موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تجلس سحر عوض بين سريري عبود (12 عامًا) ابن شقيقتها ومصعب (14 عامًا) ابن شقيق زوجها، وهما من الأقارب القليلين الذين بقوا على قيد الحياة من عائلتها إثر مقتل 80 منهم على الأقل في القصف الإسرائيلي. وفي مدرسة في مدينة رفح تضم عشرات الجرحى الذين تم اجلاؤهم من مستشفيات مدينة غزة، تروي سحر كيف نزحت جنوبا من حي الشيخ رضوان في مدينة غزة.
ويوم الجمعة الماضي، "قصف المبنى المؤلف من ستة طوابق، استشهد أكثر من 80 شخصا من العائلة. مسحت عائلة عوض بالكامل". وأضافت "بعد وقوع القصف، ذهبوا لاجلاء الشهداء والاصابات فقامت اسرائيل بقصفهم مرة ثانية". وتابعت "لم ندفن سوى الجثث التي طارت من شدة القصف إلى الجوار"، مشيرة إلى أن كثيرين ما زالوا تحت الأنقاض.
وبترت ساق مصعب الذي غطت وجهه الكثير من الاصابات، وقتل شقيقه. وأشارت إلى عبود الذي يخرج من بطنه خرطوم بلاستيكي وهمست وهي تبكي "لا يعلم ان كل عائلته استشهدت، والدته وشقيقتاه وشقيقه وجدته". ولم يتبق لعبود سوى والده لأنهما أصيبا معا في القصف قبلها بأيام.
"مسحوا جميعا"
وتابعت "أخي الكبير وعائلته استشهدوا، اختي نزحت لدينا من بيت حانون واستشهدت مع زوجها وأولادها، لم يبق سوى عبود. شقيق زوجي استشهد مع كل نسله، ابناؤه وبناته واحفاده، مسحوا جميعا و لم يبق منهم أحد". وروت سحر أنها نزحت مع والدتها وابنها محمد من الشيخ رضوان باتجاه جنوب القطاع، وقالت إن نجلها الذي كان يدفع والدتها على كرسي متحرك احتجزه الجيش الإسرائيلي.
وتابعت "افرجوا عنه بالأمس، ولكنه في حالة يرثى لها. تعرض للتعذيب وجردوه من ملابسه. لم يتمكن من الحديث واخبارنا بكل ما حصل". وقالت إنها بحثت عن مصعب وعبود اللذين كانا في المستشفى الاندونيسي لحين عثرت عليهما.
وبقي أفراد قليلون في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، قالت سحر إنهم يرفضون النزوح جنوبا قبل إخراج جثث الاقارب من تحت الركام ودفنها. وأشارت وهي تبكي "من ذهب ربنا يرحمه، لكني أشعر بالرعب على الباقين. لم يبق غيرهم".
"سافر دون عودة"
أنجبت فداء زايد (33 عامًا) أول اطفالها عدي (20 عامًا) وهي في الثالثة عشرة من عمرها. وقالت "كبرت معه ومع قصي (ابنها الثاني وعمره 19 عامًا) وابنتي شهد (17 عامًا)".
وقبل عدة أيام، كان عدي ووالدته أمام البيت في جباليا وهو أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة، وقالت "آخر ما قاله لي إنه ينتظر الهدنة على احر من الجمر، وأن التهدئة ستكون في يوم الجمعة،وطلب مني ان أعد وليمة من الرز والدجاج".
وأضافت "وقع قصف قوي سقط فيه عشرات الشهداء، مشيت بنفسي على خمسين شخصًا بين شهيد وجريح، كنت ابحث عن عدي، كان الرماد والدخان يغطي المكان لم اتمكن من التعرف عليه الا من حزامه". وأشارت بأسى "كنا نقف جميعًا معًا، لكن ربنا اختاره من بيننا شهيدًا".
وروت فداء كيف توجهت مع زوجها واولادها للمستشفى لتكفين ابنها، ثم دفنته العائلة بنفسها في المقبرة. وتابعت "نزحنا لمدرسة في رفح في اليوم التالي، ولم أشعر اني مصابة في ظهري. الجرح في قلبي وصدري جعلني لا أشعر بجسدي، قلبي الذي ينزف وليس ظهري".
وعند وصولها إلى المستشفى في رفح، عالج الأطباء جرحها الملتهب واحتاجو لتقطيبه إلى 17 غرزة.
كانت العائلة تستعد لتوديع عدي الذي حصل على تصريح إسرائيلي نادر للتوجه إلى الضفة الغربية المحتلة للانضمام إلى الاكاديمية العسكرية في أريحا. وقالت أمه إن التصريح كان ليوم 12 من تشرين الأول الماضي، ولكنه "سافر دون عودة ولمكان آخر". وأضافت أن "غزة في ظلام دامس كالقبور، اتمنى ان اموت انا واولادي حتى لا نحزن على بعضنا... الأحياء في هذه المدينة هم الأموات".