موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله
تحيّة محبّة وإجلال،
من دواعي البهجة والسرور، أن نلتقي في بيت الأردنيين بحضوركم السامي، لنتبادل التهاني بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلاديّة الجديدة. نسأل الله العلي القدير، أن يمنّ على جلالتكم وعلى أسرتكم الكريمة، والأسرة الهاشميّة العزيزة، وعلى شعبنا الأردنيّ بالخير والبركات، وأن يحفظ الأردن آمنًا سالمًا مطمئنًا.
سيدي صاحب الجلالة،
يعود عيد الميلاد هذا العام والكثيرون يعانون من الآلام والتشرّد وفقدان الأمل. وفي فلسطين بشكل خاص، تزداد المأساة، والوصول إلى كنيسة المهد والقيامة أصبح مجرّد أمنية يتيمة للكثيرين.
إنّ الاحتفال بعيد الميلاد المجيد هو إحياء للمعنى الحقيقي للإنسانيّة النقيّة التي يحتاجها عالم اليوم. إنّ جوهر روح الميلاد يكمن في أنّ الله عزّ وجلّ يريد الحياة الكريمة للبشر، ولا يريد لها الموت والهلاك. يريدنا بناة جسور وليس سدود، حواجز قاهرة وجدران فاصلة. وعليه سنكون دومًا معكم، وخلف قيادتكم الحكيمة سنكون بناة جسور محبّة ورحمة، يزرعون السلام والإخاء.
سيدي صاحب الجلالة،
باسم غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا أهديكم تحيّة الإجلال والإكبار من القدس الشريف، وقد تعذّر حضوره لأسباب خارجة عن إرادته. يا مولاي، إنّ حياة المقدسيين –مسلمين ومسيحيين- تزداد وجعًا وتعقيدًا، وبسبب الإجراءات الأحاديّة الجانب والتعديات المستمرّة على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة من قبل المستوطنين –والمدانة بشدّة- يتعذّر على كثير من المؤمنين المشاركة في طقوس العبادة فيها.
يا صاحب الجلالة، إنّ سمو رسالتكم ودوركم التاريخيّ في المدينة المقدّسة، وصوتكم المدوّي الجبّار في كل المحافل الدوليّة، وجهودكم المستمرّة، هي محطّ تقديرنا وشكرنا وثنائنا. فالحفاظ على الأماكن المقدّسة وعلى "الوضع القائم" في القدس الشريف كان ومازال وسيبقى رسالة تحملونها من جيل إلى جيل، وهي أيضًا رسالة نحملها معكم وخلفكم، ليعمّ السلام وتتحقّق العدالة على أسّس الشرعيّة الدوليّة.
سيدي صاحب الجلالة،
لقد ازداد العبء على شعب غزة الجريحة، ونأمل أن تنتهي الحرب الوحشيّة التي أودت بحياة الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين، والتي ترفضها كلّ الشرائع السماويّة، ونرفض نحن استخدام النص الديني لتبريرها. إنّ الدور السياسيّ والإغاثي المميّز الذي تقومون به، يسير بالتوزاي وبتناغم كامل مع الجهود الكبيرة التي يبذلها الكرسي الرسولي والدعوات المستمرة التي يطلقها قداسة البابا فرنسيس، الذي وصف الحرب باللاإنسانيّة.
لقد زار غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا غزة في أيار الماضي، حيث أمضى عدّة أيام متضامنًا مع أهلها. وقد اطلقت البطريركيّة اللاتينيّة برامج إغاثية –غذائية وصحيّة- بدعم من العديد من الشركاء في جميع أنحاء العالم لمساعدة أهل غزّة وتخفيف معاناتهم، ونحن مستمرون بدعم ما يقارب ثمانية آلاف عائلة، بمعدل أربعين ألف شخص، من خلال برامج مستدامة. ونأمل أن تبدأ قريبًا عملية سياسيّة حقيقة لضمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة لتعيش جنبًا إلى جنب بسلام مع دول الجوار.
سيدي صاحب الجلالة،
يحلّ نيافة الكاردينال بيترو بارولين، أمين سر الكرسي الرسولي (الفاتيكان) ضيفًا عزيزًا على أردننا الحبيب، ليدشّن كنيسة عماد السيّد المسيح اللاتينيّة في المغطس، بعد عمل طويل وجهود كبيرة، والتي بارك حجر أساسها قداسة البابا الراحل بندكتس السادس عشر، بحضوركم السامي في 10 أيار 2009، ولنحتفل باليوبيل الفضي للحجّ المسيحيّ إلى نهر الأردن، والذي يتزامن مع احتفالات المملكة باليوبيل الفضي لتوليكم السعيد لسلطاتكم الدستوريّة، وتبقى رعايتكم الساميّة لهذا الاحتفال يا صاحب الجلالة أغلى أمنياتنا.
إنّ التنوّع الرائع في هذه البقعة المقدّسة، وحضور جميع الكنائس الفاعل، هي صورة لحقيقة قدسيّة أرضنا الأردنيّة، وسنعمل معًا لجذب السياحة الدينيّة إلى الأردن العزيز، للتبرّك من أرض المعموديّة، وارتشاف قيم التسامح والرحمة والوئام والإخاء.
سيدي صاحب الجلالة،
ندعو الله أن يظلّ الأردن منارو في شرقنا المتألم المجروح، وواحة للأمن والسلام، تحت ظلّ قيادتكم الحكيمة.
وكل عام وجلالتكم بألف خير.