موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٣ مايو / أيار ٢٠٢١
البطريرك الماروني بشارة الراعي يحتفل بالقداس الإلهي بمناسبة عيد العنصرة
الراعي: ندعو الرئيس المكلف إلى المبادرة وتقديم تشكيلة محدثة نأسف لاستفزاز مشاعر لبنانيين في منطقة تعج بشهداء المعارك مع سوريا

أبونا :

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، القداس الإلهي بمناسبة أحد العنصرة، على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح في بكركي - كابيلا القيامة.

 

ومما جاء في عظة غبطته: "يواصل الرب يسوع هبة الروح القدس للكنيسة ولكل مؤمن ومؤمنة يحبه ويلتزم بحفظ وصاياه. فالروح القدس هو إمتداد لعمل المسيح المعزي والمؤيد ومعلم الحقيقة، عندما كان عائشا على أرضنا. ولذلك سماه برقليطا آخر يقيم مع الكنيسة وفيها وفي العالم إلى الأبد، ليحقق ثمار الفداء النابعة من موت يسوع وقيامته. هذا الروح المعزي يشجع في الضعف، ويهدي في الضياع، ويعزي في الألم والحزن، ويعلم الحقيقة كلها، ويوجه إليها، ويحرر من الضلال والانشقاق".

 

أضاف: "الروح القدس يعمل في داخل الإنسان من خلال مواهبه السبع. بعضها ينير عقلنا والإيمان، وهي الحكمة والمعرفة والفهم، وبعضها يشدد الإرادة والرجاء وهما المشورة والقوة، وبعضها يملأ القلب ويذكي المحبة وهما التقوى ومخافة الله. بحسب رواية كتاب أعمال الرسل (الفصل 2)، عندما حل الروح القدس على الرسل ومريم أم يسوع وآخرين من الكنيسة الناشئة، رافقت الحدث عناصر هي رموز تدل على عمل الروح القدس في داخل كل مؤمن ومؤمنة. هذه العناصر أربعة: الريح العاصف يدل على ريح الروح القدس الداخلي الذي يهز كيان الإنسان ويجتذبه إلى الله. الألسنة من نار تعني كلام الله. الروح القدس يكلمنا بكلام الله، ويعلمنا الحقيقة ويحرق فينا كل كذب وضلال ونفاق. اللغات المتعددة ترمز إلى لغة الروح القدس الواحدة التي يفهمها الجميع، وهي لغة المحبة. هذا ما جعل جميع الشعوب الحاضرين يفهمون كلام الرسل كلا بلغته. الجماهير التي تجمعت هي رمز للكنيسة الجامعة التي تخاطب جميع الشعوب بثقافة الإنجيل".

 

تابع: "على المستوى الوطني، لم نكن لنتوقع خلاف ما تقرر من موقف في جلسة مجلس النواب بالأمس بشأن مناقشة رسالة فخامة رئيس الجمهورية، وهو الحث على تشكيل حكومة بأسرع ما يمكن، لأن وضع لبنان واللبنانيين على خطورته الشديدة لا يتحمل أي تأخير، ويقتضي تجنب اي كلام يزعزع الثقة ويعرقل المسيرة ويضر بالمصلحة الوطنية. لذلك، لم تعد الأعذار تقنع احدا ولا الذرائع تبرر استمرار تعطيل تأليف الحكومة وكأن التشكيل في إجازة مديدة. هذا جمود قاتل للدولة والمواطن ويجب أن يتوقف. استنزف المسؤولون الدستور حتى جعلوا نصه ضد روحه، وروحه ضد نصه، والاثنين ضد الميثاق. أي دستور يجيز هذا التمادي في عدم تأليف حكومة؟ وأي صلاحيات تسمح بتعليق مؤسسات الوطن؟ وأي مرجع قانوني أو دستوري يبيح التنافس على التعطيل؟ ندعو مباشرة دولة الرئيس المكلف إلى المبادرة، نعم إلى المبادرة، وتقديم تشكيلة محدثة إلى فخامة رئيس الجمهورية في أسرع وقت، والاتفاق معه على الهيكلية والحقائب والأسماء على أساس من معايير حكومة من اختصاصيين غير حزبيين لا يهيمن أي فريق عليها. وإذا لم يتفقا في ما بينهما، فليستخلصا العبر ويتخذا الموقف الشجاع الذي يتيح عملية تأليف جديدة".

 

أضاف: "أسفنا للاشتباك الذي حصل على أتوستراد نهر الكلب بين بعض من اللبنانيين والنازحين السوريين المتوجهين إلى صناديق الاقتراع الرئاسي. وسببه الاستفزاز لمشاعر اللبنانيين في منطقة تعج بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري، وفيما لا يزال ملف المعتقلين في السجون السورية مجهولا. معروف أن لبنان قام بأكثر من واجباته حيال النازحين السوريين وهم شعب شقيق. وتقاسم اللبنانيون وإياهم المسكن والمأكل والمشرب والمدرسة والجامعة والعمل. ليس مقبولا أن يبقى النازحون السوريون هنا بانتظار الحل السياسي الناجز للأزمة السورية. فكما رفضنا ربط أمن لبنان بحرب سوريا، نرفض اليوم ربط مصير لبنان بالحل السياسي فيها. لسنا بلد انتظار نهاية صراعات المنطقة. فلا المنطق ولا تركيبة لبنان التعددية يسمحان بذلك. بقدر ما كان واجب لبنان احتضان النازحين السوريين أثناء الحرب، بات واجب النازحين اليوم أن يعودوا إلى بلادهم، وقد انحسرت الحرب وتوسعت المناطق الآمنة وصاروا مواطنين سوريين عاديين لا نازحين. هذا واجبهم لا تجاه لبنان فقط، بل تجاه وطنهم سوريا أساسا التي تحتاج إلى أبنائها ليعيدوا بناءها ويحافظوا على هويتها الوطنية والعربية".

 

وخلص إلى القول: "دعوتنا هذه لا تنم عن أي روح عدائية، بل عن شعور بالمسؤولية تجاه وطننا لبنان. لم يعد هناك مبرر لبقاء نحو مليون ونصف مليون نازح، ومنافستهم اللبنانيين في كل المناطق على لقمة العيش والعمل والتسبب بجزء من فلتان الأمن والجريمة. وفي هذا الإطار نطالب الدولة السورية أن تتفهم الوضع اللبناني وتفتح جديًا باب العودة الآمنة والكريمة لمواطنيها. ونطالب الدولة اللبنانية، بأن تتخذ الإجراءات العملية لتحقيق هذه العودة الآمنة سريعا، فلا يكفي التصريح بذلك من دون تنفيذ خطة لإعادة النازحين. ونطالب منظمة الأمم المتحدة العمل على إدارة وجودهم في لبنان وإدارة إعادتهم إلى وطنهم سوريا. نرغب حقًا بعيش الأخوة الإنسانية على أساس من العدالة والحقيقة والاحترام المتبادل والسلام في كل أبعاده".