موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في الأرض المقدسة، تم إنشاء صليب هو أيقونة "مخصصة" لليوبيل، سيبقى موجودًا في جميع مواقع اليوبيل.
كان إنشاؤه أيضًا "مخصصًا": سواء في شكله، مع أطراف مستديرة وفي الأبعاد (120×70سم) بحيث يمكن استخدامه كصليب موكب، وفي المواد، مع اختيار خشب الأرز، وهو نفس خشب صليب يسوع، وفقًا لتقليد قديم. وقد تم تعيين رسامة الأيقونات ماريا رويز لإنجاز هذه المهمة، مستلهمة أيقونة الصلب التي رسمتها أيضًا لكتاب القداس الذي صدر مؤخرًا باللغة العربيّة.
تقول الفنانة الإسبانية: "إن صليب المسيح يحيي، إنه موت لا ينتهي بالموت، ولهذا السبب فهو مصدر رجاء". والذهب الذي يشكل خلفية الصليب يرمز بالتحديد إلى مجد القيامة.
أما النموذج الأيقوني لهذا العمل فهو نموذج "الصليب الكوني"، الذي يعبّر عن شمولية خلاص المسيح وعطية المصالحة الممنوحة للبشرية من خلال حبه وحياته التي قدمها على الصليب. وهو يستند إلى كلمات القديس بولس: "فقد حسن لدى الله أن يحل به الكمال كله. وأن يصالح به ومن أجله كل موجود مما في الأرض ومما في السموات وقد حقق السلام بدم صليبه." (كولوسي 1، 19-20).
يصوّر هذا العمل يسوع المسيح في اللحظة التي بلغت فيها ذبيحته ذروتها: "ثم حنى رأسه وأسلم الروح" (يوحنا 19: 30). هذا ما تسميه الكنيسة "العنصرة الأولى"، التي ترمز إليها حمامة الروح القدس: كما قيل: "الموت هو تسليم روحه للكنيسة، المولودة من جنبه المطعون".
في طرفي ذراعي الصليب، هناك تجسيدان للشمس (باللون الأحمر) والقمر (باللون الأزرق) يرمزان إلى جميع العناصر السماوية، المرتبطة بعمل إعادة الخلق الذي قام به المسيح. تحت قدمي المسيح، تظهر الأرض ككرة حمراء، تمثل شغف المسيح بالبشرية، وهذا يذكرنا مرة أخرى بما قاله القديس بولس، "لأنه (الله) أخضع كل شيء تحت قدميه" (1 كو 15: 27).
الصليب مُطول إلى الأسفل ليحتوي على عبارة "بالرجاء خُلِّصنا" التي تظهر باللغة اليونانية (اللغة الأصلية للمقطع الكتابي)، وكذلك باللاتينية والعربية، أي لغات القداس الإلهي في الأرض المقدسة.
أما بالنسبة لكتاب القداس، فقد استخدمت ماريا رويز أسلوبًا "غنيًا بالتقاليد المسيحية القديمة التي مرت بهذه الأرض ليكون قادرًا على التحدث إلى المسيحيين اليوم، سواء كانوا من أتباع التقليد الشرقي أو التقاليد اللاتينية".
الأسلوب البيزنطي -وخاصة التقليد الأرمني- هو الأسلوب الذي ألهمها أكثر والذي، على حد تعبيرها: "يسمح بإرسال رسالة عالمية شاملة. إنه ليس تفسيرًا خاصًا بي للصلب. لقد أطعت لغة معينة لأنقل رسالة، هي ليست لي، ولكن بطريقة أكثر شفافية".
تحتوي طاولة عمل ماريا على الطباشير والغراء والدهانات وورق الذهب وفرش الرسم. بعد تحضير الخشب (في مركز "بيكيريليو" في بيت لحم)، تم عمل الجص، ثم التذهيب ثم الرسم، "وفقًا للطريقة التقليدية في كتابة الأيقونات: خلفية داكنة تظهر عليها ضربات النور التي تعطي شكلًا للجسم والوجوه".
كل شيء ينبض بالحياة بالإيمان والصلاة: "لا يمكنك إنشاء عمل مثل هذا دون الإيمان برسالة الرجاء التي يمثلها الصليب، والتي ترغب هذه الصورة في حملها. أثناء الرسم، أحمل في صلاتي كل الأشخاص الذين سيكرمون هذه الصورة، بقلب متصالح مع الله، وأطلب أن تصل هذه المصالحة إلى هؤلاء الأشخاص الذين يلتقون بالمسيح من خلال هذا الصليب".
بالنسبة لماريا رويز "كانت أصعب مهمة قمت بها على الإطلاق"، بسبب الوقت الذي استغرقته ولكن أيضًا للحظة الشخصية التي كنت أمر بها. وتضيف: "هناك دائمًا وقت أشعر فيه أن الوجود الإلهي يسكن الأيقونة وهو ليس نتيجة لجهودي. هذه المرة أشعر بالمسافة الهائلة بين ما كنت أمثله وما أنا عليه، وهي مسافة لا يمكن ملؤها بدون نعمة الله".
إنّ رؤية الصليب بين يدي البطريرك وهو يدخل كنيسة البشارة في الناصرة في يوم افتتاح اليوبيل. وتقول الفنانة الاسبانيّة في هذا الشأن "كانت فرحة عظيمة ونعمة عظيمة: فرمز الرجاء لهذا العام بالنسبة للأبرشية، قد مرّ بين يدي".
بعد الصليب الأول، بدأت ماريا بالعمل على الصلبان الخاصة بمواقع اليوبيل الأخرى.
تقول: "إنّها ليست نسخًا طبق الأصل. إنها ليست حالة تكرار لشيء كنت أعرف شكله وعناصره وألوانه. إن اللقاء بالصليب دائمًا فريد من نوعه، ودائمًا جديد. إنه مثل مقابلة شخص تعرفه ولكن في نفس الوقت لا تنتهي أبدًا من التعرف عليه. لا يكفي لقاء يسوع بالأمس، فهو حضور نلتقي به اليوم".