موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٩ أغسطس / آب ٢٠٢٤
تنصيب الأب منويل بدر فارسًا جديدًا في جمعية القبر المقدّس

أبونا :

 

ترأس المطران وليم شوملي، النائب البطريركي العام للاتين في القدس، مساء أمس الخميس 8 آب 2024، قداسًا احتفاليًّا في كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي، شمال غرب عمّان، منح خلاله رتبة فارس القبر المقدّس للأب منويل بدر، من كهنة البطريركيّة اللاتينيّة.

 

وشارك في القداس القائم بأعمال النائب البطريركي في الأردن الأب جهاد شويحات، والمطران مارون لحّام، والمرشد الروحي لفرسان القبر المقدّس في الأردن الأب أشرف النمري، وكاهن الرعيّة الأب رفعت بدر، والمنتدبة الإقليميّة لراهبنة الورديّة المقدّسة في الأردن الأخت مادلين دبابنة، ولفيف من الكهنة والشمامسة والراهبات، وعدد من فرسان وسيّدات جمعية القبر المقدّس، وحشد من المؤمنين.

 

في بداية القداس، رحّب كاهن الرعيّة الأب رفعت بدر بسيادة المطران والحضور.

 

ماهيّة الجمعية

 

وألقى فارس القبر المقدّس السيّد مجدي بدر كلمة تعريفيّة حول ماهيّة الجمعية. وقال بأنّها "مؤسّسة خيريّة كاثوليكيّة عريقة تعود إلى قرون عديدة. ومع إعادة تأسيس البطريركيّة اللاتينيّة في عام 1847، أصدر البابا بيوس التاسع مرسومًا بإحياء الجمعيّة، ولكنه أعطاها روحًا جديدة أخذت من جمعية الفرسان التاريخيّة الصفات والهيكليّة. فمن بين الصفات النبل والشجاعة والتضحية والدفاع عن الضعفاء ومحبّة عمل الخير ونشر الإيمان، أما الهيكليّة فتعني التسلسل الهرمي الكنسيّ والعلمانيّ المحدّد في القيادة والخدمة، إذ يهتم الأول بالحياة الروحيّة لأعضاء الجمعيّة، أما الثاني فيُعنى بإدارة شؤونها الزمنيّة وأعمالها الخدماتيّة".

 

وأوضح بأنّ "أهداف الجمعيّة تنطلق اليوم من قوّة الإيمان، لا من قوّة السلاح، فهي تعمل أولاً على تعزيز عيش الحياة المسيحيّة بين أعضائها، والأمانة المطلقة للحبر الأعظم، ووفقًا لتعاليم الكنيسة، والحفاظ على الإيمان بين الكاثوليك وبين جميع المسيحيين من مختلف الكنائس. وثانيًا العمل بقيم المحبّة الإنجيلية الأخويّة، بحيث تقوم الجمعية بدعم المؤسّسات الخيريّة والثقافيّة والاجتماعيّة للكنيسة الكاثوليكيّة في الأرض المقدّسة، لاسيّما تلك التابعة للبطريركيّة اللاتينيّة في أبرشيّة القدس".

 

وأشار إلى أنّ العضو في الجمعيّة يعني الانضمام إلى الجمعيّة أولاً، الالتزام مدى الحياة بأن يكون الفارس شاهدًا للإيمان، وأن يعيش حياة مسيحية مثاليّة في المحبّة المستمرّة المقرونة بالدعم المادي للجماعة المسيحيّة في الأرض المقدّسة.

التجلّي والصليب

 

وبعد إعلان الإنجيل المقدّس (يوحنا 3: 13-17)، ألقى المطران شوملي عظة أعرب في مستهلها عن سروره لترؤس تنصيب الأب منويل بدر، أحد كهنة البطريركيّة اللاتينيّة فارسًا في جمعية القبر المقدّس، فينضم بذلك إلى كوكبة الفرسان الأردنيين، الذين هم بدورهم جزء من جمعيّة عالميّة تضم أكثر من 30 ألف فارسًا وسيّدة، يجمعهم حبّ الأرض المقدّسة وخدمة الجماعة المؤمنة فيها.

 

وأشار النائب البطريركي العام إلى أنّ لقب فارس أو سيّدة في الجمعية التي تحمل اسم "قبر الخلاص" يمنح لمن يعيش فضيلة المحبة أو الإحسان، ويقوم بمشاريع تجاه الأرض المقدّسة، تعمل على خدمة المؤمنين فيها روحيًّا وتربويًّا وإنسانيًّا، ومن هذا الباب ينضم الأب منويل لعضويّة الجمعية، لافتًا إلى أنّ الفارس الجديد سيحمل صليب الأرض المقدّسة كشعار رسميّ سيحمل طيلة حياته، وسوف يوشّح برداء كتف أبيض مطبوع عليه صليب الأرض المقدّسة.

 

وانطلاقًا من احتفال الكنيسة قبل أيام بعيد التجليّ، والقراءات الخاصة لعيد ارتفاع الصليب والتي تُليت في هذا القداس، أوضح المطران شوملي بأنّ التجلي والصليب هما وجهان لحقيقة واحدة، فالحياة المسيحية مبينة على ثنائية الصليب والمجد، الألم والعزاء، الموت والحياة، الجمعة العظيمة وأحد القيامة. ولفت سيادته إلى أنّ الصليب لا يعني وسيلة العذاب الشنيعة فحسب، إنما يعني الصليب المجيد كمكان شفاء وغفران وينبوع حياة، وذلك بفضل المحبّة التي جعلت يسوع يبذل ذاته من أجلنا جميعًا.

