موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١
رهبنة الوردية في الأردن تحتفل بعيد القديسة ألفونسين بكنيسة سيدة الانتقال في السلط

أبونا :

 

احتفلت رهبانيّة الورديّة المقدّسة في المملكة بعيد مؤسستهنّ القديسة ماري ألفونسين غطّاس، وذلك خلال القداس الاحتفالي الذي ترأسه النائب البطريركي للاتين في الأردن الأب جمال خضر، مساء الجمعة، في كنيسة العذراء سيّدة الانتقال في مدينة السلط.

 

وشارك في القداس كاهن الرعيّة الأب رياض حجازين، وعدد من الكهنة، والنائبة العامة لرهبانية الورديّة والمنتدبة الإقليميّة في الأردن الأخت مادلين دبابنة، ولفيف من راهبات الورديّة، والأخويات المريميّة، ومؤمنين. فيما أحيت ترانيم القداس جوقة مدرسة راهبات الورديّة في الشميساني بإدارة الأخت لوريت زوايدة.
 

في بداية القداس، ألقى الأب حجازين كلمة رحب فيها بالمشاركين في رعيّة السلط، أم كنائس شرق الأردن، موضحًا بأنّها أول رعيّة كاثوليكيّة تُؤسّس في شرق الأردن على زمن البطريرك يوسف فاليرغا، فبعد أن افتتح غبطته عدّة رعايا في فلسطين، أخذ يفكر في شرق الأردن الذي كان يتبع آنذاك لمتصرفيّة نابلس. وبالفعل كانت نابلس المُنطلق لتأسيس أول رعيّة في شرق الأردن.

 

ولفت إلى أنّ البطريرك فاليرغا طلب من كاهن رعيّة نابلس أن يهتم بتأسيس رعيّة في السلط، وسنحت الفرصة لذلك عام 1866، إذ مرض أحد أبناء بيت لحم حين كان يبني بيتًا لأحد أبناء السلط، فطلب كاهنًا كاثوليكيًا ليمنحه الأسرار الأخيرة، فأُحضر الأب اغسطين دي اكتيس. ليُطلب منه بعد ذلك أن يهتم بمؤمني السلط إضافة إلى رعيته في نابلس. وعُيّن الأب جاك موريتان أول كاهن رعيّة للسلط، فوصلها في 25 تشرين الثاني عام 1869. وفي الحال، بدأ يفكر ببناء كنيسة ومدرسة ودير لكاهن الرعيّة وسكن للراهبات. وبالفعل بدأ العمل في بناء الكنيسة، ووضع حجر لبنائها في 3 أيار 1870، وتمّ تدشين هذه الكنيسة في 23 نيسان 1871. ولفت إلى أنّ الكنيسة الأولى هي القاعة الموجودة حاليًا تحت الكنيسة.

 

تابع: وبعد عودة الأب موريتان إلى رعيته في بيت ساحور، عُيّن الأب يوسف غاتّي كاهنًا للرعيّة، وهو يُعدّ المؤسّس الفعلي لرعيّة السلط. فعلى زمانه ازداد عدد المؤمنين، ففكّر ببناء كنيسة أكبر من الأولى، وبالفعل بدأ العمل بها عام 1881، وتمّ تدشينها عام 1886، وهي الكنيسة التي نصلي فيها اليوم. والأب يوسف غاتّي هو أول من أدخل راهبات الورديّة إلى الأردن، وإلى السلط تحديدًا، ليقمنّ بإدارة مدرسة البنات. ووصلنّ إلى السلط في 23 شباط عام 1887. ولحُسن حظ هذه الرعيّة، كانت الأم القديسة ألفونسين من أول فوج من راهبات الورديّة اللواتي خدمن في شرق الأردن، وفي هذه الرعيّة بالذات. وعند وصول راهبات الورديّة، سكّن –كما تقول القديسة ألفونسين في مذكراتها- في قبو تحت الكنيسة، وهو اليوم مزار الأم ألفونسين.

 

وخلص الأب حجازين إلى القول: إنّ السلط هي إرث تاريخيّ وروحيّ للبطريركيّة اللاتينيّة ولرهبانيّة الورديّة، فمنها انطلقت البطريركيّة لتأسيس رعايا، ومنها انطلقت الورديّة لبقية رعايا ومدن الأردن. وقدّم الشكر للأب خضر لترؤسه القداس، ولراهبات الورديّة على إقامتهن احتفال هذا العام في رعيّة السلط، رافعًا الصلاة بشفاعة القديسة ألفونسين، كليمة العذراء، أن تحفظ وتبارك رهبانيّة الورديّة المقدّسة، وأن يجعلنا الله على مثالها من مُحبي ومُكرمي السيّدة مريم العذراء وابنها يسوع.

