موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
لمناسبة حلول عيد الفصح أجرت صحيفة "أوسيرفاتوريه رومانو" الفاتيكانية مقابلة مع النائب الرسولي في حلب المطران حنا جلوف، الذي حاول أن يقدم صورة عن الأوضاع الراهنة في سورية قائلا: إننا نعيش في الظلام بانتظار بزوغ الفجر، وأوضح أنه يوجد في سورية اليوم جيل بأكمله لم يعرف سوى الحرب التي اندلعت في البلاد منذ ثلاث عشرة سنة وأسفرت عن سقوط أكثر من نصف مليون ضحية.
استهل المطران جلوف حديثه مشيرًا إلى أن المواطنين السوريين يعيشون اليوم أوضاعًا أسوأ مما كانت عليه مع بداية الحرب في العام 2011، وقال صحيح أن وقف إطلاق النار قائم في أجزاء من البلاد، غير أن ارتفاع كلفة المعيشة يشكل مشكلة كبيرة والفقر منتشر في كل مكان، علمًا أنه بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية 75% من المواطنين السوريين يحتاجون إلى المساعدات.
وقال سيادته بهذا الصدد إن غلاء المعيشة والتضخم المالي موجودان في المناطق السورية كافة، لافتًا على سبيل المثال إلى أن الموظف السوري لا يستطيع أن يتقاضى أكثر من ثلاثين دولارًا شهريًا بيد أن المواطن يحتاج إلى ثلاثمائة دولار على الأقل ليلبي احتياجاته الرئيسة. وأضاف أن حجم الفقر هائل في سورية وهي المرة الأولى التي يشهد فيها البلد أزمة من هذا النوع.
وأكد أن السكان يعيشون في الظلام بانتظار بزوغ الفجر، وقال إن البلاد لم تر النورَ بعد، منذ اندلاع الحرب، وهي ما تزال تبحث عن السلام الحقيقي. ومما لا شك فيه أن أكثر من عشر سنوات من الحرب بدلت البلاد بشكل جذري، مع أن القوات النظامية استعادت سيطرتها على جزء كبير من سورية منذ آذار 2020، وحيث طُبق وقف لإطلاق النار.
وكان السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري قد صرح لوكالة الأنباء الكنسية "سير" بأن الأزمة السورية لن تُحل من خلال أعمال الصدقة، مسلطًا الضوء على أهمية التوصل إلى حل سياسي، يبدو أنه غاب عن الأذهان. واعتبر أن الدبلوماسية الغربية تبدو اليوم بعيدة عن الأزمة السورية بسبب انشغالها بأزمات وصراعات أخرى شأن الحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط.
وأشار المطران جلوف إلى أن العديد من السكان هُجروا خلال ثلاث عشرة سنة من حرب، وثمة اليوم شبان كثيرون عازمون على التوجه إلى الخارج حتى إذا اقتضى الأمر الهروب بحرًا، في وقت تشير فيه إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن خمسمائة مواطن سوري تقريبًا يغادرون بلادهم يوميًا.
وفيما يتعلق بالسكان المسيحيين، قال النائب الرسولي في حلب إن العدد تراجع بشكل كبير، موضحًا أن المسيحيين كانوا يشكلون نسبة 7% من مجموع عدد السكان قبل الحرب، وقد وصلت هذه النسبة اليوم إلى 3% على أبعد تقدير. ولفت على سبيل المثال إلى أنه في الشمال حيث الأكثرية الكردية فرغت العديد من القرى المسيحية من سكانها الذين هاجروا إلى الخارج. وقال: في القرى المسيحية الثلاث في وادي نهر العاصي بقي اليوم سبعمائة مؤمن كاثوليك من أصل عشرة آلاف، وكان يتواجد في القرى عشرة كهنة يخدمون أربع رعايا، أما اليوم فلا يوجد سوى راهبين فرنسيسكانيين وحسب.
وفي ختام حديثه، لفت المطران جلوف إلى أن الكنسية المحلية تسعى إلى مساعدة السكان قدر المستطاع إذ تمدهم بالمواد الغذائية والأدوية، وتشرف على عدد من المشاريع الصغيرة. وقال: "إننا نعيش وضعًا مأساويًا وسط صمت دولي"، ومع ذلك شدد على أن المواطنين المسيحيين في سورية يتمتعون بقدرة هائلة على الصمود، مضيفًا: "لدينا إيمان، وفي عيد الفصح يترسخ الرجاء بأن الرب لن يتخلى عنا أبدًا".