موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٢٢ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
حيّ فلوريس ما زال يحتضن صدى خطى البابا في طفولته
صورة من أمام بازيليك القديس يوسف في حيّ فلوريس في بوينس آيرس في 21 نيسان 2025

صورة من أمام بازيليك القديس يوسف في حيّ فلوريس في بوينس آيرس في 21 نيسان 2025

أ ف ب :

 

في حيّ فلوريس في غرب بوينس آيرس حيث نشأ البابا فرنسيس، أحيت وفاته سيلا من الذكريات المجبولة بالحنان لمسار خورخي بيرغوليو منذ طفولته وحتى تعيينه رئيسا لأساقفة العاصمة الأرجنتينية.

 

تستذكر الراهبة تيريزا روفيرا، مديرة معهد سيّدة الرحمة، الذي ارتاده فرنسيس في طفولته على مقربة من منزل عائلته في حيّ للطبقة الوسطى كان أفضل حالاً في الماضي "هنا دخل إلى الروضة، وفي الباحات الواسعة، كان يلعب كرة القدم مع رفاقه".

 

وتضيف "يُقال إنه كان مشاكسًا وطريفًا"، مستذكرة شهادات راهبات شهدنا على مساره في الأربعينات، قبل أن تردف مبتسمة "لا يولد المرء قدّيًسا ... بل يرتقي إلى مصافي القداسة".

 

وفي الكنيسة الصغيرة للمدرسة المشيّدة منذ أكثر من مئة سنة، احتفل خورخي بيرغوليو بالمناولة الأولى وسرّ التثبيت، وسيم كاهنًا. وكان يحرص على إحياء القدّاس فيها في 8 تشرين الأول في ذكرى مناولته الأولى، محافظًا على علاقته الوثيقة بالمؤسسة، على ما تقول الأخت تيريزا.

 

وكان خورخي بيرغوليو يكنّ معزّة خاصة للأخت دولوريس التي درّسته التعليم الديني وهو كان يناديها "معلمتي" وبقي ممتنًّا لها طوال عمره.

 

رافقته الأخت دولوريس "في فترة صعبة من حياته عندما تعرّض في الحادية والعشرين من العمر لمشكلة كبيرة في الجهاز التنفّسي استدعت استئصال جزء من رئته"، على ما تخبر الأخت تيريزا. وتؤكّد الراهبة "ظل على تواصل معنا... وعهد على الحضور لتناول المعكرونة معنا أيّام الأحد".

 

وبعد تعيينه رئيسًا لأساقفة بوينس آيرس، كان يأتي من "كاتدرائيته" في وسط المدينة، متسلّلاً من الباب الجانبي للمدرسة ومتوجّها مباشرة إلى المطبخ لاحتساء الشاي مع الطباخة. وتستذكر الأخت تيريزا بحنّية أنه كان يقول "لا تخبري الراهبات بعد بوصولي. فلنشرب الشاي معًا، لكن دعيني أعدُّه لك"، مؤكّدة أنه "كان يحرص على أن يكون قريبًا من الناس".

 

صورة من داخل بازيليك القديس يوسف في حيّ فلوريس في بوينس آيرس، في 21 نيسان 2025

روحه باقية

 

كان خورخي بيرغوليو يتسم أيضًا بطباع سكان العاصمة بوينس آيرس (بورتينيو) المعروفين بعنادهم، على ما تخبر الراهبة "فبالرغم من آلام الركبة ومن أنه كان يعرج في بعض الأحيان، كان يرفض دومًا العودة بسيّارة أجرة"، مفضّلاً الحافلة أو المترو أو حتّى السير على قدميه.

 

بساطته وأسلوب عيشه الذي عنى "التواجد في الشارع والانفتاح على الجميع ولا سيما الفقراء" هي تركة البابا فرنسيس الذي يبقى عزيزا على قلب فلوريس، كما يقول الأب مارتن بورديو الكاهن المسؤول عن بازيليك القدّيس يوسف.

 

وعندما كان البابا فرنسيس "في المستشفى في الفترة الأخيرة، قدّم لوحة للكنيسة"، على ما يخبر الأب بورديو مؤكّدًا "كان يحبّ فلوريس كثيرًا، فهو الحي الذي نشأ فيه وحيث توجد رعيّته وجذوره وبقي يفكّر فيه حتّى اللحظة الأخيرة من روما".

 

ويستذكر خوان فالكو (72 عامًا) الذي يملك كشكًا للصحف مطلّا على ساحة قريبة "عندما انتخب بابا، انفجر سكان فلوريس فرحًا، كأنما حدثت ثورة... كدنا لا نصدّق أن هذا الشخص البسيط الذي نعرفه جميعنا بات حبرًا أعظم. فقد اختاروه من أقاصي المعمورة".

 

ومساء الإثنين، حضر مئات آلاف المصلّين، من عائلات وتلامذة مدارس ما زالوا يلبسون زيّهم الدراسي قدّاسًا في بازيليك القدّيس يوسف، بعد صلاة أقيمت على راحة نفس البابا فرنسيس في فترة بعد الظهر تخلّلتها تلاوة نصوص من توقيعه.

 

وما زالت الأخت تيريزا تتذكّر جيّدًا أحد آخر القداديس الذي أحياه رئيس أساقفة بوينس آيرس في ذاك الوقت في كنيسة المعهد قبل سفره للمشاركة في مجمّع الكرادلة في روما في شباط 2013. وهي تخبر "غادر بحقيبة صغيرة، ببساطته المعهودة. وهو كان على قناعة بأنه سيعود إلى بوينس آيرس العزيزة على قلبه، لكنه لم يعد حينها".

 

وتمتم خوان فالكو "برغوليو... لطالما عاد إلى فلوريس، بل الحق أنه لم يرحل عن الحي يومًا، ولن يفارقه أبدًا".