وبعد إعلان الإنجيل المقدّس، ألقى الأب خضر عظة الاحتفال أشار فيها إلى أنّ الاحتفال بعيد قديس هو احتفال بمن تتلمذ للسيد المسيح، واتبع في حياته السيد المسيح بطريقة مميّزة وبطوليّة. كلّ قديس عاش في زمن معين، وفي مكان معيّن، وفي ظروف معينة، لذلك فلكل قديس ميزة خاصة به. كما أشار إلى أن كلّ قديس هو شجرة مثمرة في حقل الرّب، فعندما نتأمل في القديسة ألفونسين فلها مكانة خاصة ومميزة لنا، لأكثر من سبب، فحياتها مليئة بالفضائل والنعم، ولأنها أيضًا بنت بلادنا.

 

أضاف: عاشت القديسة هنا في أرضنا، وهي تخصنا أكثر من غيرنا، كما تخصنا أكثر من غيرها، وأن التأمل في حياتها يغني إيماننا ويشدّد محبتنا. نتأمل في ثمار هذه النبتة التي غرست في حقل الرب، فأثمرت ثمرًا كثيرًا. كانت القديسة ألفونسين هي التي تؤكد دائمًا أنّ هذه الثمار هي لنعمة الله عليها، وفي تواضعها وفي حياتها الروحيّة كانت تقول على مثال أمها مريم العذراء أنّ كل هذا هو بإنعام من الله. كما أصبح اسم ألفونسين مرتبط مع المسبحة الورديّة، هذه المحبة للمسبحة والتعبّد لمريم العذراء استمرّ في حياتها وبعد مماتها. كم أثمرت محبتها لمريم العذراء ولا زلنا نقطف هذه الثمار لغاية اليوم!

 

ولفت إلى أن حياة الأم ألفونسين هي حياة الخفية والصلاة وعلاقتها مع مريم العذراء دون إعلان، وهي ثمرة نحتاجها اليوم، فالعالم يقيس الإنجازات الخارجيّة، لكن الله ينظر إلى القلب. فالقديسة تعلمنا بأنّ الحياة الروحيّة الحقيقيّة تتمّ في صلاة الخفاء. فالعمل ليس ما ينشر وما يشاهده الناس ويتحدثون عنه، ولكنه يشبه الزرع الذي ينمو شيئًا فشيئًا في الخفية دون أن يلاحظه أحد. إنّ القديسة ألفونسين عرفت كيف تعمل إرداة الله دائمًا، وكيف تكرّس نفسها بكليتها لله، وعرفت كيف تنقل محبة الله والعذراء إلى كلّ من حولها.

 

وخلص الأب خضر في عظته إلى القول: لنرفع الصلاة إلى القديسة ألفونسين، هذا النموذج الرائع والقريب، طالبين شفاعتها لنا ولعائلاتنا ولبلادنا ولرهبانية الورديّة المقدّسة، أن تحفظنا في ظل حمايتها، لكي نتابع نحن هذا الطريق الذي بدأته هي في محبتها لأمنا العذراء وفي خدمة القريب.

وقبل ختام القداس، قدّمت الأخت مادلين دبابنة الشكر للأب جمال خضر والأب رياض حجازين والحضور على مشاركتهم في القداس احتفالاً بعيد القديسة ألفونسين التي اختارتها السيدة العذراء لتؤسس أول رهبانيّة عربيّة في مدينة القدس، فولدت الورديّة من رحم التفاني والمثابرة والعناء لتغدو ما هي عليها الآن، وقد تركت في السلط باكورة رسالتها في شرق الأردن، والتي خدمت فيها لمدة عامين (1887-1889).

 

وأضافت: هي بصمات لا تمحى، وذكريات لا تنسى، حيث سخّرت كل طاقاتها لخدمة كنيسة السلط ومدرستها وأهلها بمحبتها الرسوليّ وعطائها السخي. وجدّدت الأخت مادلين دبابنة العهد والالتزام بحمل رسالة الورديّة بمحبّة وغيرة وتواضع، ضارعة إلى الرب القدير أن يُزيل شرّ الأوبئة والأمراض، وأن يتقبّل الصلاة والدعاء بشفاعة العذراء سيّدة الورديّة والقديسة ألفونسين.

 

للمزيد من الصور