موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
شدد البابا فرنسيس في رسالته إلى الكاردينال الألماني أنه كأسقف روما وكأخ يحب أخاه، يفكر بما شعر به القديس بطرس في حضرة الرب، الذي حاول بدوره أن "يقدم استقالته" بمعنى ما، واصفا نفسه بالرجل الخاطئ. بيد أن الرب طلب منه أن يرعى خرافه.
وسلّطت الرسالة البابوية، التي نُشرت باللغتين الإسبانية والألمانية، الضوء على الشجاعة المسيحية التي لا تخشى الصليب، كما أن المسيحي لا يخشى أن يُذل أمام واقع الخطية الرهيب. وذكّر البابا بأنّ الكنيسة الكاثوليكية بأسرها تواجه أزمة بسبب مسألة التعديات على القاصرين. كما أن الكنيسة لا تستطيع أن تخطو خطوة إلى الأمام دون أن تتعامل مع هذه الأزمة لأن "سياسة النعامة" لا تؤدي إلى أي نتيجة، وينبغي أن نواجه الأزمة انطلاقا من إيماننا الفصحي، كما يجب أن نتصرف كجماعة لأنه لا يوجد أحد قادر على تخطي الأزمة بمفرده.
وأشار البابا إلى أنه يتفق مع ما كتبه الكاردينال ماركس واصفًا الأزمة الراهنة في ألمانيا، والأوضاع الحزينة للتعديات الجنسية على القاصرين، وقد اعتبر نيافته أن الطريقة التي تعاملت فيها الكنيسةُ مع هذه الفضائح لم تكن على مستوى التوقعات، وهذا الأمر حمله على تقديم استقالته إلى الحبر الأعظم. أكد البابا أن الخطوة الأولى الواجب اتخاذها هي أن ندرك الرياء في طريقة عيش إيماننا. ولا يسعنا أن نقف غير مبالين أمام هذه الجرائم، لافتا إلى أن الأوضاع التاريخية ينبغي أن تفسَّر في ضوء الأزمنة التي حصلت فيها، لكن هذا الأمر لا يعفينا من تحمل المسؤوليات. وفي هذا السياق يتعين على كل أسقف في الكنيسة أن يتحمل مسؤولياته ويتساءل عما يُمكن أن يفعله في وجه هذه الكارثة.
ولم تخلُ رسالة البابا من الإشارة إلى الإصلاح المطلوب من الكنيسة، وهذا الإصلاح يجب ألا يقتصر على الكلمات بل لا بد أن يُترجم إلى مواقف عملية تحركها شجاعة مواجهة الأزمة وتحمُّل المسؤوليات بغض النظر عن التبعات. وذكّر فرنسيس بأن كل إصلاح يبدأ من الذات، والإصلاح في الكنيسة يصنعه رجال ونساءٌ لم يخافوا من خوض الأزمات ومن ترك الرب يُصلحهم. وأشار إلى أن طمر حقائق الماضي لا يقود إلى أي مكان، لأن الصمت وعدم التدخل يؤديان إلى الفشل الشخصي والتاريخي.
وشدد البابا على ضرورة أن نترك الروح القدس يقودنا في صحاري العالم كي يوصلنا إلى الصليب، ثم إلى القيامة. وكتب أنه يتعين علينا أن نسير في درب الروح، ونقطةُ الانطلاق هي الاعتراف المتواضع بأننا أخطأنا. ولا يمكن أن ينقذنا الوضع المرموق لكنيسة تحاول أن تُخفي خطاياها، كما لا تنقذنا سلطة المال ولا آراءُ وسائل الإعلام. إننا نخلص عندما نفتح الباب على من يستطيع أن يخلّصنا ونعترف له بخطايانا الفردية والجماعية. وبهذه الطريقة نشعر بالخجل الشافي الذي يفتح الباب أمام رأفة وحنان الرب الذي هو قريب منا على الدوام.
في ختام رسالته عبر الحبر الأعظم عن تقديره لاقتراح الكاردينال ماركس بأن يبقى كاهنا وأسقفا في الكنيسة مع الالتزام في مسيرة من التجدد الروحي، وكتب البابا أنه يود منه أن يتابع خدمته كرئيس أساقفة على ميونيخ – فرايزنغ وحثه على الإصغاء إلى صوت الرب يسوع الذي طلب من القديس بطرس الخاطئ أن يرعى خرافه.