موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
الكاردينال بارولين يلتقي الإكليروس الكاثوليكي في الأردن ويحثّ على التعامل مع ثلاثة تحدّيات
في لقاء حواري معهم
صورة جماعية أمام كنيسة العذراء الناصرية بعد اللقاء (تصوير: ليث فرج / موقع أبونا)

صورة جماعية أمام كنيسة العذراء الناصرية بعد اللقاء (تصوير: ليث فرج / موقع أبونا)

أبونا :

 

في اليوم الثاني من زيارته إلى المملكة، التقى الكاردينال بييترو بارولين، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، صباح السبت 11 كانون الثاني 2025، الإكليروس الكاثوليكي العامل في المملكة، حيث أعرب عن امتنانه للمساهمة التي يقدّمها الإكليروس الأردني لخدمة الكنيسة الجامعة، داعيًّا إياهم للتعامل مع ثلاثة تحدّيات: التنشئة المسيحيّة، المدارس الكاثوليكيّة، والهجرة.

 

في بداية اللقاء الذي تمّ في قاعة كنيسة العذراء الناصرية، في الصويفية بعمّان، ألقى بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، كلمة ترحيبية بالضيف الكبير، مبيّنًا أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة الممثلة اليوم في هذه القاعة، لديها العديد من الكنائس والجمعيات الرهبانيّة والمدارس والجامعات والمستشفيات والجمعيات الخيريّة، لافتًا إلى أهميّة العمل الروحيّ والثقافيّ والإنسانيّ الذي يقوم به الكهنة والرهبان والراهبات في مختلف أنحاء الأردن العزيز.

 

امتنان للخدمة العظيمة

 

وفي مستهل الكلمة التي وجّهها إلى الحضور، نقل الكاردينال بارولين "تحيّات البابا فرنسيس القلبيّة"، معربًا عن شكره "للخدمة العظيمة التي يقدّمها الإكليروس في المملكة، خاصة في الوعظ، ومنح الأسرار، والخدمة الرعويّة، والتعليم والرعاية الصحيّة"، مشيرًا إلى أنّ المجالين الأخيرين هما على وجه الخصوص لخدمة المجتمع كلّه، ويُساهمان بشكل كبير في الأنموذج الأردني المميّز للعيش المشترك بين أتباع الأديان. وقال: إنّ الأردن يتولى دورًا بارز الأهميّة في هذه المنطقة.

 

وأعرب أمين سرّ دولة الفاتيكان عن امتنانه للمساهمة التي يقدّمها الإكليروس الأردنيّ لخدمة الكنيسة الجامعة: أسقف في جيبوتي، وسفير بابوي، وطالب في الأكاديميّة (الدبلوماسيّة) البابويّة، وكاهن في دائرة الحوار بين الأديان، وكاهن من البطريركيّة اللاتينيّة يعمل في أمانة سرّ دولة الفاتيكان. وقال إنّ "هذا الكرم هو تكريم للكنيسة، وتعزيز للوعي بوحدتنا في إيمان واحد ورسالة واحدة".

دعم للمجتمعات المسيحيّة

 

وجدّد الكارينال بارولين الإشارة إلى أنّ زيارته إلى الأردن بصفته مبعوثًا بابويًّا، هو تأكيد على قرب قداسة البابا فرنسيس، والكرسي الرسولي بشكلّ عام، من المجتمعات العربيّة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وأمام حقيقة أنّ بعض الحضور قد جاؤوا من بلدان مجاورة خلال أشهر الحرب هذه، قال نيافته أنّ البابا قد "تحدّث عن مخاوفكم"، مشيرًا إلى دور الإكيروس والرهبانيات الهام في نقل "رسالة قداسته إلى المؤمنين، وإبلاغهم بدعمنا المستمرّ خلال الوضع الصعب الذي تمرون به".

