موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس البابا لاون الرابع عشر، مساء السبت 7 حزيران 2025، أمسية صلاة عشية عيد العنصرة، في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، شارك فيها نحو 70 ألف حاجًا وحاجة من أكثر من 100 دولة، ضمن احتفالات يوبيل الحركات والجمعيات والجماعات الكنسيّة الجديدة.
وبعد رفع الصلوات والترانيم وتقديم شهادات الحياة، انضم البابا إلى حشد الحجاج المبتهج، حيث ترأس ليتورجية الكلمة تخللها رتبة تجديد وعود المعموديّة وصلاة لاستدعاء الروح القدس وعظة لفت في مستهلها إلى أنّ "ساحة القدّيس بطرس، والتي تشبه عناقًا مفتوحًا ومرحّبًا، تُعبّر بشكلٍ رائع عن وحدة وشركة الكنيسة"، التي تختبرها الجماعات المتعدّدة الحاضرة.
وأكد البابا على مفهوم السينوديّة، التي تُعبّر بامتياز عن الطريقة التي يُكوّن بها الروح القدس الكنيسة؛ "ففي هذه الكلمة يتردّد صدى كلمة "syn" –معًا- الذي يشكّل سرّ حياة الله. فالله ليس عزلة، إنّما هو ’معًا‘ في ذاته: الآب والابن والرّوح القدس. وهو أيضًا الله معنا. وفي الوقت عينه، تذكّرنا السينوديّة بـالطريق "odos"، لأنّه حيثما يكون الرّوح القدس، يكون هناك حركة، ومسيرة. نحن شعب يسير".
وأوضح أنّ هذا "هذا الوعي لا يُبعدنا عن الإنسانيّة، بل يغمرنا فيها، فنكون فيها مثل الخميرة في العجين": "ففي عالمٍ ممزّق وخالٍ من السّلام، يعلّمنا الرّوح القدس أن نسير معًا، مثل الحجّاج.. ليس كلّ واحد لنفسه، بل يجب أن تكون خطواتنا منسجمة مع خطوات الآخرين".
وأكد البابا لاون أنّ "الله خلق العالم لكي نكون معًا"، لافتًا إلى أنّ "السّينوديّة هو الاسم الكنسيّ لهذا الوعي. إنّه الطّريق الذي يطلب من كلّ واحد أن يعترف بدَينه وكنزه، ويشعر بأنّه جزء من كلّ، لا تزدهر فيه أيّة موهبة مهما كانت أصيلة إن بقيت خارجه".
وأردف "انظروا: كلّ الخليقة لا توجد إلّا في صورة الوجود معًا، وهو وجود أحيانًا خطير، لكنّه دائمًا معًا. وما نسمّيه ’تاريخًا‘ لا يتبلور إلّا في سياق الالتقاء معًا، والعيش معًا، ولو كان مليئًا بالنّزاعات، لكنّه دائمًا عيش معًا. عكس ذلك قاتل، وللأسف هو أمام أعيننا كلّ يوم".
وخاطب البابا الحضور بالقول: "لتكن إذًا جماعاتكم وتجمعاتكم مساحات للأخوّة والمشاركة، ليس فقط أماكن لقاء، بل أماكن حياة للرّوح. إنّ روح يسوع يغيّر العالم، لأنّه يغيّر القلوب. إنّه يُلهِم بُعد الحياة التّأمّلي الذي يُدين حبّ الظّهور، والتّذمّر، وروح النّزاع، وهيمنة الضّمائر والموارد. إنّ الربّ هو الرّوح، وحيث يكون روح الربّ، تكون الحريّة (راجع 2 قورنتس 3، 17). فالروحانيّة الحقيقيّة تلتزم إذًا بالتنميّة البشريّة المتكاملة، وتُحيي بيننا كلمة يسوع. حيث يحدث ذلك، يكون الفرح. الفرح والرّجاء".
وفي ختام عظته، سلّط البابا لاون الرابع عشر الضوء على البشارة بالإنجيل، والتي هي "ليست غزوًّا بشريًّا للعالم، بل نعمة لامتناهية تنبع من حياة تغيّرت بفضل ملكوت الله. إنّها طريق التطويبات، طريقٌ نسلكه معًا". ولاتّباع هذا الطريق فإنّنا "لا نحتاج إلى داعمين أصحاب سلطان، ولا إلى تسويات دنيويّة، ولا إلى استراتيجيّات عاطفيّة"، كون "البشارة بالإنجيل هي عمل الله".
وشجّع البابا أعضاء الحركات الكنسيّة أن يكونوا "مرتبطين بعمق" بكنائسهم الخاصة وجماعاتهم الرعويّة المحليّة. وقال: "كونوا حول أساقفتكم، وفي تعاون مع سائر أعضاء جسد المسيح، إذّاك سنعمل في تناغم وانسجام. وسيزول خوفنا من التحديّات التي تواجهها البشريّة، وتخِفُّ الظّلمة التي تخيّم على المستقبل، وسيسهل علينا التّمييز بين الخير والشرّ. إن أطعنا معًا الروح القدس!".