موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٥ فبراير / شباط ٢٠٢٤
مَن المستفيد؟

أشخين ديمرجيان :

 

مَن المستفيد من تدميرالبشر والحجر في غزة؟ وفي الماضي من تدمير حضارة الأشوريين وتدمير المواقع التاريخية والأثرية في العراق؟ ومن إزالة كلّ ذكر لهذا الشعب العريق في قلعة "تل عفر" التاريخية في العراق، وهي بقايا مدينة آشورية قديمة كانت تُدعى "نمت عشتار". فضلاً عن نهب الآثار الموجودة في الموقع وبيعها.

 

مَن المستفيد من تدمير متحف نينوى شمال الموصل بالعراق؟ وتخوّف علماء الآثار حينذاك من أن يواصل تنظيم "داعش" تدمير المواقع المسجّلة ضمن التراث العالمي لليونسكو.

 

مَن المستفيد من تدمير ما يقرب من مئة قطعة أثرية تضمّ وثائق نادرة تعود للحضارات البابلية والسورية والسومرية والعباسية؟ وتهريب محتوياتها عبر سوريا لتحصد "داعش" مبالغ طائلة؟

 

مَن المستفيد من اقتحام "داعش" لمدينة نمرود الآشوريّة، وتدمير معالمها باستعمال الجرافات؟ والاستيلاء على قطع أثرية ونقلها إلى أماكن أخرى؟ تأسّست مدينة نمرود في القرن الـثالث عشر قبل الميلاد، وتقع على ضفاف نهر دجلة على بعد ثلاثين ميلاً جنوب  شرق مدينة الموصل، أكبر مدينة شمال العراق.

 

أحسب أنّ المستفيد من طمس هذه الحضارات هو الرأس المدبّر الذي لا حضارة له،  فكيف يكون لغيره من الأمم حضارات؟ لا يليق به هذا الأمر كونه الأقوى عسكريًا ودوليًا وجهنّميًا... من الناحية النفسيّة الشعور بالانتماء عامل مهمّ في حياة المرء، لذلك فكّر في القضاء على هويّة الأمم في الشرق الأوسط، وبما أنّ هويّة الأمم وجذورها في تراثها، وجب عليه طمْس تراث الأمم واقتلاع جذورها ... ومنع تواصل الأحفاد بالأجداد. ومن السهل اقتلاع الإنسان الذي لا جذور له، وكذلك ضرْب بنية الإنسان الوجدانيّة والروحانيّة، وتجريده من كلّ شيء... على أساس النظريّة التي تقول : "مَن لا ماضي له لا حاضر له".

 

وهكذا أوجد لنا هذا الرأس المدبّر في الماضي كيان داعش ورسم خطة "مدروسة ومحبوكة" تُنفَّذ في كلّ مكان وزمان. ولكن فات هذا الرأس أوّلاً وقبل كلّ شيء أنّ الله "يُمهل ولا يُهمل"، وثانيًا أنّ "عجلة التاريخ تدور"، ولنا في التاريخ عبرة من الشخصيّات التاريخية والأمم التي أوغلت في الظلم والاستبداد وباتت في خبر كان. وثالثًا أنّ حياة الإنسان والدّول على حدّ سواء حافلة بالمفاجآت، وأنّ الإنسان الصالح المؤمن لا يخذله الله، بل يقلب من أجله كلّ الموازين.

 

 

خاتمة

 

إنّ العالم الأناني، وإعادته البشريّة إلى عهود الهمجيّة والبربريّة، وإعلانه الحروب على الحضارة والإنسانيّة والديمقراطيّة... ومحاولة إلغاء الديانات باسم الديانة الإبراهيمية الواحدة في سبيل القضاء على العقائد الدينية المختلفة، ومنها عقائد كنيسة السيّد المسيح، ولكن المسيح يُنبّه ويتنبّأ قائلاً: "... وعلى هذه الصفاة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها..." (متّى16: 18). وأيضًا: "الحقّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكلّ" (متّى 5: 18). وأيضًا "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" (مر13: 31).