الأرثوذكسية، مشيرًا إلى أن الكثير من النساء والأطفال يعيشون في حالة غياب أمن غذائي ثم توقف عند ما وصفها بحالة طوارئ يعيشها قطاع غزة بكامله ألا وهي عدم توفر الأدوية والخدمات الطبية.
وتعد كاريتاس القدس من بين المنظمات الإنسانية القليلة العاملة في غزة مقدِّمة مساعداتها منذ اندلاع الحرب إلى سكان مدينة غزة والشمال ورفح وخان يونس والجنوب. وما من شك في صعوبة هذا النشاط حتى أن كاريتاس القدس قد فقدت اثنين من العاملين فيها خلال الشهور الأولى من الحرب وذلك بسبب عمليات القصف. وعن النشاط الحالي قال أنطون أصفر أن هناك 75 شخصًا يعملون على أرض الواقع وأغلبهم في جنوب القطاع وذلك سواء في مجال الخدمات الطبية أو توزيع المساعدات والاحتياجات المادية. وأوضح أنّ هناك في تلك المنطقة 11 فريقًا طبيًا، وأشار إلى العمل في دير البلح وخان يونس ومخيم النصيرات.
وفي سياق حديثه عما تقدمه كاريتاس القدس من مساعدات، أشار إلى أن هناك مركزًا طبيًا لحالات الطوارئ في مدينة غزة يلجأ إليه مئات الأشخاص وخاصة النساء والأطفال والمسنون والجرحى، وتتمكن كاريتاس من تقديم الخدمات والمساعدات لا فقط في غزة بل أيضًا في الأراضي المحتلة بفضل مساعدة مالية أولية من كاريتاس إيطاليا قيمتها 600 ألف يورو.
وفي حديثه عن الضفة الغربية والقدس الشرقية، تحدث السيد أصفر عن تردي الأوضاع بشكل متزايد بسبب الحرب الدائرة في غزة. وأشار إلى نمو البطالة في المنطقتين حيث سُحبت التصاريح من عشرات الآلاف من العاملين الذين كانوا يتوجهون إلى إسرائيل للعمل قبل السابع من تشرين الأول، وتُحرم هذه الأعداد الكبيرة من الأشخاص منذ أشهر بالتالي من المداخيل التي كانت تُمَكنها من إعالة أسرها.
ومما زاد الأمور سوءًا، حسبما واصل مدير كاريتاس القدس، قرار إسرائيل إيقاف نقل عائدات ضرائب السلطة الوطنية الفلسطينية والتي لم يعد لها هكذا أن تتمكن من دفع رواتب العاملين في القطاع العام أو معاشات التقاعد والخدمات الطبية والاجتماعية.
وتحدّث أيضًا عن صعوبة الانتقال بالنسبة للفلسطينيين من مدينة إلى أخرى داخل الضفة الغربية بسبب مراكز المراقبة العسكرية الإسرائيلية. وأشار إلى الهجمات المتزايدة التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون ضد ممتلكات الفلسطينيين الذين أصبحوا هكذا غير قادرين على العمل في أراضيهم الزراعية أو تربية الحيوانات فخسروا المحاصيل والعمل، لافتًا بالتالي إلى الشلل في الاقتصاد الفلسطيني وانهيار المنظومة المدرسية للسلطة الوطنية الفلسطينية بينما لم يعد مَن له أبناء في مدارس خاصة قادرًا على تحمل التكاليف.
وفي سياق الحديث عن التعاون بين كاريتاس القدس وكاريتاس إيطاليا ذكر السيد أصفر أن الهيئتين الكاثوليكيتين تفكران، وللرد على حالة الطوارئ هذه، في خطة تدخلات لا تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية، بل تسعى إلى توفير مسيرات إعادة تأهيل اقتصادي واجتماعي وذلك سواء في غزة أو في الضفة الغربية، هذا دون نسيان حالات التهميش التي يعاني منها الفلسطينيون في إسرائيل.
وسلط مدير كاريتاس القدس الضوء أنه قد تم خلال زيارة قام به مؤخرًا وفد من كاريتاس إيطاليا التفكير في سلسلة من مبادرات التضامن، ومن بينها توأمة بين رعايا فلسطينية وأبرشيات إيطالية. وقال في هذا السياق أن بعض الشباب الفلسطينيين سيتوجهون في نهاية شهر تموز الحالي إلى مدينة كالياري في جزيرة سردينيا الإيطالية للمشاركة في معسكر صيفي للتنشئة تنظمه كاريتاس المحلية والتي تجمعها مع كاريتاس القدس شراكة منذ عام 2022. وأوضح السيد أصفر بأنّ هؤلاء الشباب ومن سيليهم هم من سيقومون بتنفيذ المشاريع المختلفة في الأرض المقدسة، وتابع أن الشباب يمكنهم أن يكونوا مستقبلنا في حال تَمَكنّا من جعلهم يبقون في الأرض المقدسة بفضل مشاريع جادة ومستدامة.
ومن النقاط الأخرى التي تم التطرق إليها خلال المقابلة الحج إلى الأرض المقدسة. وقال إنّ الحجاج يساهمون في تهدئة التوتر، كما ويشكلون دعمًا للأوضاع الاقتصادية للكثير من العائلات المسيحية التي تعمل في مجال السياحة الدينية والأعمال الحرفية، فالحجاج يشكلون أجواء سلام وصلاة. ودعا السيد أصفر الأبرشيات والرعايا إلى العودة إلى الأرض المقدسة والحج إلى بيت لحم والقدس، وقال: "تعالوا للصلاة من أجل السلام، فهذا هو ما نحن في حاجة إليه".
وفي ختام المقابلة، تطرّق السيد أصفر حول المستقبل، وقال بأنّه اليوم يأخذ شكل الحطام في غزة ووجوه ضحايا الحرب والأعين الممتلئة بالذعر لمن نجوا من القنابل. وأضاف: إنّنا نعمل في غزة والقدس الشرقية وبيت لحم والضفة الغربية من أجل إعادة بعض الرجاء لمن فقدوا كل شيء ومَن لا يرون مَخرجًا أو مستقبلا، مشدّدًا على أنّنّا كمسيحيين مدعوون إلى أن نحمل النور والرجاء حيث هناك ظلام.
وأشار السيد أنطون أصفر إلى اختيار 20 عائلة مسيحية من القدس، على الأقل خلال الأشهر الأخيرة، الهجرة، وذلك لأنّها فقدت الثقة في المستقبل وتخشى على أبنائها. وخلص إلى القول: إنّنا نواصل المطالبة بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين وهو أمر ضروري من أجل تشكيل أرضية يمكن عليها أن يولد اتفاق لوقف إطلاق النار وهدنة للبدء من جديد.