رتبة التنصيب

 

وبعد العظة، بدأت رتبة التنصيب بنشيد استدعاء الروح القدس.

 

وتلى الأب بشير بدر المرسوم الصادر عن المرشد الأعلى لجمعيّة فرسان القبر المقدّس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وفيه يمنح الأب منويل بدر الحقّ في حمل الشارات والأوسمة الخاصة بهذه الجمعيّة، بحسب الرتبة المعطاة إليه.

 

وبعد نداء المرشد الروحي لفرسان القبر المقدّس في الأردن الأب أشرف النمري، وقف الأب منويل بدر أمام هيكل الرّب، وإلى جانبه اشبينه الفارس مجدي بدر، ليجيب عن الأسئلة التي طرحها المطران شوملي، وتمحورت حول إعلان الإيمان بالمسيح من خلال شهادة الحياة والسخاء والمحبّة، والمحافظة على قانون الجمعيّة، والسعي إلى السلام في العالم وخاصة في الأرض المقدّسة.

 

وبعد مباركة رموز فارس القبر المقدّس (رداء الكتف والصليب المقدّس) بالماء المقدّس، أعلن المطران شوملي الأب منويل بدر فارسًا جديدًا في جمعيّة القبر المقدّس، قائلاً: "حضرة الأب الفاضل، بالسلطة الممنوحة لي، أقيمك وأُعْلِنكَ فارسًا لقبر ربنا يسوع المقدّس. باسم الآب والابن والروح القدس". ليتصافح من بعدها الأسقف والكاهن، ويعلو تصفيق المؤمنين.

صلاة شكر

 

وبعد المناولة، ألقت الأخت كارولين بدر، من رهبانيّة الورديّة المقدّسة، صلاة شكر تاليًا نصهّا:

 

"أيها الرب يسوع المسيح، ابن الله الحي، دعوتنا لنشهد للإنجيل، ولنكون تلاميذ السيد المسيح، وشهودًا للحياة الأبدية. تعطّف وأرسل لنا روحك القدوس، لنكون مؤمنين مقتنعين بالقول والعمل. افتح عيوننا وآذانَنا وقلوبنا لنرى جروحات واحتياجات البشر، خاصة مسيحيي الأرض المقدّسة. اجعلنا نبقى أُمناء لرسالتنا هذه. احمِ وقوِّ استعدادنا لخدمة إخوتنا وأخواتنا، على مثال فرسان القبر المقدّس. نطلب ذلك بشفاعة أمنا مريم البتول، ابنة هذه البلاد المقدسة وسلطانة فلسطين، حتى نصل إلى أورشليم السماويّة، حيث سنراك وجها لوجه. لك المجد والتسبيح، أنت الإله الآب والابن والروح القدس، إلى دهر الدهور. آمين".

كلمة شكر من "الفارس" الجديد

 

وقبل منح البركة الختاميّة، ألقى فارس القبر المقدّس الأب منويل بدر كلمة شكر.

 

وقال: "أنا شاكر من كل قلبي لله الذي ألهمني ورافقني طيلة حياتي، واختارني لخدمة كنيسته: إذ الكاهن -يقول القديس بولس- هو اختيار من الله من بين الشعب ولأجل الشعب. فشكرًا يا بطريركيتي بممثلها النائب البطريركي العام في القدس سيادة المطران وليم الشوملي، مترئس هذه الرتبة، بمعاونة القائم بأعمال النائب البطريركي في الأردن، الأب الدكتور جهاد شويحات، نيابة عن غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، على منحي هذا اللقب الذي ليس تشريفًا، بل تكليفًا لحمل مسؤولية أكبر".

 

تابع: "نولد جميعنا مع خمس حواس، تساعدنا على إنجاح حياتنا اليوميّة، وهي: حاسة البصر، حاسة السمع، حاسة الشم، حاسة اللمس، وحاسة الذوق. لكن عند أصحاب المروءة حاسة سادسة، وهي حاسة عمل الخير ومحبّة القدس الصادر عن الإيمان القويّ لهذه المدينة. هذا وأريد أن أبرهن ذلك بمثل شخصي: أنا أمضيت 46 سنة في خدمة عدة كنائس في ألمانيا، أوّل 10 سنوات ككاهن مساعد. لكن في السنة العاشرة، لما حصلت على الجنسية الألمانية، كان بإمكاني أن أُصبح كاهن رعيّة مستقلّ، بشرط أن أتخلّى عن انتمائي لبطريركية اللاتين، وانتسابي للأبرشيّة التي كنت أعمل فيها. لكنني رفضت وبقيت كمرسل فقط من بطريركيّة القدس، لكي أحافظ على لقبي: إذ أينما وحيثما دُعيت لقداس أو محاضرة أو لقاء، كانوا يقدّموني: منويل بدر، كاهن من بطريركية اللاتين في القدس. فكنت وما زلت فخورًا بذلك".