موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
فصل شريف من بشارة القديس متى (1: 1–25)
كتاب ميلادِ يسوعَ المسيحِ ابنِ داود ابن ابراهيم * فابراهيمُ ولد اسحقَ واسحق ولد يعقوب ويعقوبُ ولد يهوذا وإخوتهُ * ويهوذا ولد فارَصَ وزارَح من تامارَ. وفارَصُ ولد حصرونَ وحصرونُ ولد أَرام* وأَرامُ ولد عَمّينا دابَ وعَميّنا دابُ ولد نحشونَ ونحشونُ ولد سَلمونَ * وسلمونُ ولد بُوعَزَ من راحابَ وبوُعَز ولد عوبيدَ من راعوتَ وعُوبيدُ ولد يسَّى ويسَّى ولد داوُدَ الملك * وداودُ الملكُ ولد سليمانَ منَ التي كانت لأُريَّا * وسليمانُ ولد رَحَبعامَ ورَحبعامُ ولد أبِيَّا وأبيا ولد آسا * وآسا ولد يوشافاَط ويوشافاُط ولد يورامَ ويورامُ ولدعُزيَّا * وعُزّيَّا ولد يوتامَ ويوتامُ ولد آحازَ وآحازُ ولد حزقيَّا * وحزقيَّا ولد منسَّى ومنسَّى ولد آمونَ وآمونُ ولد يوشيَّا * ويوشيَّا ولد يكنيَّا وإخوتَهُ في جلاء بابل * ومن بعد جلاء بابل يكنيَّا ولد شأَلتئيلَ وشأَلتئيل ولد زَرُبابلَ * وزربُابل ولد أَبيهودَ وأَبيهودُ ولد أَلياقيمَ وألياقيم ولد عازورَ * وعازورُ ولد صادوقَ وصادوق ولد آخيمَ وآخيمُ ولد أليهودَ * وأَليهود ولد أَلِعازرَ وأَلعازرُ ولد مَتَّانَ ومتَّانُ ولد يعقوب * ويعقوبُ ولد يوسفَ رجلَ مريمَ التي وُلد منها يسوع الذي يُدعىَ المسيح * فكلُّ الأَجيال من ابراهيمَ الى داودَ أربعة عشر جيلاً ومن داودَ الى جلاء بابل أربعةَ عشَر جيلاً ومن جلاء بابل الى المسيح أربعةَ عشَر جيلاً * امَّا مولدُ يسوعَ المسيحِ فكان هكذا. لَّما خُطبت مريمُ امُّهُ ليوسف وُجدت من قبلِ أَن يجتمعا حُبلَى من الروح القدس * واذ كان يوسفُ رجلها صدّيقًا ولم يُرد أن يشهَرَها همَّ بتخليتها سرَّا * وفيما هو متفكرٌ في ذلك اذا بملاكِ الرب ظهر لهُ في الحُلم قائلاً يا يوسفُ ابنَ داود لا تخَف ان تأخذ امرأَتك مريم. فانَّ المولودَ فيها انَّما هو من الروح القدس * وستلِد ابنًا فتسميهِ يسوع فاَّنهُ هو يخلّصُ شعبهُ من خطاياهم * وكان هذا كلُّهُ ليتمَّ ما قيل من الربّ بالنبّي القائل: ها إنَّ العذراء تحبلُ وتلد ابنًا ويُدعى عِمَّانوئيل الذي تفسيُرهُ الله معنا * فلمَّا نهض يوسف من النوم صنع كما امرهُ ملاكُ الربّ. فأَخَذَ امرأَتَهُ * ولم يعرِفها حتَّى ولدتِ ابنَها البكرَ وسمَّاهُ يسوع.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين
أيها الأحباء، نحن نتأمل بأحد النسبة بإنجيل نسب يسوع الأرضي الّذي يفتتح به القديس متى إنجيله. كبدايةٍ لكتابه، من الطبيعي أن يُحدّد الكاتب (الرسول متى) أصل الشخصية المحورية التي يدور حولها الكتاب، وهو يسوع المسيح. فيعود بنا الإنجيلي إلى أيام إبراهيم وسرد كل الشخصيات والأحداث الأساسية في تاريخ الخلاص على مر الأجيال لتكون جزءً من تاريخ يسوع الأرضي.
يُعتبر إنجيل نسب يسوع من الأناجيل الصعبة، إن من ناحية الوعظ فالفكرة واحدة أو من ناحية قراءة الأسماء القديمة والتي ترد في العهد القديم. ولكن إن نظرنا إلى النص نظرة شغفٍ بإله أراد الخلاص لشعبه، لأدركنا أننا أمام مشهدٍ عظيمٍ أبطاله أُناس إختبروا حب الله ورحمته، قوته وعدله، الخطيئة والنعمة... ورأينا بعين الإيمان كيف أن تاريخ البشرية أجمع ينصب في شخص واحد ولشخص واحد هو يسوع المسيح.
