العلوم اليسوعيّة في خدمة العالم

عام 1898، اعترفت أمريكا بأهمّيّة اختراع الأب ألجيه. وهكذا أصبح للأب ألجيه ولمرصد مانيلا قيمة كبيرة في المؤسسة الأمريكية. بعد سنة أوصت لجنة شورمان بإنشاء دائرة الأحوال الجوية الفلبّينية، وبتعيين الأب ألجيه مديرًا عامًّا عليه بشكل رسميّ. مع أنّه كان قد بدأ بإدارة "مرصد مانيلاّ" عمليًّا  قبل ذلك التعيين بسنة، بعد وفاة الأب فاورا.

في عام 1900 أنشأ الأب ألجيه خريطة أطلس حديث ومكتمل لدولة الفلبين. في عام 1904 دُعي –كما في سنوات سابقة- للمساعدة في "المعرض العالمي في سانت لويس" ولتصميم معرض خاص لـ"مكتب الأرصاد الجوية الفلبينية"، استغرق إنجازه سنة، وشمل خريطة عملاقة لإغاثة الفلبّين والجزر المحيطة بها، ولتثبيت الأرصاد الجوّيّة، مع قسم خاص للمعلومات الجغرافيّة عن مختلف المناطق والجماعات القبليّة.

في عام 1905 عاد للإشراف على "مكتب الأرصاد الجوية الفلبّينية"، وأنشأ ما يزيد عن 60 محطة من محطات الأرصاد الجوية، لتغطية البلاد بأسرها. تحت إدارته الحكيمة، توفّر في مكتب الأرصاد أوّل نظام تحذير منتظم يُنبّىء عن الأعاصير المدارية والأعاصير. واستُشير الأب ألجيه أيضًا في أثناء وضع كابلات مغمورة في جميع أنحاء الجزيرة، وعبر المناطق الآسيوية الأخرى.

في عام 1912 مُنح ألجيه درجة دكتوراه فخرية "في العلوم"، من جامعة الفلبّين. كما أعدّ جهازًا يشمل تعديلات ضرورية لاستخدامه في المحيط الأطلسي الشمالي، بناءً على طلب من مكتب القوات البحريّة الأمريكية في واشنطن.

كان ألجيه في السنوات الأخيرة من حياته، مسؤولاً عن 159 محطة من محطات الأرصاد الجوية، فضلاً عن محطتين إحداهما مغناطيسية والأخرى خاصة بالزلازل. كانت تحذيرات الإعصار تُرسَل بانتظام إلى جميع مراصد الفلبّين وطوكيو، وهونغ كونغ، وشانغهاي، ودوائر الأرصاد الجوية في آسيا".

أمّا في أعمال الشحن والتجارة، انتُخب الأب ألجيه عضوًا فخريًا في جمعيّة الأرصاد الجوية الملكية في لندن في سنة 1906. في عام 1924 استقال الأب ألجيه من منصبه وعاد إلى إسبانيا، بسبب مرضه، حيث وافته المنيّة يوم 27 أيّار 1930. وخلال الحرب العالمية الثانية دُمّر المرصد تمامًا. وفي 8 كانون الأول 1972، حلّ محلّه مرصد "باغاسا".

الفلبّين جمهورية دستورية

وعاصمتها مانيلاّ. وهي عبارة عن أرخبيل مكوّن من 7107 جزيرة. احتلّها الاسبان لفترة من الزمن.  سنة 1898 تخلّت إسبانيا عن الجزر إلى الولايات المتحدة مقابل مبلغ 20 مليون دولار. واحتفظت الولايات المتحدة بالسيادة على الجزر حتى نهاية الحرب العالميّة الثانية، عندما نالت الفلبّين استقلالها في 4 يوليو 1946. وبسبب الولايات المتّحدة دخلت اللغة الإنجليزية الفلبّين ومعها الميل للثقافة الغربية.

ويمكن إكبار مواهب الأب الجيه والنجاح الذي رافقه في أثناء إدارته للمرصد على مدى سبعة وعشرين عاماً. وبإيجاز، لقد نال أعلى درجات الاحترام والإكبار من الفلبينيّين والإسبان والأمريكيّين وغيرهم. خلّفه في إدارة المرصد الأب ميغيل سيلغا. وجاء من بعده عدّة كهنة متخصصين وأكفاء في نفس المجال العلمي.

خاتمة

أطلق الباحث الأمريكي العلاّمة "جيمس وارِن" على الأب ألجيه لقب ال"سوبرمان العِلميّ". بسبب اختراعاته ومساهماته الكثيرة والمتنوّعة في إنشاء الخرائط الفلبّينية وخرائط الأرصاد الجوّيّة على الصعيدَين المحلّيّ والعالميّ.

وهكذا أتمّ الأب ألجيه في الميدان العلميّ والإنسانيّ  كلمات السّيّد المسيح: "كلّ كاتب تتلمذ لملكوت السماوات، يُشبه ربَّ بيت يُخرج من كنزه كلّ جديد وقديم" (متّى 13: 52).