موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بلغ الكاردينال رانييرو كانتالاميسا، يوم الاثنين 22 تموز 2024، عامه التسعين.
وقد أمضى من حياته 44 سنة كواعظ للبيت البابوي. عندما جعله البابا فرنسيس كاردينالاً لأربع سنوات خلت، كان قد بلغ عامه الـ86، وطلب من الحبر الأعظم إعفاءه من السيامة الأسقفية قناعة منه بأنه لا يستطيع أن يخدم الكنيسة كأسقف في هذه السن المتقدمة، ففضل الاستمرار في إعلان كلمة الله، محافظاً في الوقت نفسه على الثوب الفرنسيسكاني، ويقول إنه يرغب في أن يموت مرتديًا هذا اللباس.
وجهُ الكاردينال كانتالاميسا وصوته مألوفان جدًا بالنسبة للجمهور الإيطالي، الذي ما يزال يسميه "الأب رانييرو" وقد اكتسب هذه الشهرة لأنه عمل على نشر كلمة الإنجيل من خلال محطات التلفزة. كثيرة هي المقالات التي كتبها في العديد من الصحف الإيطالية، فضلا عن صحيفة "أوسيرفاتوريه رومانو" الفاتيكانية، ويعود تاريخ أول مقال له في هذه الجريدة إلى 3 آذار 1976. وقد أجرت معه وسائل الإعلام الفاتيكانية مقابلات ولقاءات عدة، ولم يوفّر حتى وسائل التواصل الاجتماعي إذ قدّم، عبر المنصات الرقمية، خلال زمن الصوم الماضي، أسبوعًا من التأملات الدينية.
أبصر الكاردينال الإيطالي النور في بلدة طولي دل ترونتو، بمحافظة أسكولي بيتشينو الإيطالية، في 22 تموز 1934. دخل المعهد الإكليريكي في العام 1946، ويروي أنه سمع الرب يدعوه عندما كان في الثالثة عشر من العمر، ويقول إنّ صوت الرب كان واضحًا جدًا، مما لا يترك مجالا للشك.
سيم كاهنًا في 9 تشرين الأول 1958، وبدأ خدمته في بازيليك البيت المقدس في لوريتو. مجاز باللاهوت من جامعة فريبورغ السويسرية، ويحمل أيضًا إجازة في الآداب الكلاسيكية من جامعة القلب الأقدس الكاثوليكية في ميلانو، حيث تعمق في دراسة العهد الجديد وآباء الكنيسة، قبل أن يدرّس في الجامعة نفسها تاريخ بدايات المسيحية، كما كان أيضًا مديرًا لقسم العلوم الدينية. بين عامي 1975 و1981 كان عضوًا في اللجنة اللاهوتية الدولية، وكان أيضًا، وعلى مدى اثنتي عشرة سنة، عضوًا في الوفد الكاثوليكي للحوار مع الكنائس الخمسينية.
في العام 1979 ترك كانتالاميسا التعليم ليكرس وقته بالكامل لخدمة الكلمة. عينه البابا يوحنا بولس الثاني واعظًا للبيت البابوي في العام 1980، وما يزال يشغل هذا المنصب لغاية اليوم، إذ ثبّته البابا بندكتس السادس عشر عام 2005، والبابا فرنسيس عام 2013.
خلال زمني المجيء والصوم يقترح تأملاً كل أسبوع على الكوريا الرومانية وذلك بحضور البابا نفسه. ويُدعى أيضًا إلى إلقاء محاضرات في مختلف أنحاء العالم، أيضًا من قبل مسيحيين ينتمون إلى كنائس مختلفة. له مؤلفات علمية حول بدايات المسيحية وآباء الكنيسة، والفصح في كنيسة القدم ومواضيع أخرى. وقد نشر نصوصًا روحية عدة جاءت ثمرة العظات التي يلقيها في البيت البابوي، تُرجمت هذه النصوص إلى عشرين لغة مختلفة. منذ العام 2009 يقيم الكاردينال كانتالاميسا في دير "الحبّ الرحوم" لدى جماعة من الراهبات الكلاريسات الكبوشيات.
من أكثر الكتّاب المسيحيين الذين تعمق في فكرهم هناك القديس أغسطينوس. في العام 2019 اختار موضوعًا لعظات زمن الصوم "ادخل مجددًا إلى أعماق نفسك"، وهي عبارات استوحاها من هذا القديس، الذي كان أسقف هيبونا. وفي تلك المناسبة سُئل عن سبب اختياره لهذا الموضوع، وقال في حديث لوسائل الإعلام الفاتيكانية إنه كي يتمكن المرء من السير على خطى الله، ولكي يستشف حضوره عليه أن يغوص قبل كل شيء داخل قلبه. وذكّر بأن القديس أغسطينوس كان يقول: إن لم ندخل إلى أعماق أنفسنا، وإن لم نبعد قليلاً عن الأمور الخارجية وعن الضوضاء، لا نستطيع أن نلتقي بالله الحي.