فكيف لا نقرأ هذا الإنجيل قبل ميلاد الرب يسوع! لا يُمكننا الإدعاء بإستقبال هذا الطفل الإلهي إن لم نتأمل بهذه الجوهرة الفنية التي نحتها القديس متى والتي تقول الكثير لنا والتي تُهيئنا لميلاد الرب وتوقظ فينا الوعي لحقيقة هذا الطفل.
يبدء النص الإنجيلي بميلاد الرب يسوع، إبن داود، إبن ابراهيم؛ ثم يعود ويبدأ بإبراهيم.... ثم داود... إلى ميلاد يسوع. وهذا يشير إلى أن الرب يسوع هو الأول الأخير، هو الألف والياء، هو البداية والنهاية.
أوضح الكاتب من خلال نهاية شجرة الأصول أن النص مقسوم إلى ثلاثة أقسام من إبراهيم إلى داود، من داود إلى السبي إلى بابل، من السبي إلى ميلاد يسوع. إبراهيم هو أبو الإيمان، داود هو صورة الملك العظيم والجامع والشامل، والسبي إلى بابل هو صورة ضعف الإنسان وثمار خطيئته. ويسوع المسيح هو صورة الإنسان الجديد، هو مصدر الإيمان، هو موضوع إيماننا، هو الملك الحقيقي، هو حمل الله الحامل خطايا العالم، جاء ليخلّصنا.
إذاً يسوع, هو هذا الشخص الذي دخل التاريخ, وله حسب ونسب لم يحولا على الرغم من سوء بعض شخصياته من أن يظهر هذا السيد ليقول: أنا أقوى من كل الظروف التي يمكن أن تفرق بين الله والإنسان. إنهُ أقوى أيضاً من خطيئتنا التي تريد طردهُ من تاريخ حياتنا الشخصية، إنه أقوى من ضعفنا الذي يجعلنا نرفضهُ و نستحي به، بينما يقبلنا ويفتخر بنا وهو إله. نرفضهُ ونحن خطأة ويقبلنا وهو قدوس, نرفضه ونحن المجرمون ويقبلنا وهو الغفور، نرفضهُ ونحن أرضيون ويقبلنا وهو السماوي، نرفضهُ ونحن في العمق ويقبلنا ويرفعنا إلى فوق. وهنا السؤال يطرح نفسهُ: لماذا؟ لماذا يقبل يسوع الانتماء إلى هكذا تاريخ ولماذا يضع نفسهُ في ورطة النسب الذي كان غالباً ما نهرب نحن منه كبشر, حينما نظن أنفسنا أكبر من أن نعلن قرابتنا وارتباطنا مع أحد أفراد العائلة الذي ابتعد عن طريق الخير والحق رافضين التقرب منه. ولكن بهذه الطريقة نحن نرفض منطق الرب يسوع الذي يتقرب من الجميع، ولا يرفض أحدا البتة. ربما خاصتهُ لم تقبله (يو1:11) وربما بطرس نكره (متى26:70) إلَّا أن يسوع، الرب يسوع، تجسَّد لغاية واحدة فقط وهي خلاص الجنس البشري، حتى إن لم تقبله خاصته، حتى إذا أنكرناه كبطرس، فهو آت وسيكمل حتى الجلجلة وسيترك لنا الروح القدس ويأتمنه علينا، لأنهُ "يحبنا" ويريد نجاتنا وخلاصنا ويريد أن يصطحبنا معهُ إلى هناك، إلى حيث كنا، لأنه أكبر وأقدس وأسمى وأنبل من كل تفاهاتنا وآثامِنا وخطايانا. وهو للجميع، وهذه هي بشرى اليوم.
هل نحن المسيحيين نعي ذلك هل نحن نعيش ذلك: هو الرب يسوع المسيح. ماذا تعني كلمة يسوع: الله يخلص هو المخلص لا نفتش عن مخلصٍ آخر! إنسان اليوم هو ضائع يظن أن المال والأبنية والأراضي هي التي تخلُصه حتى الصحة الجسدية لا تخلصه حتى العلم الذيٍ شغل اليوم الشباب والناس ويتطور بسرعة، والتكنولوجية الحديثة مع كل الوسائل التي تعطينا السلام الحقيقي لا تهب لنا الفرح الحقيقي كلها شكليات لا تروي النفس البشرية. نحن نؤمن أن الرب يسوع الذي ولد في مغارة بيت لحم. في مذود البهائم بهذا التواضع هذه الفضيلة الكبيرة التي تنقصنا جميعنا. علينا أيضاً في الميلاد أن نستقبله حتى يأتي ويسكن فينا ويحل فينا السلام الحقيقي. آمين