موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٤ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٤
البابا يحتفل بالقداس الإلهي على نية الكرادلة والأساقفة الذين توفوا خلال هذا العام

فاتيكان نيوز :

 

ترأس البابا فرنسيس، الاثنين، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس على نية الكرادلة السبعة وأكثر من 120 أساقفًا توفوا خلال هذا العام. وألقى قداسته عظة تمحورت حول الكلمات الأخيرة التي وجهها إلى السيّد المسيح أحد اللصين اللذين صُلبا معه، "أذكرني يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك".

 

وقال: لم يكن من التلاميذ، ولا من الذين تبعوا يسوع على دروب الجليل أو شاركوه الخبز في العشاء الأخير. بل كان رجلًا مجرمًا، شخص التقى به فقط في نهاية حياته؛ شخص لا نعرف حتى اسمه. ولكن آخر أنفاس هذا الغريب تتحوّل في الإنجيل إلى حوار مُفعم بالحقيقة. بينما كان يسوع "يُحصى مع الأثمة"، كما تنبأ إشعياء، ارتفع صوت غير متوقع يقول: "أما نحن فعقابنا عدل، لأننا نلقى ما تستوجِبه أعمالنا. أما هو فلم يعمل سوءًا". هذا صحيح تمامًا. هذا الرجل الذي حُكم عليه بالموت يمثلنا جميعًا، ويمكننا أن نعطيه اسمنا. والأهم، هو أنه يمكننا أن نتبنى دعاءه: "أذكرني يا يسوع". احفظني حيًا في ذاكرتك.

 

تابع: لنتأمل في هذا الفعل: التذكر. التذكر يعني "أن نحمل الشيء في القلب"، أن نعيد وضعه في القلب. وهذا الرجل الذي صُلب مع يسوع يحول ألمه الشديد إلى صلاة: "احملني في قلبك، يا يسوع". وهو لا يطلب ذلك بصوت منازع منكسر، وإنما بنبرة مُفعمة بالرجاء. هذا كل ما يرغب فيه المجرم الذي يموت كتلميذ في آخر لحظة: هو يبحث عن قلب مضياف. هذا هو كل ما يهم بالنسبة له، الآن، وهو عارٍ أمام الموت. وقد سمع الرب صلاة الخاطئ، حتى النهاية، كما يفعل دائمًا. وإذ اخترقه الألم، انفتح قلب المسيح لكي يخلِّص العالم: وقبل، بينما كان يحتضر، صوت من كان يموت. إنَّ يسوع يموت معنا، لأنه يموت من أجلنا.

 

أضاف: وعلى نداء المصلوب المذنب يجيب المصلوب البريء: "الحق أقول لك: ستكون اليوم معي في الفردوس". إنَّ تذكر يسوع هو فعال، لأنه غني بالرحمة. وبينما تتلاشى حياة الإنسان، تطلق محبة الله الحرية من الموت. عندها افتُدي الذي حُكم عليه بالموت؛ وأصبح الغريب رفيقًا؛ لقاء قصير على الصليب سيدوم إلى الأبد في السلام. لقد تذكر يسوع ذلك الذي صُلب بجانبه. وعنايته، حتى النفس الأخير، تجعلنا نتأمل: هناك طرق مختلفة لكي نتذكر الأشخاص والأشياء. يمكننا أن نتذكر المظالم، وأن نتذكر الحسابات العالقة، وأن نتذكر الأصدقاء والخصوم. كيف يتواجد الأشخاص في قلوبنا؟ كيف نتذكر الذين يمرّون بقربنا في أحداث الحياة؟

 

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: أيها الإخوة الأعزاء، من خلال التوجه إلى قلب الله، يمكن للبشر في كل زمان أن يرجوا الخلاص، حتى وإن "بدا في أعين الجهال أنهم ماتوا". إن ذكرى الرب تحفظ في الواقع التاريخ بأسره: لأنه ديَّانه الشفوق والغني بالمراحم. بهذا الإيمان، نصلي من أجل الكرادلة والأساقفة الذين توفوا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. واليوم يصبح تذكرنا شفاعة لهؤلاء الإخوة، الأعضاء المختارون من شعب الله، الذين اعتمدوا في موت المسيح، لكي يقوموا معه. كانوا رعاةً ونماذج لقطيع الرب: فليجلسوا الآن على مائدته، بعد أن كسروا على الأرض خبز الحياة. لقد أحبوا الكنيسة، لنصلِّ لكي ينالوا الفرح الأبدي في صحبة القديسين. منتظرين برجاء ثابت، أن نفرح معهم في الفردوس. اذكرنا يا يسوع!