موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٤
60 عامًا على منح الكرسي الرسولي صفة المراقب الدائم في الأمم المتحدة
من أجل عالم لا يكون فيه السلام والعدالة والكرامة البشرية مجرّد تطلعات، بل واقعًا معاشًا من قبل الجميع

فاتيكان نيوز :

 

لمناسبة مرور 60 عامًا على منح الكرسي الرسولي صفة المراقب الدائم في منظمة الأمم المتحدة، ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، الاثنين 30 أيلول 2024، قداسًا إلهيًّا في كنيسة العائلة المقدسة في نيويورك.

 

وفي عظته أكد نيافته أنه ما من طريقة أفضل من هذا الاحتفال الإفخارستي للاحتفال بهذه الذكرى مع الحاضرين من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الأمم المتحدة وأصدقاء بعثة الكرسي الرسولي كمراقب دائم، كما وأعرب للجميع عن شكر قداسة البابا فرنسيس وشكره الشخصي على الصداقة التي يقدمونها بأشكال مختلفة لبعثة الكرسي الرسولي.

 

وتحدّث الكاردينال بارولين عن كلمة الله مشيرًا إلى أنها تصل إلى قلوب الجميع في الأوضاع المختلفة لتنيرها، وذكَّر بقراءة اليوم التي تعود بنا إلى إنسانية التلاميذ والتي لا تختلف عن إنسانية رجال ونساء كل الأزمنة والأماكن. وواصل الكاردينال بارولين أن إنجيل القديس لوقا يحدثنا عن جدال بين التلاميذ، خلال توجه يسوع إلى أورشليم معلنا آلامه وموته، حول من هو الأكبر فيهم. وأضاف أن يسوع لا يخشى أسئلة الناس، لا يخشى إنسانيتنا وتطلعاتنا المختلفة، بل يعرف ما في أعماق القلوب وهو على استعداد دائما كمعلم صالح لتشجيعنا ومساندتنا، إلا أنه يمنح تطلعاتنا آفاقا جديدة.

 

وأضاف أن يسوع يطرح منطق المحبة الذي يمكن أن يعيشه الجميع. وللإجابة على سؤال التلاميذ يروي لنا الإنجيل أن يسوع أخذ بيد طفل وأَقامه بجانبه. فالطفل لا يرمز إلى البراءة بقدر ما يرمز إلى الصغر، فمثل الأطفال يعتمد الصغار على الآخرين، وهكذا قال يسوع للتلاميذ "مَن قَبِلَ هذا الطِّفلَ إِكراماً لِاسْمي فَقَد قَبِلَني أَنا". ومن هذا المنطلق أن مَن يبحث عن الله يجده في الصغار، فيمن هم في احتياج لا فقط للخيور المادية بل للرعاية والتعزية، وأضاف أن اعتبار أنفسنا صغارًا هو نقطة انطلاق للنمو. ثم سلط الكاردينال الضوء على أن يسوع يقلب معايير ما يهم بالفعل، فقيمة الإنسان لم تعد تعتمد على ما له من دور أو ما يقوم به من عمل، معيار الكبر في عيني الله هو الخدمة، لا ما يملك الإنسان بل ما يعطي.

 

وأشار الكاردينال بارولين إلى أن حضور الكرسي الرسولي في هذا المستوى للجماعة الدولية يًدرَج في هذا الإطار تحديدا وفيه يجد مبرراته، في منطق الخدمة. وذكَّر بأن الكرسي الرسولي طوال السنوات الستين كمراقب دائم قد واصل دعم كرامة الإنسان والدفاع عن حقوقه وخاصة الحق الأكثر الأساسية، الحق في الحياة، واصل العمل من أجل العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وحماية البيئة والدفاع عن المنسيين، المهاجرين واللاجئين والنازحين.

 

 

لقاء احتفالي

 

وعقب القداس الإلهي، عقد لقاء للاحتفال بالأعوام الستين للكرسي الرسولي كمراقب دائم في الأمم المتحدة، وتحدث خلاله الكاردينال بارولين عن أن الوضع الخاص للكرسي الرسولي كطرف ديني ودبلوماسي قد مكنه من إقامة الجسور وتعزيز الفهم أمام الحدود الثقافية والإيديولوجية. وقد شدد الكرسي الرسولي على أن التطور الحقيقي لا يمكن بلوغه إلا من خلال الاعتراف بالأبعاد الروحية والأخلاقية للحياة البشرية واحترام هذه الأبعاد.

 

وواصل أمين السر أن التزام الكرسي الرسولي بهذه المبادئ الثابتة لم يتغير في هذا العالم سريع التغير. ثم أكد أن التحديات التي علينا مواجهتها اليوم، من الفقر والنزاعات إلى التغيرات المناخية والذكاء الاصطناعي وانتهاك الحقوق الإنسانية، تتطلب لا فقط حلولا فنية بل التزاما أخلاقيا بالعمل لصالح الخير العام والتضامن وتعزيز الأخوّة الإنسانية. علينا أن نتذكر أننا عائلة بشرية واحدة، قال الكاردينال بارولين مشيرا بالتالي إلى الحاجة إلى التزام متجدد بتعددية الأطراف والتعاون الدولي للعثور على حلول مشتركة.

 

وختم الكاردينال بييترو بارولين، وانطلاقا من نداءات البابا فرنسيس، داعيًا إلى رؤية محورها عالم لا يكون فيه السلام والعدالة والكرامة البشرية مجرد تطلعات، بل واقعًا معاشًا من قِبل الجميع، ولنعملَن بللا كلل على بناء جسور تفاهم وحل الخلافات وخلق ثقافة لقاء وتضامن كي نتمكن بالفعل من العيش في سلام أحدنا مع الآخر.