موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١٨ فبراير / شباط ٢٠٢٤
السلام العادل

أشخين ديمرجيان :

 

تباينت الآراء وتغايرت وتنوّعت واختلفت حول الحرب والسلم. عيوننا وأفئدتنا تتطلّع وترنو بتفاؤل وأمل إلى مستقبل كريم ينعم بالسلام والاستقرار، وبودّنا أن نودّع الحروب اليوم وفي هذه اللحظة، بقلوب ملؤها الحبور، ورجاؤنا أن يأخذ كلّ ذي حقّ حقّه وأن نتمتّع بصفحة جديدة في تاريخ هذه البلاد المقدّسة، نخطّ فيها جميعًا بداية رقيّنا وارتقائنا من ظلمات الكوارث الى نور الحضارة والتقدّم والازدهار.

 

أما الذين ينتمون إلى الفئة "الرأسمالية العالمية" والذين يحاولون السيطرة على العالم أجمع بلا منازع، ويكنزون الأموال على حساب الفقير ويزيدونه فقرًا، ويعيثون في الأرض فسادًا وظلمًا وحربًا، ويبيحون الاجهاض وزواج المثليين، ويحاربون المحبة والعدالة والسلام والمشاعر الإنسانية النبيلة، ويرفعون شعارات "الحياة للأقوى"، ويخطّطون للأجيال الصاعدة كي لا تنشأ في جوّ الأسرة الدافىء أو في ظلّ التربية الصحيحة، كما أنهم يوقظون في قلوبهم "الاستهتار" بالحياة الأسرية والوالدين والأخلاق الحميدة والمبادىء الكريمة.

 

هؤلاء الرأسماليون يحاولون التشهير بكلّ إنسان عادل على غير حق، لأنه يقف لهم بالمرصاد ضدّ تيّار رأسماليتهم العاتي. وكل من يتابع أقوال الذين يدافعون عن حقوق الإنسان عن كثب، في كتاباتهم وبياناتهم وإعلاناتهم، يُلاحظ أنه  يبذلون قصارى جهدهم كي "يُحسِنوا الى العالم أجمع"، وكي يُجابهوا جولات الباطل بلا كلل أو ملل. هم ينادون بكل عزم ويقين ولسان حالهم ينبذ الظلم ويقول: لا للفقر... لا للجوع...  لا لاستغلال السلطة... لا لاحتقار حقوق الانسان... لا لشهوة التملّك... لا للإجهاض... لا لزواج المثليين... لا للحرب... لا للفساد... ومن ناحية أخرى يهيبون بمحبّي السلام، والخير، والحوار البنّاء بين الديانات المختلفة كي يستمروا في مسيرة الوداد لخير كل العباد. وفي رأيهم انّ احتقار حقوق الانسان هو السبب المباشر للحروب والأزمات الاقتصادية والمالية، وكذلك شهوة التملّك. لذلك كلّه تحاول "هذه الفئة الرأسمالية العالمية" تلفيق التهم ضدّ الصالحين، من أجل تحقيق أطماعها دونما إزعاج أو تشويش أو عرقلة، للاستمرار في اقتراف الأفعال المُنافية لجميع العهود والمواثيق الدولية. لكنّ الحق يعلو ولا يُعلى عليه، وسيبقى الإنسان العادل نصير المُعاق والفقير والمظلوم والمكلوم ، يجابه ويتحدّى روح الطمع والشرّ.

 

ليتنا نعي كل كلمة تُقال في بعض وسائل الإعلام لأن "الرأسماليّة العالميّة" تسيطر عليها وتحاول أن تدير دفّة العالم لمصلحتها، وهي عادة لا تقول الحقيقة بل تحاول أن تحشو أدمغتنا بما تريد وكيفما تشاء دون مصداقيّة.  فنُصبح في استماعنا الى بعض وسائل الإعلام  المغرضة سلبيين نتلقى الخبر وكأنه مُنزَل ، ونرضى به دون تحليل عميق أو دراسة علميّة دقيقة.

 

ومن هذه الأراضي المقدّسة التي يذكّرنا كلّ شبر فيها وكلّ بقعة منها بالأحداث التي واكبت حياة المسيح أمير السلام والمحبّة، لا يسعنا اليوم الا أن ندعو الله تعالى كي يحقّق لنا السلام والخير والأمن والاستقرار هنا وفي العالم أجمع.

 

"هاءنذا معكم كلّ الأيام وإلى منتهى الدهر". هذا ما وعد به السّيّد المسيح تلاميذه ومن يؤمن به عن طريق رسله حتّى منتهى الأجيال. وعندما توارى عن الأنظار أراد أن نعتاد حضوره بيننا ولو لم يقع تحت أنظارنا الحيّة، فوعده هو الحق الفريد الوطيد. وكان من حين إلى آخر يتراءى للتلاميذ والرسل بنوع حسّي ملموس، ليقوّي إيمانهم بحضوره معهم ، ويثبت لهم صدق أقواله ووعوده بأنّه قريب من كلّ مَن يؤمن به.

 

 

خاتمة

 

إنّ خالق الجنس البشري قادر أن يعطينا خليقة جديدة في النصيب السماويّ.

 

وما هدف الإنسان الصالح في الحياة سوى الاستعداد للأبديّة بضمير طاهر نقيّ.

 

أنظروا أيّها الحكّام المستبدّون إلى السماء والأرض، ولا تنسوا أنّ الله خلق الكون من العدم، وجَبَلَكم مثل جميع البشر من التراب وإلى التراب سوف تعودون، ولا تعتقدوا أنّكم أفضل من غيركم. "إنّك أيها المارق  تسلبنا الحياة الدنيا، ولكن مَلك العالمين سيُقيمنا لحياة أبديّة" (مك الثاني 7: 9).