موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
جدارية تمثّل للشاعر العراقي مظفر النواب في العاصمة العراقية بغداد
توفي الشاعر العراقي الكبير مظفّر النوّاب الجمعة عن 88 عاماً في مستشفى في الإمارات إثر صراع مع المرض، ما أثار حزنا عبّر عنه كثيرون في العراق والبلدان العربية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
رغم أنّه أمضى سنوات عمره بغالبيتها خارج بغداد، لكنه بقي حاضرًا في وجدان العراقيين، كما شكّل النواب رمزًا للشعر العربي الحديث، والشعر الشعبي العراقي، عرف بمناهضته الأنظمة العربية، وانتقاداته اللاذعة للحكّام التي لم يتوانَ عن التعبير عنها عبر قصائده.
حمل شعره أسلوبًا خاصًا ومميزًا، وُصف بالقساوة أحيانًا، لأن النواب لم يتردد في استخدام الشتائم في قصائده.
وفارق الشاعر الحياة "في مستشفى الشارقة التعليمي بالإمارات"، وفق ما أكد مدير عام دائرة الشؤون الثقافية عارف الساعدي لوكالة الأنباء العراقية.
ووجّه رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجمعة بأن يُنقل "جثمان شاعر العراق الكبير مظفر النوّاب بالطائرة الرئاسية، ليوارى الثرى في أرض الوطن"، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وقد اشتُهر النوّاب الذي ولد في بغداد في الأول من كانون الثاني عام 1934، وتخرّج من كليّة الآداب في جامعة بغداد، بقصائده الثورية والمثيرة للجدل، بعدما أمضى سنوات في السجن والغربة، مثل قصيدة "القدس عروس عروبتكم" وقصيدة "قمم" اللاذعتين، أمّا أوّل قصيدة أبرزته في عالم الشعر هي "قراءة في دفتر المطر" في العام 1969.
أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله صدرت في العام 1996 عن دار قنبر في لندن. أبرز دواوينه في الشعر الشعبي "الريل وحمد"، في حين كان آخر بيت شعري له على فراش المرض "متعبُ مني و لا أقوى على حملي".
ونعى الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة عبر تويتر الشاعر النوّاب قائلا "يبقى حيًّا في ذاكرة الشعب مَن زرع مواقفه السياسية والوجدانية بشكل صادق".
وأضاف "هو حيّ في ذهن كل مَن ترنم بقصائده الخالدات".
كذلك نعى وزير الثقافة العراقي حسن ناظم النواب في بيان وصفه فيه بأنه من "أهم الأصوات الشعرية العراقية". واعتبر أن "رحيله يمثّل خسارة كبيرة للأدب العراقي لما كان يمثله كنموذج للشاعر الملتزم كما أن قصائده رفدت المشهد الشعري العراقي بنتاجٍ زاخر تميز بالفرادة والعذوبة".
"لن يتكرّر"
وعبّر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في تغريدة عن حزنه لوفاة الشاعر. وقال فيما نشر صورةً له مع الراحل "الراحل الكبير مظفر النواب. العراق الذي طالما تغنّيت باسمه أينما حللت، وأفنيت عمرك لإعلاء مكانته، يكتسيه الحزن وهو يودّعك الى مثواك الأخير مُثقلاً بأسى خسارة ابنٍ بار ومبدعٍ لا يتكرر".
في العام 1963، اضطر الشاعر الذي كان شيوعيًا، إلى مغادرة العراق، بسبب الظروف السياسية والصراع بين الشيوعيين والقوميين. وهرب إلى إيران عن طريق البصرة، قبل أن تسلّمه السلطات الإيرانية إلى الأمن السياسي العراقي حينها، وفق نبذة عن الشاعر نشرها موقع "أدب" المختصّ بالشعر العربي.
حُكم على النوّاب حينها بالإعدام، لكن خُفف حكمه إلى السجن مدى الحياة، وانتهى به المطاف بسجن في الحلة في وسط العراق. وقد فرّ حينها النوّاب من السجن، لكنه اعتُقل ثانية بعد سنوات. بعد الإفراج عنه، غادر بغداد الى بيروت ثمّ دمشق، وتنقّل بين العواصم العربية والأوروبية، قبل أن يُصاب بالمرض ويفارق الحياة في الإمارات حيث كان يتلقى العلاج. لم يتزوّج قط وليس له أولاد.
العودة الأولى للشاعر الذي كان منفيًا في ظلّ نظام صدام حسين، إلى العراق كانت في العام 2011، تزامنًا مع الانسحاب الأميركي من البلاد إثر الغزو في العام 2003، فهو كان يرفض العودة إلى بلده في ظلّ "الاحتلال".
واستعاد عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من قصائد النواب التي كان لها تأثير كبير في الشعر العربي والشعر الشعبي العراقي، معربين عن حزنهم لفقده.
وعلى الرغم من أنّه من جيل سابق، لكن قصائد النواب تداولت بشكل كبير خلال الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التي هزّت العراق في تشرين الأول 2019، تناقلها الشباب تعبيرًا عن رفضهم للواقع السياسي وأملهم في التغيير.