موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٥ فبراير / شباط ٢٠٢٣
البابا فرنسيس يوجه رسالة لمناسبة اليوم الدولي الثالث للأخوة الإنسانية

الفاتيكان :

 

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير.

 

أحيّي تحيّة المودّة والتّقدير، فضيلة الشّيخ الإمام الأكبر أحمد الطيّب، الذي وقَّعْتُ معه، قبل أربع سنوات، في أبو ظبي، على وثيقة الأخُوّة الإنسانيّة، من أجل السّلام العالمي والعيش المشترك.

 

أشكر سمُوّ الأمير الشّيخ محمد بن زايد لالتزامه من أجل الإخُوّة، واللجنة العليا للأخُوّة الإنسانيّة لتعزيز المبادرات في مختلف أنحاء العالم، وأشكر أيضًا الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، لأنّها ثبَّتت بقرارها في شهر كانون الأوّل/ديسمبر 2020، يوم 4 شباط/ فبراير يومًا عالميًّا للأخُوّة الإنسانيّة. ويسرّني أن أشارك في منح جائزة زايد للأخُوّة الإنسانيّة لسنة 2023.

 

 وفي المشاركة في مشاعر الأخُوّة المتبادلة، نحن مدعوُّون إلى أن نكون مؤيِّدين لثقافة السّلام، التي تشجّع على الحوار، والتّفاهم المتبادل، والتّطور المستدام، والشّمولية. كلّنا نحمل في قلوبنا الرّغبة في العيش المنسجم والتّعاون المتبادل. الواقع أنّ هذا لا يتحقق غالبًا، - وأمامنا علامات مأساويّة على ذلك، - وهذا يجب أن يزيدنا اندفاعًا إلى البحث عن الأخُوّة.

 

صحيح أنْ ليس للديانات القوّة السّياسيّة لتفرض السّلام، لكن بتبديل الإنسان من الداخل، وبدعوته إلى التنزه عن الشّرّ، فإنّها توجّهه إلى مواقف سلام. ولهذا، إنّ للديانات قوّة حاسمة لتوجيه الشّعوب إلى العيش معًا: فالحوار بينها ينسج نسيج سلام، ويرفض تجربة تمزيق نسيج السّلام في المجتمع المدني، وتحرّره من تسخير الاختلافات الدينيّة لأهداف سياسيّة. ومهمّة أيضًا رسالة الديانات في تذكير الإنسان أنّ مصيره هو ما وراء الخيرات الأرضيّة، وهو على صعيد عالمي شامل، لأنّ كلّ إنسان هو خليقة الله، وكلّنا أتينا من الله وإليه نعود.

 

الديانات، لتكون خادمة للأخُوّة، في حاجة إلى الحوار فيما بينها، وأن تعرف بعضها بعضًاـ وأن تغتني بعضها ببعض، وأن تتعمّق خصوصًا في كلّ ما يجمع بينها، وفي التّعاون من أجل خير الجميع.

 

التّقاليد الدينيّة المتنوعة، تستمد كلّ واحد منها من تراثه الرّوحيّ الخاصّ، ويمكنها أن تقدّم مساهمة كبيرة في خدمة الأخُوّة. إن عرفنا أن نبيِّن أنّه من الممكن أن نعيش الاختلافات في الإخُوّة، يمكننا أن نتحرّر شيئًا فشيئًا من الخوف ومن عدم الثّقة تجاه الآخر المختلف عني. العناية بالتّنوع والتّنسيق بين الاختلافات ليس أمرًا بسيطًا، لكنّها الطّريقة الوحيدة التي يمكنها أن تضمن سلامًا ثابتًا وباقيًا. إنّه التزام يقتضي تقويّة إمكاناتنا للحوار مع الآخرين.

 

رجال ونساء من ديانات مختلفة يسيرون معًا إلى الله، ويسلكون طُرُقًا تلتقي مرارًا. وكلّ لقاء هو فرصة للصدام أو لنشجع بعضنا بعضًا، بعونه تعالى، للتقدّم معًا إخوةً وأخواتٍ. فإنّنا شركاء، ليس فقط في أصل واحد، بل أيضًا في مصير واحد، مصير خلائق ضعيفة وقابلة للجراح، مثل الفترة التّاريخيّة التي نعيشها اليوم، والتي تؤكّد لنا ذلك.

 

إخوتي وأخواتي الأعزّاء،

 

 نحن واعون أنّ مسيرة الأخُوّة مسيرة طويلة وصعبة. لنعارض الصّراعات الكثيرة، والظلال الكثيرة في عالم مغلق، بعلامة الأخُوّة. إنّها تقتضي منّا أن نستقبل الآخر ونحترم هويته، وهي تلهمنا لنعمل ونحن مقتنعون أنّه أمر ممكن أن نعيش معًا في انسجام وسلام.

 

أشكر كلّ الذين سينضمون إلى مسيرة الأخُوّة التي بدأناها، وأشجعهم على أن يتعلّموا معًا، قضيّة السّلام، ليجيبوا على المشاكل والحاجات العمليّة لدى الأخيرين والفقراء والذين لا حمى لهم، وكلّ الذين يحتاجون إلى مساعدتنا.

 

في هذا الاتجاه تسير جائزة زايد للأخُوّة الإنسانيّة. شكرًا جزيلًا، لهذا اللقاء مع جائزة هذه السّنة، والتي مُنحت لجماعة Sant’Egidio والسّيّدة شمسة أبو بكر فضيل. شكرًا لعملكم، ولشهادتكم.

 

وإليكم جميعًا، أيّها الإخوة والأخوات، تحيتي وبركتي.