موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في مقابلته العامة مع المؤمنين اليوم الأربعاء ٢٣ تشرين الأول واصل قداسة البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي المتمحور حول الروح القدس. وذكَّر في البداية بأنه قد توقف الأسبوع المنصرم عند إيماننا بالروح القدس والذي تم تثبيته في قانون الإيمان، وأضاف أن تأمل الكنيسة لم يتوقف عند هذا الإعلان القصير بالإيمان بالروح القدس بل قد تواصل سواء في الغرب والشرق على يد الآباء والملافنة. أوضح قداسته بعد ذلك أنه يريد أن نتعرف اليوم على القليل من عقيدة الروح القدس حسب التقليد اللاتيني وذلك لندرك كيف تنير هذه العقيدة الحياة المسيحية بكاملها وبشكل خاص سر الزواج.
وبدأ قداسة البابا الحديث عائدا إلى أول مَن أطلق هذه العقيدة أي القديس أغسطينوس والذي انطلق من الوحي بأن الله محبة (راجع ١يو ٤، ٨). وواصل البابا فرنسيس أن المحبة تعني أن يكون هناك مَن يحِّب ومَن يحّّب، أي شخصان تجمعهما المحبة في حد ذاتها. وفي الثالوث، واصل الأب الأقدس، فإن الآب هو مَن يحب، هو ينبوع كل شيء وبدايته، والابن هو المحبوب، أما الروح القدس فهو المحبة التي توحدهما حسبما كتب القديس أغسطينوس. إله المسيحيين هو إذن إله واحد لكنه ليس وحيدا، فوَحدته هي في شركة المحبة، قال البابا فرنسيس وأضاف أن هناك مَن اقترح من وجهة النظر هذه أن يشار إلى الروح القدس باستخدام لا ضمير الغائب المفرد بل ضمير المتكلم الجمع، ما يعني أن "هو" أي الروح القدس يعني "نحن" الإلهية، "نحن" الآب والابن، أي رباط الوحدة الذي هو مبدأ وحدة الكنيسة والتي هي جسد واحد من أشخاص كثر.
وفي حديثه عن الموضوع الذي اختاره لتعليم اليوم، أي ما يقول الروح القدس للعائلة، بدأ البابا فرنسيس بالتساؤل عما يربط بين الروح القدس والزواج. وأجاب أن هناك رابطا قويا بل الرباط الأساسي ربما. وتابع موضحا سبب هذا فقال إن الزواج المسيحي هو سر هبة الرجل والمرأة الذات واحد للآخر، وهذا ما فكر فيه الخالق حين خلق الإنسان على صورته، ذكرا وأنثى خلقهم (تك ١، ٢٧). الزوجان البشريان هما هكذا التحقيق الأول والأولّي لشركة المحبة التي هي الثالوث.
وتابع الأب الأقدس أن الزوجين أيضا يُفترض أن يشكلا ضمير متكلم جمع، أي نحن، عليهما أن يكونا أحدهما أمام الآخر كأنا وأنت، وأمام العالم، بما في ذلك الأبناء، كنحن. وأضاف قداسته كم هو جميل سماع أم تقول لابنها: أبوك وأنا، وذلك مثلما قالت مريم ليسوع حين عثرا عليه في الهيكل بين العلماء وهو في الثانية عشرة من العمر. وتابع البابا فرنسيس: كم هو جميل أن نسمع أبا يقول أمك وأنا وكأنهما شيء واحد. وأشار قداسته هنا إلى حاجة الأبناء إلى هذه الوحدة بين الوالدين وإلى معانتهم في حال غيابها.
وواصل البابا فرنسيس أنه وللاستجابة لهذه الدعوة يحتاج الزواج إلى معونة ممن هو هبة، بل مَن هو هبة الذات بامتياز، وتابع قداسته أن لا أحد يقول أن هذا هدف سهل، وبشكل خاص في عالم اليوم، ولكن هذه هي حقيقة الأمور حسبما أرادها الخالق. وأضاف البابا فرنسيس أنه قد يبدو من الأسهل والأسرع البناء على الرمل مقارنة بالبناء على الصخر إلا أن المَثل الذي تحدث به يسوع قد عرَّفنا بالنتيجة (راجع متى ٧، ٢٤ـ٢٧). إلا أننا وفي هذه الحالة لسنا في حاجة إلى مَثل، قال قداسة البابا، وذلك لأن تبعات الزواج المبني على الرمل يراها الجميع مع الأسف ويتحمل تبعاتها الأبناء في المقام الأول الذين يتألمون في حال انفصال الوالدين أو غياب محبتهما.
يجب أن يقال حول الكثيرين من المتزوجين ما قالت مريم في عرس قانا الجليل "ليس عندهم خمر" (يو ٢، ٣)، قال البابا فرنسيس وأضاف أن الروح القدس هو مَن يواصل على الصعيد الروحي صنع المعجزة التي صنعها يسوع في تلك المناسبة، أي أن يحول مياه العادة إلى فرح جديد بالكون معا. وأراد الأب الأقدس التشديد على أن هذا ليس وهما فهذا ما صنع الروح القدس في زيجات كثيرة حين قرر المتزوجون التضرع إليه.
وفي ختام تعليمه حول الروح القدس خلال مقابلته العامة مع المؤمنين اليوم الأربعاء ٢٣ تشرين الأول أكتوبر أكد البابا فرنسيس أنه من الجيد، وإلى جانب المعلومات القانونية والنفسية والأخلاقية التي تُقدَّم خلال إعداد المخطوبين للزواج، أن يتم التعمق في هذا الإعداد الروحي. وختم قداسته مذكِّرا بَمثل إيطالي ينصح بعدم إدخال حتى إصبع بين زوج وزوجته، وقال البابا إن هناك إصبعا يتدخل بينهما، إنه إصبع الله: الروح القدس.