 

ولفت الكاردينال بارولين إلى أنّه وبسبب رغبة الأب الأقدس في دعم المجتمعات المسيحيّة بشكل أوثق، فقد عيّن قداسته مؤخرًا أسقفًا مساعدًا للبطريركيّة اللاتينيّة ونائبًا بطريركيًا في عمّان، كما لفت إلى أنّ "جهودًا تُبذل من أجل وحدة أكبر" في كنيسة الروم الملكيين، وهذه كلّها "علامات على التقدّم الذي يتم إحرازه لمزيد من الاستقرار، وللمساعدة في دعم أنشطتكم الرعويّة".

تحديات حاليّة

 

وسطّر الكاردينال بارولين ثلاثة تحدّيات تُقلق الكنيسة، ألا وهي: التنشئة والمدارس والهجرة.

 

بداية، أشار نيافته إلى أنّ العالم يتغيّر بشكل متسارع، وأنّ الشرق الأوسط ليس استثناءً من ذلك، وأنّنا "نشهد تحوّلاً ثقافيًّا يؤثّر أيضًا على الطريقة التي نعيش بها إيماننا. فالأشكال التقليديّة تبقى مفيدة، ولكنها غير كافية ما لم يرافقها تنشئة مسيحيّة جادّة، وخاصة للبالغين"، معربًا عن قناعته بأنّ "تجديد الإيمان من خلال تنشئة مسيحيّة راسخة يشكّل تحديًّا أساسيًّا للكنيسة".

 

ثانيًّا، أشار الكاردينال بارولين إلى أنّ "الشباب المسيحيّ معرّض للخطر بشكل خاص بسبب تعرّضهم المتزايد للعلمانيّة، وخاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ"، وبأنّ "العديد من الشباب يرغبون بمغادرة الشرق الأوسط لهذا السبب".

 

وفي هذا السياق، شدّد على الأهميّة التي توليها الكنيسة للمدارس الكاثوليكيّة في نقل ليست المعرفة الأكاديميّة فحسب، وإنما القيم الإنسانيّة والدينيّة، وفهم معنى الحياة، وأساس الحكم السليم، والموقف العام للإيمان، مشدّدًا على ضرورة جعل هذه المدارس أماكن تنشئة مسيحيّة، والاستفادة بشكل أكبر من فرص التنشئة داخل الرعايا بهدف تعزيز الروابط التي توحّد الشباب بالكنيسة.

ثالثًّا، أكد الكاردينال بارولين أنّ "الهجرة المستمرّة للمسيحيين من الشرق الأوسط، بما في ذلك الأردن، تشكّل مصدر قلق كبير" بالنسبة للكنيسة، لافتًا إلى أنّها بالتأكيد مسألة مقعّدة للغاية، وترتبط بكلّ من الأوضاع الاقتصاديّة والشعور بعدم الأمان.

 

وأشار نيافته إلى أنّ أحد الحلول الممكنة قد يكون في العمل على تقويّة المجتمعات المسيحيّة، حيث يشعر المؤمنين بالدعم، وبتخصيص الوقت لزيارة العائلات وبناء شبكة دعم للعائلات المسيحيّة، لأنّ الحياة العائلة أيضًا، كما قال، تتعرّض لتحّديات هائلة.

 

كما لفت إلى أنّ ثاني الحلول يكمن بتجديد التوعيّة الرعويّة والانفتاح على مبادرات جديدة، حاثًا الكهنة والرهبانيات على البقاء على اتصال وثيق بالعائلات، والعمل على تشجيعهم على البقاء في المنطقة. وقال: أن تكون مسيحيًّا في الشرق الأوسط هو أيضًا دعوة.

وفي اللقاء الذي شارك به إلى جانب بطريرك القدس، عدد من الأساقفة والكهنة من مختلف الكنائس الكاثوليكيّة في الأردن، وراهبات ممثلات عن الرهبانيات والشمامسة الدائمون، جرى الحوار الرائع والصريح بين الكاردينال الضيف والمشاركين تمحوّر حول الحوار الدينيّ في عالم اليوم وفي منطقة الشرق الأوسط، بشكل خاص، والموقف الثابت للكرسي الرسوليّ من أجل السلام، وإمكانيّة توحيد الاحتفال بعيد الفصح، وكيفية دعم السياحة الدينيّة إلى بلادنا، من قبل الكرسي الرسولي.