موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١٠ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢١
الصحة النفسية تبدأ بمخافة الربّ

أشخين ديمرجيان :

 

يصادف اليوم الأحد "اليوم العالمي للصحة النفسية". لقد قرّرت منظمة الصحة العالمية انتهاج أسلوب جديد هذا العام في الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، حيث ترفع شعار «الرعاية الصحية النفسية للجميع»، وذلك انطلاقاً من تأثير ازمة فيروس كورونا على العالم أجمع.

 

من أجل التمتّع بصحة نفسية، يُشجّعنا الإنجيل المقدّس على أن نُنمّي المشاعر الإيجابيّة الصحية، ونتجنّب المشاعر السلبيّة مثل القلق: "لا يهمّكم أمر الغد، فالغد يهتم بنفسه. ولكلّ يوم من العناء ما يكفيه" (متّى 6: 34).

 

وويحثّنا على تجنّب الغضب: "طويل الأناة خير من الجبّار، والذي يسيطر على روحه أفضل ممّن يأخذ مدينة" (أمثال 32:16). الغضب يؤذينا ويؤذي صحتنا، والسيطرة على الانفعالات وضبطها يُفيدنا. يقول الكتاب المقدّس:‏ "الإنسان الذي لا يضبط روحه مدينة مقتحمة لا سور لها"‏ (أمثال 25: 28)‏.

 

كيف نسيطر على الغضب؟‏

 

بالبصيرة يقول الكتاب المقدّس، أي بمعرفة  التفاصيل من كلّ الجوانب قبل الانفعال. حينئذ نُدرك الأمور ويكون لدينا بصيرة.‏ يقول الكتاب المقدّس: ‏«بصيرة الانسان تُبطئ غضبه».‏ (أمثال 19 :11). معرفة المسألة من كلّ جوانبها‏ تفتح البصيرة (الفهم والإدراك) ممّا يُبطئ الغضب.

 

ويحثّنا على تجنّب المجادلات بقوله: ‏"بدء النزاع كتفجّر المياه.‏ فانصرف قبل انفجار الخصومة" (أمثال 17: 14).‏ وعلى عدم التهوّر لأنّ "المقدرة التفكيرية تحرسك،‏ والتمييز يصونك" (أمثال 2: 11).

 

عودة إلى الصحة النفسية أي المرونة في التعامل مع الظروف اليوميّة العاديّة. يُقال: "العقل السليم في الجسم السليم". لكن لا تكتمل صحتنا من غير الصحة النفسيّة، لأنّها جزء لا يتجزّأ من الصحة. وينصّ دستور منظمة الصحة العالمية على أنّ: "الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا، لا مجرّد انعدام المرض". كما أنّ الصحة النفسية ليست مجرّد انعدام الاضطرابات النفسيّة.

 

والصحة النفسية تُمكّن الفرد من استخدام طاقاته وقدراته المتنوّعة للتعامل مع الضغوط اليوميّة، ومن تكريس قدراته الخاصة للتكيّف مع المشقّات العادية. أضف إلى ذلك التفاني في العمل بجدّ وإخلاص وحيويّة والمساهمة الإيجابيّة في المجتمع. وهذا كلّه يُعزّز ثقة الإنسان بنفسه وبالآخرين.

 

تُعَدّ الصحة النفسية ركنًا أساسيًا في توطيد قدراتنا الفردية والجماعية على التفكير والتواصل والتفاعل مع بعضنا، وكسب لقمة العيش وكذلك التمتّع بالنشاطات والأعمال اليوميّة وأيضًا التمتع بالحياة، والشعور بالفرح مع كلّ إنجاز. ومن هذا المنطلق هناك استراتيجيّات مُشتركة بين المجتمعات لتعزيز الصحة النفسية وحمايتها في جميع أنحاء العالم.

 

العوامل المؤدية إلى الإضطرابات النفسيّة

 

من المخاطر التي تحدق بالصحة النفسية للأفراد (والمجتمعات) الظروف الاقتصادية الصعبة والفقر وانخفاض مستوى التعليم. وهذه كلّها عوامل تؤدّي إلى ضغوط نفسية وقلق، وإلى تدنّي مستوى صحة الفرد النفسية، ومن ثمّ تتحوّل إلى اضطرابات نفسيّة في مرحلة من مراحل الحياة...

 

كما أنّ هناك عوامل نفسية لها صلة بشخصية الفرد تجعل الناس عرضة للإضطرابات النفسية. ويتدنّى مستوى الصحة النفسية لدى تعرّض المرء للمرض أولأنماط حياة غير صحية أو لقيامه بأعمال مضنية أو لمواجهته العنف أو التمييز أو لانتهاك حقوقه كإنسان.  ومن الجدير بالذكر انّ العوامل البيولوجية مثل العوامل الجينية واختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ التي بسببها يتعرّض الناس للإضطرابات النفسية.

 

تعزيز الصحة النفسية

 

يتطلّب اتخاذ إجراءات تسعى إلى تهيئة ظروف معيشية وبيئة مناسبة لدعم الصحة النفسية ولتمكين الناس من اعتماد أنماط حياة صحية والحفاظ عليها. والبيئة المناسبة تعني حماية العوامل الأساسية لتعزيز الصحة النفسية وتشمل الحقوق الاجتماعية والمدنية والاقتصادية والثقافية والسياسية. 

 

تدعم منظمة الصحة العالمية الحكومات في بلوغ الهدف المتمثل في تحسين الصحة النفسية وتعزيزها، وقد قامت بتقييم البيّنات المتعلقة بتعزيز الصحة النفسية، وتعمل مع الحكومات من أجل نشر هذه المعلومات ودمج استراتيجيات فعّالة في السياسات والخطط.

 

كما وقرّرت منظمة الصحة العالمية انتهاج أسلوب جديد هذا العام في الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية ، حيث ترفع شعار «الرعاية الصحية النفسية للجميع»، وذلك انطلاقاً من تأثير ازمة فيروس كورونا على جميع سكان الأرض. وفي أيار 2021 أقرّت الحكومات بالحاجة إلى الارتقاء بنوعيّة خدمات الصحة النفسية. كما أن بعض البلدان ابتكرت بالفعل سبلاً جديدة لتقديم رعاية الصحة النفسية لسكّانها. واضافت :«سنقدّم كذلك مواد جديدة سهلة القراءة عن سبل رعاية صحتكم النفسية وتقديم الدعم للآخرين أيضاً في هذا المجال، آملين أن تستفيدوا من هذه المواد».

 

 

خاتمة

 

ورد في الكتاب المقدّس: "القلب المسرور يُحسّن الصحة، والروح المنكسرة تُجفّف العظام" (أمثال17: 22). "اتّقِ الربّ وجانب الشرّ فيكون شفاء في جسمك وريّا في عظامك"  (أمثال 3: 7–8).