موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٠ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤
البطريرك الكلداني: العراقيون المسيحيون نحو الهجرة

الكاردينال لويس روفائيل ساكو :

 

حذّر الكاردينال لويس روفائيل ساكو من أنّ في البلاد "لا استقرار سياسي، أمني، اقتصادي ولا السيادة التي يتطلّع إليها كلّ العراقيين"، مشيرًا إلى أنّ المكوّن المسيحي "يشعر بالحزن والألم، والخوف والهشاشة، حيال التهميش الكلي أو الجزئي".

 

وأضاف البطريرك الكلداني، أن "ثمة اعتماد مفاهيم مزدوجة للديمقراطية والحرية، والدستور والقانون والمواطنة، حتى لدى الذين أقسموا أمام الله بالحفاظ عليها، مما أضعف أداء مؤسّسات الدولة، وتراجع القيم الاخلاقية والوطنية، فضلاً عن تدهور الخدمات والصحة والتعليم، وتفشي الفساد، وازدياد البطالة والاُميّة". وتساءل: "كيف يمكن لهؤلاء المسؤولين الذهاب الى دور العبادة للصلاة، والى النوم في حين أنّ عددًا كبيرًا من مواطنيهم يئنّ من الجوع والعوَز والمرض؟".

 

وبيّن أن "المكوَّن المسيحي، يشعر بالحزن والألم والخوف والهشاشة حيال التهميش الكلي أو الجزئي: خطف وقتل وفدية بعد سقوط النظام، ثم تهجيرهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من الموصل وبلدات سهل نينوى، ولولا استقبال حكومة اقليم كردستان لهم مشكورة، ورعاية الكنيسة لهم اثناء التهجير واعادة تعمير بيوتهم بعد التحرير لكان حالهم حال مهجّري قطاع غزّة في فلسطين، إذ لم تقدم الحكومة المركزية آنذاك لهم شيئًا".

 

 

الاعتداءات لا تزال مستمرة

 

وأشار الكاردينال ساكو إلى أن "الاعتداءات على المسيحيين لا تزال مستمرة: على مقدراتهم، ووظائفهم والاستحواذ على ممتلكاتهم وحالات تغيير ديانتهم بالإكراه من قبل داعش أو غيرها، أسلمة القاصرين، عدم المحافظة على حقوقهم، محاولة مسح متعمّد لتراثهم وتاريخهم وارثهم الديني، وعبارت الكراهية في بعض الخطب الدينية وكتب التعليم".

 

وذكر أن "الحكومة غير جادّة بانصاف المسيحيين، وما تقوله مجرد كلام جميل من دون أفعال". وتساءل: ماذا حصل من قضية مقتل الشاب المسيحي في حي الأمين ببغداد (سامر صلاح الدين، وجريمة قتل العائلة المسيحية للد. هشام مسكوني وزوجته د. شذى مالك ووالدتها خيرية داؤود في آذار سنة 2018؟ وما هي نتيجة اجراءات التحقيق في موضوع محرقة قره قوش (أيلول 2023) التي لا يصدق أحدٌ انها حادث عابر؟".

 

وأوضح بأنّ "أكثر من مليون مسيحي هاجروا البلاد، ومعظمهم من النُخَب العلمية والاقتصادية والمهارات، لكن من يكترث لذلك؟ بينما جددت حالة عدم الاستقرار وغياب الانصاف نزيف الهجرة، فقد هاجرت 100 عائلة من قره قوش في الأشهر الماضية والحبل على الجرّار، وعشرات العائلات من المدن الاخرى كبلدة عينكاوا في إقليم كردستان بسبب القلق من المستقبل وعدم صرف الرواتب منذ أشهر؟".

 

 

حلفاء حقيقيون

 

ولفت البطريرك الكلداني إلى أن "المسيحيين يحتاجون الى حلفاء حقيقيين وصادقين من الداخل والخارج لتغيير الوضع نحو الافضل والمطالبة العلنية بحقوقهم في الاعلام والمحافل الدولية بايمان راسخ ونَفَس طويل وحكمة"، كما أن "على الاحزاب المسيحية والكنائس أن تتحد، ومن دون الاتحاد سيفرغ البلد من مكونه الأصيل ورائد حضارته العريقة".

 

ونوه بأنّ "العراقيين بجميع أطيافهم يتطلعون إلى المصالحة الوطنية الحقيقية، نبذ الخصومات، بناء دولة مدنية قوية، دولة قانون ومؤسسات، دولة تديرها الكفاءات وليس المحاصصة الحزبية، دولة تحافظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين كل مكونات المجتمع الديني والمذهبي والقومي، دولة تسعى لإحلال السلام والاستقرار والامان والعيش الكريم".

 

وأضاف أنه "بحسب كل القيم الدينية والاخلاقية لا عيب أن نعترف بخطئنا ونعتذر عنه ونعالجه. أتمنى من الكل أن يراجع نفسه أمام الله وأمام ضميره لأن العراقيين والمسيحيين يستحقون الأفضل"، واختتم بالدعاء: "يا رب امنح حكامنا حكمة الحوار والخير العام والدفاع عن الفقراء وإخماد كل اشكال الصراع والحرب، وبارك كل الذين يسعون لإشاعة حضارة الاخوّة والمحبة السلام".